Site icon IMLebanon

ماذا وراء الاختلالات في بورصة عمّان؟

JordanAmmanStockExchange
زياد الدباس
بين عامي 2005 و2008، كانت بورصة عمّان تحتلّ مرتبة متقدّمة تفوقت على بعض الأسواق الكبرى في المنطقة في العديد من المؤشرات، ومنها حجم التداول اليومي، معدل دوران الأسهم، نسبة قيمة السوق إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، معدل إدراجات الشركات الجديدة، حجم تداول الاستثمار الأجنبي، ونشاط سوقالإصدارات الأولية.
إلا أن هذه المؤشرات بدأت بالتراجع اعتباراً من عام 2009، نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية، وتعمّقت التراجعات والخسائر نتيجة التأثيرات السلبية لأزمات «الربيع العربي»، في أداء الاقتصاد الأردني وأداء القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وتراجع حجم التداول اليومي في سوق عمّان من 38.8 مليون دينار (54.78 مليون دولار) عام 2009 إلى 7.9 مليون دينار حالياً، إضافة إلى انسحاب نحو 30 شركة مساهمة عامة من السوق طوعياً أو قسرياً خلال السنوات الثلاث الماضية. وانخفضت نسبة قيمة السوق إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، من نحو 150 في المئة عام 2009 إلى 83 في المئة عام 2013.
وانخفض مؤشر عمق السوق، وهو قياس لقيم التداولات وأحجامها، نتيجة ضعف التداول لنسبة مهمة من الشركات المدرجة، في تطور يعود إلى العديد من الأسباب، ما جعل الفرص الاستثمارية في السوق محدودة، في ظل خسائر متراكمة لعدد مهم من الشركات المدرجة ولسنوات متتالية، فهبطت أسعار أسهمها في السوق إلى أقل من قيمها الإسمية المحتسبة عند الإدراج.
أما الشركات التي وزّعت أرباحاً نقدية على مساهميها، فقلّ عددها وقيمة توزيعاتها، مقارنة بالتوزيعات القياسية للشركات المدرجة في أسواق المنطقة. يُذكر أن التوزيعات النقدية السنوية للشركات تعطي المستثمرين مؤشرات مهمة إلى متانتها المالية ومقدار ارتفاع سيولتها وأحجام تدفقاتها النقدية، ناهيك عن مساهمة هذه التوزيعات في إقبال عدد كبير من أصحاب الاستثمارات البعيدة الأجل على شراء أسهم الشركات المعنية. ولهذه التوزيعات أهمية، فمن خلالها تُغطَّى النفقات السنوية للمستثمرين.
ويعكس التراجع الكبير في حجم التداولات اليومية، وبالتالي انخفاض السيولة المتوافرة في السوق، مؤشرات سلبية، يأتي في مقدّمها تراجع الثقة وارتفاع الأخطار، مع الأخذ في الاعتبار أن تراجع الثقة وارتفاع الأخطار لا يشجّعان المستثمرين على الاحتفاظ بالأسهم لفترة طويلة، بل على الدخول والخروج السريعين إلى السوق ومنها.
وعلى غرار الأسواق المالية التي تعاني من اختلالات، تستحوذ سيولة المضاربين على حصة مهمة من السيولة اليومية، وتنحسر حصة الاستثمار المؤسسي، ما يعزز الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها السوق في ما يشبه حلقة مفرغة. وليست العوامل النفسية بعيدة من السوق، فهي بدأت تؤدي دوراً لافتاً في حركة السوق وحركة الطلب والعرض، ومن مؤشراتها إحجام المتداولين عن الشراء بسبب الخوف أو عدم وضوح الرؤية. وكثرت في بعض الفترات، عمليات البيع العشوائي للأسهم لأسباب غير منطقية أو موضوعية.
لكن الإحجام عن الشراء يُعتبَر أحد المؤشرات النفسية المهمة للراغبين في استثمارات بعيدة الأجل، خصوصاً ممن يملكون الشجاعة للشراء وقت الأزمات، الأمر الذي يعِد في حال حصوله، بانتعاش في مؤشرات سوق عمّان المالية.