غدا من الشائع والمعروف أن الثورة الرقمية غيّرت الكثير من أنماط التعامل في العالم الذي نعيش فيه. وغزت التكنولوجيا الرقمية مختلف المجالات، خاصّة على صعيد العمليات المالية في البنوك والصفقات التجارية وغيرها من النشاطات. وعلى الصعيد المالي بالتحديد برز ما تُطلق عليه تسمية «العملة الخفيّة، البديلة».
و«عصر العملة الخفية» هو بالتحديد عنوان كتاب الصحافيين الأميركيين «بول فينغا» و«مايكل ج. كيزي»، الاختصاصيين في مجال المال لدى «وول ستريت جورنال». وهما يقدّمان فيه نوعا من التحقيق الصحافي الطويل والمعمّق حول تاريخية العملة الافتراضية «بيتكون» وحول بدائلها الرقمية والاستخدامات التي ترتبت على تلك التكنولوجية التي شكّلت «قطيعة» حقيقية في تاريخ النقد و«سيكون لها آثارها الكبيرة على الصعيد العام والشامل للمجتمعات المعنيّة بها».
والإشارة أن هناك العديد من الأصوات في عالم المال والاقتصاد ترى أن «العملة الرقمية يمكن أن تحرر الإنسانية من طغيان البنوك ومن العملة الورقية التي تصدرها الحكومات». لكن هناك بالمقابل العديد من الأصوات الأخرى التي ترى فيها «أحد أشكال التشويش الجديدة ذات المنشأ التكنولوجي». هذا خاصّة إذا كان صانعها هو «تقني برمجيات مجهول» مثل «مخترع البيتكون».
الملاحظة الأولى التي يتم التأكيد عليها هو أن عددا قليلا من البشر اليوم يعرفون الشيء الكثير عن ظاهرة الـ«بيتكون». يشير المؤلفان أن وراء هذه الظاهرة التي برزت عام 2008 شخصا واحدا أعطى لنفسه اسما مستعارا هو «ساتوشي ناكاموتو» الذي بقي شخصيّة مبهمة لم يتم التعرّف على هويته بالدقّة. ما هو معروف هو إعلانه منذ البداية أنه يعتزم ان «يصدر 21 مليونبيتكون».
ذلك الشخص العامل في مجال تقنية المعلوماتية توصّل إلى وضع هيكلية كاملة متكاملة لمنظومة التعامل بعملة أطلق عليها تسمية «بيتكون» التي تمّ تبنيها من قبل مجموعة من الذين وجدوا فيها منظومة رائعة رغم إدراكهم أنها أشبه بـ «الخيال العلمي».
يشكّل الكتاب بالدرجة الأولى «دعوة للتأمّل والتفكير»، كما يصرّح المؤلفان، حول مدى التغيير الذي أحدثته الثورة الرقمية في حياة البشر، وخاصّة في آليات عمل المجتمعات الراهنة.