IMLebanon

المرأة في لبنان تقدم نموذجا رائدا للنجاح في الشرق الأوسط

Hala-Labaki-Shahiya
كان أصحاب موقع “شهية” لوصفات الطعام على الإنترنت، وهو مشروع ناشئ مقره بيروت، يضطرون إلى شرح الهدف من إطلاقه مرة بعد أخرى، وذلك قبل أن يشتريه موقع “كوكباد” الياباني بمبلغ 13,5 مليون دولار في 2014.

كانت هناك حاجة أكثر من المعتاد للاعتماد على المستثمرين، الذين كان أغلبهم من الرجال، لإنجاح ذلك المشروع في البداية. فقد كانوا في حاجة إلى أن يقنعهم أحد بوجود قيمة ما في تمويل شركة تستفيد منها ربات البيوت بشكل أساسي.

تقول هالة لبكي، المديرة التنفيذية للموقع وإحدى المشاركات في تأسيسه، إنها وزملاؤها واجهوا تحديا فيما يتعلق بشرح إدراكهم لقيمة مثل ذلك الموقع.

وتضيف “لم يكن صانعو القرار طباخين، وحتى النساء القليلات منهن (من صاحبات رؤوس الأموال) لم يعرفن شيئا عن الطبخ. لذا، لم يكن أحد يعرف كيفية ربط خيوط الفكرة ببعضها. وبالنسبة للبعض، تعتبر ثقافة الطبخ وتحضير الطعام من صميم عمل النساء فقط. ولذا، تجد نفسك وقد وضعت في إطار محدد.”

تعتقد لبكي أن وجود اثنين من الرجال من بين شركائها في ذلك المشروع لعب دوراً كبيراً في إقناع المستثمرين بتمويله. ويعود السبب في ذلك إلى أن الرجال في الشرق الأوسط يؤخذون على محمل الجد أكثر من النساء عندما يتعلق الأمر بالتجارة والأعمال.

يحكي موقع “شهية” قصة نجاح الشركات التي تقودها النساء في الشرق الأوسط. وقد وصلت القاعدة الأساسية لمستخدمي الموقع حالياً إلى 3.5 مليون “زائر فريد” شهرياً، علما بأن 40 في المئة منهم من المملكة العربية السعودية.

وينشر موقع “شهية” 15 ألف وصفة طعام، مما يجعله أكبر مكتبة رقمية لوصفات الطعام باللغة العربية.

ويعني ذلك الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي النسبي الذي تتمتع به لبنان توفير مزيد من الفرص أمام المرأة، مقارنة بدول أخرى في المنطقة. لكن توسيع نشاط شركة ما في الشرق الأوسط ليس أمرا سهلاً بالمرّة، وخاصة بالنسبة للنساء.

إذ يتوجب على أولئك الذين يحققن النجاح أن يتغلبن على الصعاب والتحديات التي تواجه توسيع شركاتهن في بلدان أخرى ذات طابع محافظ اجتماعياً – وهي خطوة تسبق توسع تلك الشركات على نطاق عالمي.

كما أن عليهن البحث عن تمويل شركات يغلب على إداراتها الذكور الذين ينفرون أحياناً من التعامل مع النساء. كما ينبغي عليهن إيجاد طرق للتأكد من أن زملائهن من الذكور يأخذون التعامل معهن على محمل الجد.

وبإمكان شبكة العلاقات، وليس الابتكار، أوالذكاء، أوالمهارات الفنية، أن تحدد الفرق ما بين النجاح والفشل.

تقول ديما دبوس، مستشارة الإعلام والمساواة بين الجنسين في منظمة اليونسكو في بيروت إن العلاقات الاجتماعية تمثل عاملا أساسيا لتطوير وتوسيع العمل التجاري. لكن يمكن لهذا الأمر أن يشكل تحدياً أيضا.

فغالباً ما تكون النساء، حتى في لبنان، جزءا من أقلية صغيرة في نطاق شركاتهن. ومثل باقي دول العالم، قد لا توجه إليهن الدعوة لحضور نشاطات إجتماعية عارضة خارج نطاق العمل. وحسب قول دبوس، فإن المجموعات القليلة التي تنظم أنشطة المرأة لا تزال ضعيفة التكوين، وليست نشيطة جداً.

تقول دبوس “للرجال هيكلية عمل فاعلة. إنهم يجتمعون خارج أوقات العمل، مما يستبعد النساء تلقائياً من عقد صفقات خلال تلك الأوقات. وبالتالي يوضع ثقل إضافي على المجهود الفردي (بالنسبة للمرأة). ولا أعتقد أن الرجال يقدرون على ذلك وحدهم، فلِمَ ينبغي على المرأة أن تقوم بذلك وحدها؟”

خلف الكواليس

قبل خمس سنوات، إخترعت الشابة هند حبيقة نظارات سباحة بإمكانها قياس معدل ضربات قلب السبّاح، وقدّمت إختراعها هذا في البرنامج التلفزيوني “نجوم العلوم” في الدوحة بقطر. ويعرف عن قطر أنها دولة غنية بمصادر الطاقة، إلا أن المجالات الوليدة في تقنية المعلومات والمشاريع الناشئة أخذت تزدهر حالياً في ذلك البلد.

فحتى في لحظة إعلان فوز حبيقة بالمركز الثالث، لم يبد على الذكور من مضيفي البرنامج أنهم يريدون الظهور معها أمام الكاميرات.

تقول حبيقة “لم يكونوا متحمسين للتحدث معي”، وهي تتذكر كيف أن المضيفين فضلوا أن يتحدثوا مع المتنافسين الذكور أمام الكاميرا بدلاً من التحدث معها لمعظم وقت البرنامج، وقالت “لقد أحسست بالوحدة.”

في حالة حبيقة التي تبلغ من العمر الآن 26 عاما، لعبت حيويتها التي كانت تتمتع بها دوراً لم يكن في صالحها، كما تقول. وتضيف “يميل الناس إلى عدم أخذك على محمل الجد كثيراً عندما تكونين شابة أو امرأة، وخاصة عند النظر إلى الصفتين معاً.”

وتقسّم حبيقة وقتها حالياً ما بين موطنها الأصلي بيروت ومدينة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تطور إنتاجها وشركتها. كما أنها تتعلم الفوارق الدقيقة ما بين إدارة مشروع في الغرب مقارنة بالشرق الأوسط.

وتقول حبيقة ” كان تعلم كيفية التعامل مع الناس أصعب تجربة بالنسبة لي. لم أقم بذلك من قبل مطلقاً. كان من الصعب إيجاد حالة توازن في التعامل مع الناس دون المساس بمشاعرهم. لم يتعود الناس في العالم العربي على تلقي ردود فعل من أناس يصغرونهم سناً.”

إثبات الجدارة

تقيم مايا قرانوح في بيروت، وهي المديرة التنفيذية ومؤسِّسة شركة “تاغ-براندز” للعلامات التجارية، وبالنسبة لها، فإن أصعب الجوانب التي واجهت توسيع شركتها كانت عند إطلاقها قبل 15 سنة خلت.

لم يكن الأمر متعلقاً بكونها امرأة، لكنه كان يخص البنية التحتية الهزيلة في لبنان، والمستوى العام المنخفض لريادة الأعمال في الشرق الأوسط. كانت تلك أكبر التحديات التي واجهتها.

عندما نجحت قرانوح في توسيع مشروعها في بلدان الخليج، بما فيها المملكة العربية السعودية، قبل ثمانِ سنوات، كانت تضع في حسبانها النظرة إلى المرأة في هذه المجتمعات. وغالباً ما تمزح قائلة إن لبس العباءة (التي تلبسها معظم النساء السعوديات) جعلها تفقد إحساسها بالأزياء لبضعة أسابيع.

تقول قرانوح “أنا من دعاة المساواة بين الجنسين، ولكني في نفس الوقت امرأة صاحبة مشروع. لذا، يتوجب عليّ أن أتحرك في إطار اللوائح.” بالنسبة للسعوديين الذين كانت تتعامل معهم، لم يهمّ كونها امرأة ما دام فريق عملها قادراً على إتمام ما هو متفق عليه.

لعل ذلك كان بسبب أنها من خارج البلد؛ ومع ذلك، تبقى المكاسب في المجال المهني بالنسبة للمواطنات السعوديات بطيئة.

تقول قرانوح إنها تقوم بما عليها لدفع عجلة تقدم المرأة في المنطقة إلى الأمام. فهي تعمل جاهدة لتوظيف الأمهات وإعطائهن بساعات عمل مرنة تلائم ظروفهن.

وتضيف “إيجاد توازن بين العمل والحياة الخاصة أو العائلية هو أمر كبير (هنا)” بالنسبة للموظفات.

وتتابع “لكن لي وضعا خاصا؛ لأنه ليس لدي أطفال، ولست متزوجة.”

الدعم المعنوي

تسعى رنا الشميطلي، وهي رائدة أعمال لبنانية أسست مشروعها “المهندس الصغير” عام 2009، وتدير شركتها ورش عمل لإشراك الصغار في مجالات العلوم، إلى توسيع أنشطتها في الغرب، بداية من المملكة المتحدة.

كانت أصعب التحديات التي واجهتها الشميطلي مبكرا، وهي تدير أيضا أعمالا في لبنان، وقطر، وليبيا في الوقت الحالي، تتمثل في أن تجعل موظفيها، وهم خليط من الرجال والنساء، يدعمون قرارها بالتوسع.

وقالت في مقابلة معها أجريت في مطار شيكاغو “حتى وإن إتخذتِ قراراً ما، فإذا كنت امرأة فإنهم يعتقدون أنك لست على صواب. ويحدث ذلك طوال الوقت، وربما يعود ذلك إلى الثقافة، لكننا نستطيع أن نغير ذلك.”

لا يزال الدعم المتوفر للمرأة قليلاً في إدارة المشاريع والأعمال. رغم ذلك، ظهر في السنين الأخيرة عدد من المنظمات المهنية المعنية بدعم المرأة، لكن تلك المنظمات ليست نشطة بما يكفي.

وبرغم ذلك، يدل وجود 35 في المئة من الرواد في مجال تقنية المعلومات في الشرق الأوسط من النساء – مقارنة بنسبة 10 في المئة على النطاق العالمي، وفقا لموقع “ستارت-أب كومباس” لتحليل البيانات – على أن نساء منطقة الشرق الأوسط يحققن نجاحات في مجالات كان يهيمن الرجال عليها بشكل تقليدي.

تقول الشميطلي “لا يتقبل بعض الناس عملية التغيير. لكن كصاحب مشروع أو شركة، لا يمكنك أن تظل في ثابتا في مكانك.”