Site icon IMLebanon

المرأة العربية تتجه غرباً بحثاً عن النجاح

Reem-Acra-Fragrance
هل هناك طريق واحد فقط أمام المرأة في الشرق الأوسط لتحقيق النجاح؟ وهل عليها أن تتجه إلى الغرب؟

حققت سيدات الأعمال الرائدات في الشرق الأوسط، خلال العقدين الماضيين، نجاحات باهرة خارج تلك المنطقة التي غالباً ما يسود فيها التسلط الأبوي. ومن بينهن زها حديد، وهي بريطانية من أصل عراقي، وأول امرأة تحصل على جائزة “بريتزكر” المرموقة في الهندسة المعمارية، وكذلك ريم عكرا، مصممة الأزياء المشهورة، وهي أمريكية من أصل لبناني.

ومن خلال إدارة أعمالهما من خارج منطقة الشرق الأوسط، توافرت لدى السيدتين فرصة اقتصادية أعظم، لكنهما لا تزالان تواجهان تحديات مختلفة مقارنة بما تلاقيه المرأة الغربية.

بعض الصعوبات هي نفسها التي تواجه المرأة في كل مكان، مثل السقف غير المنظور الذي يمنع العديد من النساء من الترقي في السلم الإداري. إلا أن النساء الوافدات يواجهن أيضاً تحديات أخرى منبعها مجتمع المهاجرين، وأحياناً تحديات تتعلق بالانجذاب إلى الوطن.

يقوم “مجلس المرأة العربية الأمريكية للشؤون التجارية” بتدريب النساء العربيات الأمريكيات على توسيع علاقاتهن في مجال التجارة والأعمال، إضافة إلى مهارات التفاوض على الصفقات، وبعض المهام الأخرى.

تقول رينيه آهي، المديرة التنفيذية للمجلس: “تتيح السوق الأوسع مزيدا من الفرص، إعتماداً على ما تريد (المرأة) أن تقوم به. لكنها كمهاجرة، عليها أن تتغلب على عقبات مختلفة.”

وتبدأ تلك الصعوبات في البيت، قبل أن تنتقل المرأة إلى خارج وطنها. تقول آهي: “لا تُشجع العائلات أبدا نساءها على الدخول في عالم التجارة والأعمال، لكن الأبناء يحصلون على كل الدعم المتوفر.”

وبالنسبة للمرأة الشرق أوسطية، من الرعيل الأول أو الثاني من المهاجرين، تعتبر هذه المسألة موضوعاً ملحاً بشكل خاص.

تأمل النساء اللاتي هاجرن واكتسبن ثرواتهن خارج أوطانهن في أن يمهدن الطريق لغيرهن من النساء الشابات من الشرق الأوسط، سواء كنّ في الوطن أو خارجه. ومع أنهن لا يعشن ضمن مجتمعهن الذي أتين منه، لكن وجود نساء مهنيات بارزات من الشرق الأوسط “يرفع من معنويات البقية”، حسب قول آهي. وفيما يلي بعض القصص من حياتهن.

التوجّه نحو عالم الأزياء

انتقلت ريم عكرا، في خضم الحرب الأهلية في بلدها، إلى نيويورك في عام 1983، وكانت في عقدها الثاني بعد تخرجها في الجامعة في بيروت. وبدعم من عائلتها، نجحت عكرا في أصعب المشاريع في واحدة من أصعب المدن – عالم الأزياء في نيويورك- وظلت هناك منذ ذلك الحين.

ربما كان أمراً شبه مستحيل أن تصل إلى ما وصلت إليه من نجاحات في لبنان، إلا أن تجربتها في نيويورك لم تكن نزهة تماماً. تقول عكرا: “ليست نيويورك مكاناً سهلاً. المنافسة فيها على أشُدِّها.”

في فترة وصول عكرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت النساء البارزات في ذلك المجال قليلات. ووجدت أن عليها أن تعمل بجهد مضاعف مقارنة بعمل أقرانها من الذكور لتبرهن على نجاحها.

واليوم، يمكننا أن نرصد بشكل منتظم أزياءها التي تلبسها نجمات هوليوود وهنّ يمشين على السجاد الأحمر، من أمثال أنجلينا جولي، و إيفا لونغوريا، وجينيفر لوبيز.

دارت الأيام منذ سنين التحدي الأولى، كما تقول عكرا. إنها ترى الكثيرات من الشابات اللبنانيات وهنّ يؤخرن الزواج حتى يحققن النجاح في مجال عملهن.

فتدرس بعضهن في كليات نيويورك، أو غيرها من دول الغرب. وكان نادرا أن ترى هذا الأمر قبل 10 سنوات. وتعتقد عكرا أن سبب ذلك يعود جزئياً إلى انفتاحهن، ودعم عائلاتهن لسفرهن خارج الوطن بحثاً عن النجاح والتفوق.

بعيداً عن العراق

استطاعت المعمارية البريطانية من أصول عراقية زها حديد بناء مسيرتها المهنية الناجحة في مجال الهندسة المعمارية. وقد ولدت في بغداد عام 1950، وأسست شركتها الخاصة عام 1980، بعد تخرجها في الجامعة.

وتشمل أعمالها، ذات الطابع المستقبلي، مركز الرياضات المائية لأولمبياد لندن عام 2012، ومركز الفنون المعاصرة في مدينة سينسيناتي بالولايات المتحدة الأمريكية، وجسر “بافيليون” في مدينة سرقسطة بإسبانيا.

ولديها أيضا مشروعان قيد الإنشاء في وطنها الأم، العراق. وقبل سنتين، انتقد البعض تصميمها لملعب كرة القدم المعد لمباريات كأس العالم بقطر 2022، وقالوا إنه يشبه جزءا من الجهاز التناسلي الأنثوي، وهو ما رفضته من الأساس، واعتبرته أيضا تمييزاً ضدها لكونها امرأة.

وتقول حديد إن التحديات التي واجهتها لبناء مسيرتها المهنية كسيدة من الشرق الأوسط كانت استثنائية.

وتضيف: “لم يكن العمل مصدرا لأكبر الصعوبات التي واجهتها، بل كان ذلك لكوني إمرأة، أو لكوني عربية، أو في الواقع لأنني ’إمرأة عربية‘.”

وقالت: “تعملين بجهد لتتغلبين على إحداها، ثم تظهر واحدة أخرى. فعند قبولي كأنثى، تصبح عروبتي على ما يبدو هي المشكلة.”

وتقول حديد إنه يصعب الإشارة إلى التعصب على وجه التحديد، إلا أن هناك حادثة واحدة تتميز عن غيرها. وتتذكر أنه عندما فازت بمسابقة لتصميم دار أوبرا خليج كارديف قبل 20 عاما، أثير الكثير من الجدل حول فوزها لأنه قيل إنها أجنبية. بعدها سُحبت منها الجائزة، ثم فازت بها الشركة مرة أخرى، لكن المشروع ألغي في النهاية.

وخلال تسعينيات القرن الماضي أيضاً، أجرت شركتها الكثير من التصميمات، واحداً تلو الآخر، دون أن تفوز بأي شيء. ومع ذلك، حسبما تقول، أدت تلك التجربة إلى “إعادة دراسة الأمور بمنهجية، مما نتج عنه تلك المشاريع الرائعة التي نصممها اليوم”.

وكما تقول، خلال معظم مسيرتها المهنية لم تعتبر نفسها مثالاً يُحتذى به. ولكن في السنين الأخيرة، كما تقول: “أدركت حساسية اعترافي بحقيقة مقدرتي على التأثير على الأخريات. لذا، أعتقد أن من المهم أن أقدر – وبكل تواضع- على مساعدة غيري من النساء كي يتملّكن الشجاعة والعزم لتحقيق طموحاتهن.”

كانت حديد أول امرأة على الإطلاق تفوز بجائزة “بريتزكر المعمارية” المرموقة، عام 2004. حتى مع نجاحاتها التي حققتها حتى الآن، فلا زالت تواجه مقاومة.

وتقول: “أعتقد أن ذلك يدفع إلى مواصلة الطريق. إذ لا يوافق الجميع على تصاميمي بمجرد ظهوري هنا أو هناك – فلا يزال الصراع قائماً، على الرغم من مرورنا بمثل هذه التجارب مئات المرات. والآن، قد تخطيت هذا الحاجز، لكن ذلك كان على الدوام صراعاً طويل الأمد.”

المرأة والتكنولوجيا

أسست “رشا خوري”، وهي لبنانية من أصول فلسطينية، موقعاً على الإنترنت لتسوّق الأزياء الفاخرة، يحمل اسم “ديا ديوان” (لا يعمل الموقع حالياً تمهيدا للخطة التالية التي تضعها خوري للشركة).

يجتمع في تلك الشركة عدد قليل من النساء الرائدات في مجال العمل بتكنولوجيا المعلومات، واللاتي استقرين في دول الغرب خلال السنوات القليلة الماضية– والسبب الرئيسي في ذلك هو وجود فرص أفضل في التجارة والأعمال.

كانت تعيش خوري سابقاً في بيروت ودبي ولندن. أما الآن، فهي تعمل استشارية وتقيم في بريطانيا. وترى أن موقعها جيد للقيام بالتجارة والأعمال في الغرب، وهو في نفس الوقت قريب من الشرق الأوسط.

كما استفادت خوري من شبكة الدعم القوية للرواد في مجال المال والأعمال، إضافة إلى دعم خاص من النساء الرائدات. وتقول خوري إن ثقافة تقديم العون هذه ليست مترسخة في الشرق الأوسط، مثلما هو الحال هنا.

وتضيف: “تتاح لي فرصة الاتصال بالأشخاص القدوة والمرشدين الذين يزودونني بالدعم والتشجيع وتطوير الأفكار والتركيز على العمل.”

وتعتقد خوري أن تأسيس شركة أو مشروع وإدارته أسهل بكثير في بريطانيا. إذ ينطوي تأسيس شركة أو مشروع في الشرق الأوسط على صعوبات كثيرة، من بينها ضعف البنية التحتية– بما في ذلك خدمة الإنترنت البطيئة والباهظة الثمن، والافتقار إلى رأس المال، وعدم الاستقرار السياسي.

أسست جيسيكا سمعان، وهي لبنانية، شركتها “ذا باشن كومباني” لتوفير أدوات لتطوير أفكار المشروعات في سان فرانسيسكو عام 2014. كان ذلك يعني أنها وسط بيئة مزدهرة وسوق مستقرة. مع ذلك، ستكون لبنان جزءا من خططها المستقبلية الرامية إلى لتوسع.

تقول سمعان: “أصرّح على الدوام بأني امرأة عربية رائدة في مجال التجارة والأعمال. نحمل على عاتقنا دوماً مسؤولية أكبر منّا كي نلهم نساءً أكثر لاتخاذ مثل تلك الخطوة. عليكِ أن تكوني واثقة بنفسكِ بما يكفي لإنجاز ما تريدين. هناك الكثير من ضغوط المجتمع، إلا أن الخيار بيديك كي لا تستجيبي لها.”

وتقول أيضا إنها تريد إيجاد وسيلة لنشر قصة نجاحها حتى تصل إلى نساء أخريات في وطنها الأم.

وتقول: “أخطط لنشر مكاتب في الشرق الأوسط بهدف تشجيع النساء كي ينطلقن ويحققن ما يتطلعن إليه.”