Site icon IMLebanon

الترقب والحذر خير نهج‮ ‬يلتزم به الاحتياطي‮ ‬الفدرالي

JanetYellenFederalReserve2
عندما‮ ‬يغيب اليقين الكلي‮ ‬حول قضية ما فخير الخيارات الانتظار والترقب. وهذا كان حال لجنة الأسواق المفتوحة في‮ ‬الاحتياطي‮ ‬الفدرالي‮ ‬خلال دورة انعقادها الأخيرة، حيث أدركت وجود منغصات من نوع ما في‮ ‬أداء الاقتصاد الأمريكي‮ ‬منعتها من اتخاذ موقف حاسم من توقيت رفع أسعار الفائدة‮.‬
وقد‮ ‬يكون من الصواب أن تتخذ اللجنة هذا الموقف الحذر بدلاً من أن تسارع إلى التجاوب مع تحليلات وتوقعات مستفيضة تدفعها للتشدد في‮ ‬سياستها النقدية. فكل البيانات التي‮ ‬صدرت مؤخراً عن الاقتصاد الأمريكي‮ ‬توحي‮ ‬بمرحلة تحول لم‮ ‬يحد الاحتياطي‮ ‬الفدرالي‮ ‬عن الالتزام بمقتضياتها. ومع ظهور مؤشرات ضعيفة على ارتفاع نسبة التضخم ونسبة النمو لدرجة تخرجهما عن السيطرة كان من الحصافة أن تلتزم اللجنة الترقب انتظارا لمزيد من البيانات‮.‬
لقد كشف الاقتصاد الأمريكي‮ ‬وسوق العمل أيضاً عن ضعف في‮ ‬الأداء لا‮ ‬يقبل الشك منذ بداية العام. فالنمو في‮ ‬الربع الأول لم‮ ‬يتجاوز0‭.‬2٪‮ ‬ كما أن تقرير الوظائف لشهر مارس‮/‏آذار خيب كل الآمال‮.‬
ويمكن القول إن جزءاً من الصورة على الأقل لا‮ ‬يعدو كونه نتيجة لعوامل عارضة أهمها شتاء سيئ للغاية وإضراب عمال موانئ الساحل الغربي‮ ‬وتدني‮ ‬الاستثمارات الخارجية في‮ ‬قطاع النفط بسبب تراجع أسعاره. ويعاني‮ ‬الاقتصاد الأمريكي‮ ‬في‮ ‬واقع الأمر تشدداً في‮ ‬السياسة النقدية فرضه الدولار القوي‮ ‬الذي‮ ‬أظهر مؤخراً ميلاً للتراجع. ولا بد هنا من الإقرار بأنه رغم كل تلك العوامل حقق الاقتصاد نمواً جيداً‮.‬
وليس هنالك ما‮ ‬يستدعي‮ ‬رفع أسعار الفائدة على عجل بعد عشر سنين من الفائدة الصفرية. فمعدلات التضخم لا تزال تحت السيطرة وأفق الناتج الكلي‮ ‬للاقتصاد الأمريكي‮ ‬غير مستقر، فضلاً عن هشاشة معدلات نمو اقتصادات العالم الرئيسية المحبطة‮.‬
ويعكس قرار البنك المركزي‮ ‬السويدي‮ ‬بتوسيع دائرة برنامج التيسر الكمي‮ ‬ليشمل نسبة‮٪ ‬15‮ ‬من الديون السيادية‮، الرعونة التي‮ ‬تعتري‮ ‬خطوات التشدد في‮ ‬السياسة النقدية على عجل. وجاءت خطوة البنك السويدي‮ ‬بعد خفض نسب الفائدة على القروض التبادلية للمصارف إلى‮٪ -‬0‭.‬25‮ ‬ وهي‮ ‬أدنى نسبة في‮ ‬العالم، كما أنها مرشحة للتكرار في‮ ‬ظل ضغوط الانكماش التي‮ ‬يعانيها الاقتصاد. وربما كان البنك السويدي‮ ‬في‮ ‬غنى عن هذا التسهيل المفرط لولا أنه رفع أسعار الفائدة كخطوة استباقية خلال عامي‮ 0102‮ ‬و‮1102،‮ ‬وفشل في‮ ‬إعادة الأمور إلى نصابها على جناح السرعة عندما هبطت معدلات التضخم إلى ما دون الحد المستهدف‮.‬
وتوفر السويد أيضاً مثالاً للحذر إزاء ما‮ ‬يعرف باسم‮ «‬التوجيه المستقبلي‮» ‬وهو البناء على توقعات المستثمرين ومحاولة إدارة تلك التوقعات عبر تغيير السياسة النقدية‮. ‬ورغم أنه اعتبر من أكثر صناع السياسات النقدية في‮ ‬العلم شفافية إبان الأزمة المالية العالمية‮، أصبح البنك المركزي‮ ‬السويدي اليوم البنك الأكثر ارتباكاً. ولا شك أن نهج الاحتياطي‮ ‬الفدرالي‮ ‬الحالي‮ ‬الذي‮ ‬يقوم على تجنب الرهان على الثروات الوافدة والالتزام بما تمليه عليه البيانات الاقتصادية من خطوات هو النهج الأكثر حكمة‮.‬
وترجح أوساط أسواق المال شهر سبتمبر/‏أيلول موعداً لرفع أسعار الفائدة الأمريكية على الموعد السابق الذي‮ ‬كان الرهان منصباً عليه في‮ ‬شهر‮ ‬يونيو/‏حزيران‮. ‬ويبدو هذا الرهان صحيحاً ذلك أن بضعة أشهر إضافية تعني‮ ‬مزيداً من التقارير الاقتصادية، وبالتالي‮ ‬مزيداً من الوضوح في‮ ‬الصورة‮ ‬يفيد في‮ ‬تحديد ما إذا كان وهن الأداء الاقتصادي‮ ‬عابراً أم مستديماً. لكن عندما‮ ‬يحين وقت القرار‮ ‬ينبغي‮ ‬على الاحتياطي‮ ‬الفدرالي‮ ‬أن‮ ‬يستمر في‮ ‬الاسترشاد بما‮ ‬يحققه الاقتصاد من نمو وليس استناداً إلى خطط أو قرارات مسبقة لسحب التيسر الكمي‮.‬