الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لماذا تساوره هذه الرغبة الجامحة في «التقاعد السياسي» وتسليم نجله تيمور:
– هل تعب ويعاني من أوضاع صحية (آلام في الظهر) توجب زياراته الخاصة المتكررة الى الخارج؟
– هل سئم و«قرف» الحياة السياسية في لبنان؟
-هل استنفد أساليبه ومناوراته وأوراقه ونفذت ذخيرته السياسية؟
-هل استشعر أنه بات في وضع مكشوف وأن الانكفاء أفضل وسيلة للحماية؟
-هل هو مدرك لحجم وخطورة المرحلة والتحديات والمشاكل التي تفرض عليه تسليم نجله الزعامة وتفكيك الألغام من طريقه وتوريثه الزعامة وهو على قيد الحياة، فيأخذ التوريث شكل الانتقال السلس للسلطة والزعامة؟
– هل أفرغ جنبلاط كل ما لديه وقال كلمته الأخيرة في شهادته أمام المحكمة الدولية…ومشى؟
بدأ تيمور نجل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ممارسة مهمات الزعامة وحل مكان والده أمس الأول في استقبال الوفود الشعبية في قصر المختارة في حضور الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، والنواب مروان حمادة، نعمة طعمة، فؤاد السعد، علاء الدين ترو، إيلي عون والنائب السابق أيمن شقير.
وكان النائب جنبلاط الذي أعلن أنه ينوي الاستقالة من النيابة هذا الشهر تمهيدا لتسليم تيمور مهمات الزعامة، سافر في زيارة خاصة وطلب من نجله استقبال المراجعين كما كل سبت في قصر المختارة. وكان تيمور بدأ ملازمة والده أثناء لقاءاته الوفود منذ أكثر من سنتين.
واختصر تيمور على صفحته على «فيسبوك» عملية التسلم والتسليم بصور ثلاث جمعت الأجيال الثلاثة، من كمال إلى وليد، ثم تيمور تحت عنوان يقول «دار المختارة كان وسيبقى قصرا للشعب».
كما كتب على صفحته بعد تجربته المنفردة بالتعاطي مع شؤون الناس «لن أتكلم في السياسة اليوم، فهذه الكرسي جلس عليها وليد جنبلاط وكمال جنبلاط من قبلي، وكلاهما ركزا على المراجعات وخدمة الزائرين…المسؤولية كبيرة».
هذه الخطوة التي أطلقت تيمور الى الواجهة السياسية بعد سلسلة لقاءات واجتماعات سياسية وحزبية شارك فيها، والتي سهلت نوعا ما مهمة التواصل المباشر مع المحازبين بهدف توليه لاحقا زمام الأمور السياسية المتصلة بالمختارة، أثارت اهتمام ومتابعة الأوساط السياسية والشعبية وطرحت تساؤلات وتكهنات:
٭ هذا الانتقال التدريجي للتركة الزعامتية لا يعني أبدا أن جنبلاط استقال من مهامه، لا بل تابع تفاصيل اليوم الطويل بكل حذافيره مع نجله ومع المجموعة الحزبية التي أحاطت به… وحصة تيمور في دائرة القرار التي انضم إليها تكاد لا تذكر نظرا للحجم الذي سيتركه وليد جنبلاط لنفسه ويبقيه ضمن صلاحياته.
٭ جنبلاط لن يتقدم بكتاب استقالته من النيابة الى الرئيس بري لتصبح نافذة فور تلاوتها إلا بعد التشاور والتفاهم مع وزير الداخلية على تحديد موعد لإجراء الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر في الشوف.
٭ ثمة مخاوف درزية من التوقيت الذي اختاره جنبلاط لتوريث نجله لأن الظروف السياسية الدقيقة التي يمر بها لبنان ودول المنطقة تتطلب سياسيا قويا متمرسا في السياسة الصعبة، فالوريث لايزال طري العود ويحتاج الى وقت طويل كي يدخل عالمها المحنك.
٭ ثمة من يرى أن جنبلاط أراد وضع الدروز ضمن سياسة جديدة منفتحة بعيدة عن التقلبات التي شهدتها على مدى عقود من الزمن بسبب سيرها وراء خطه بحيث شعر بنفاد المناورات السياسية التي استعملها، وبالتالي أراد خلق طريق جديدة سليمة للدروز من خلال نجله بعيدا عن الزواريب الضيقة التي أوصلتهم الى دروب وعرة في بعض الأحيان. وقد أوصى جنبلاط نجله بالابتعاد عن هفوات اللسان لأن الظروف الصعبة لا تحتمل.
٭ تيمور سيواجه إشكالية الحفاظ على طائفته. فالأوساط الدرزية تعرف جيدا أن المعركة لم تعد محصورة بين الموارنة والدروز بل أصبحت سنية شيعية مع فرض حزب الله إيقاعه على البلد وتقدم السنة أكثر في الحكم. والتحدي الثاني حسب هذه الأوساط الحفاظ على وضعية الدروز في معقلهم أي الشوف، خصوصا بعد الزحف السني في إقليم الخروب والتراجع المسيحي ومحاولة دخول الشيعة على خط مركز الإمارة سابقا.
أما التحدي المناطقي الآخر فيتمثل في قدرة تيمور على مد الجسور والتعامل مع دروز بقية المناطق والحفاظ على تمدد الحزب التقدمي الاشتراكي. وتبقى المهمة الأصعب في قدرة تيمور على مخاطبة دروز سورية الذين لم يتفاعلوا مع دعوات والده الى الانخراط في الثورة السورية. فهل يكمل تيمور من النقطة السورية التي كان والده وصل إليها، أم يعيد صياغة سياسة ومواقف جديدة أقل حدة وأكثر حيادية ولكنه «الحياد السلبي»؟