ستتولى مريم بنصالح للمرة الثانية، قيادة رجال الأعمال المغاربة، حيث أكدت أنها ستعمل في الثلاثة أعوام المقبلة على دعم تنافسية الشركات، على اعتبار أن برنامجها الانتخابي يشدد على الابتعاد عن القطاعات التي تقوم على المضاربة.
وقالت حين انتخابها للمرة الثانية رئيسة لرجال الأعمال، إن اهتمامها سينصب على الاستثمار في القطاع الصناعي. وكما في الولاية السابقة، لم يتقدم أحد من أجل منافستها على قيادة رجال الأعمال المغاربة، إذ فازت بما يشبه التزكية برئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يدافع عن مصالح الشركات، وإن كان بعضهم يرى في ذلك الاتحاد “نادي الشركات الكبيرة”، وهو ما نفاه جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على تولي أمر هذه المؤسسة، حيث كانوا يؤكدون أنها تتعاطى مع الشركات جميعا على قدم المساواة.
وتساهم مريم بنصالح، التي سترأس رجال الأعمال إلى نهاية 2018، في إدارة المجموعة العائلية “أولماركوم”، المترامية الأطراف، حيث تنشط في مجال تعبئة المياه المعدنية، صناعة الورق، الزراعة، التأمينات، الطيران، العقارات، الصناعة الغذائية وتجميع الحبوب. فتلك المجموعة التي أسسها والد مريم بنصالح، تعتبر من أقوى المجموعات الاقتصادية في المغرب.
كانت ولايتها الأولى قد تميزت باختبار القوة الذي دخلت فيه مع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، فقد كان رجال الأعمال متوجسين من هذه الحكومة التي يقودها إسلامي، غير أن رجل أعمال أكد لـ “العربي الجديد”، أن “بنكيران كان أكثر ليبرالية وجرأة في التعاطي مع آمال رجال الأعمال”.
وبعد صراع وجفاء، بلغ أوجه، عندما قاطع رجال الأعمال وفدا يضم نظراء لهم من تركيا يقودهم الرئيس الحالي رجب أردوغان، أدرك الجميع أن لا مفر من التقارب، خصوصاً أن رئيس الحكومة أبدى استعداده لتلبية مطالب رجال الأعمال.
وعندما اتخذ بنكيران القرار برفع الدعم عن السولار والبنزين والفيول، توفر لديه هامش مبادرة كي يستجيب لمطلب قديم لم يكف رجال الأعمال عن التعبير عنه، ويتمثل في استرجاع الضريبة على القيمة المضافة، في الوقت نفسه التزمت بنصالح بتقليص آجال أداء مستحقات الشركات الضريبية، لاسيما تلك التي تشارك في الصفقات الحكومية. ذلك ما يمكن أن تعتبره مريم بنصالح من إنجازاتها.
ويرى عدد من رجال الأعمال أن شخصية رئيسة رجال الأعمال، ساهمت في حسم العديد من الملفات الكبرى. ومازال الكثيرون يتذكرون المواجهة التي دخل فيها الاتحاد مع وزير الصناعة والتجارة، مولاي احفيظ العلمي، عندما تعلق الأمر بوضع السياسة الصناعية للمغرب قبل عامين، فقد قادت مريم بنصالح اختبار قوة صامتاً مع الوزير، حيث أرادت أن يكون للاتحاد كلمة في تلك السياسة، بل إنها فاجأت الوزير بإعداد دراسة حول تنافسية الشركات، عشية استعداده للإعلان عن الخطة الجديدة.
أدركت مريم بنصالح أن فتح جبهة مواجهة مع النقابات لم يكن في صالح رجال الأعمال، فاختارت فتح حوار معها، خصوصاَ أن رجال الأعمال يبحثون عن الحصول على قانون ينظم الإضراب وإعادة النظر في القانون المنظم للعمل بهدف خلق مرونة أكثر في سوق العمل. ذلك يعتبره جمال بلحرش، رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية باتحاد رجال الأعمال، المدخل لخلق فرص عمل جديدة، في ظل مستوى البطالة الذي يعرفه المغرب، وتحديداً وسط فئة الشباب.
صحيح أن الاتحادات العمالية تعبر عن مواقف تناقض رجال الأعمال حول كيفية تنظيم الإضراب، غير أن مريم بنصالح، كانت دائما تسعى إلى تفادي الاصطدام بالنقابات، وقد كان لافتا حضور ميلود موخاريف، رئيس أكبر اتحاد عمالي، إلى جانب رجال الأعمال في حفل تتويجها رئيسة للمرة الثانية.
في الوقت ذاته، لم يتدخل الاتحاد في السجال الدائر بين الحكومة والاتحادات العمالية حول الزيادة في الأجور. فقد شارك الاتحاد في الجولات القليلة للحوار الاجتماعي، واكتفى بالتعبير عن تطلعه لقانون إضراب وتعديل مدونة الشغل، ولم يخض في مسألة الأجور.
ولا تزال مريم بنصالح تؤكد على أن الشركات لم تنل شيئا لدعم تنافسيتها. وترى أن الحكومة رفعت تحملات الشركات عبر الزيادة في الحد الأدنى للأجر في العام الماضي. وتشتكي من المنافسة التي تتعرض لها الشركات المغربية، بعد إبرام اتفاقيات تبادل حر أتاحت إغراق السوق المحلية بالواردات، بينما يجد المصدرون المغاربة صعوبات جمة في دخول الأسواق الخارجية، خاصة في ظل عدم توفر عرض تصديري مغربي متنوع.