شهد لبنان سابقة غير اعتيادية من موجة رياح خماسينية لامست معها الحرارة الـ41 درجة مئوية في بيروت، مسجلة بذلك رقماً من النادر تسجيله في هذه الأوقات من السنة. الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، وجَّه الأنظار صوب شركة كهرباء لبنان، إذ عبَّر مواطنون عن خشيتهم من أن يؤدي ذلك إلى زيادة ساعات التقنين، لكن المؤسسة طمأنت إلى أنها ستستمر بالتغذية بالتيار، واكتفت المؤسسة بالاعتماد على التمنيات بأن تكون فترات التقنين قصيرة نسبياً.
في البقاع، ضاق الناس ذرعاً بارتفاع الحرارة، إذ لجأوا إلى برك المياه وما تبقى من مجاري الأنهار والينابيع لتبريد أجسامهم، في ظل معاناة مزمنة سببها التيار الكهربائي الضعيف الذي لا يساعدهم في تشغيل مكيفاتهم وغطاسات آبارهم، الأمر الذي دفع بهم إلى اللجوء لتشغيل مولداتهم الخاصة كما يفعل عادة علي المذبوح من بلدة ماسا في قضاء زحلة. وماسا بلدة يشكو سكانها على الدوام من ضعف التيار الكهربائي التي تمدهم به مؤسسة كهرباء لبنان. وهو تيار متقطع بشكل شبه دائم تسببه الأعطال المتكررة التي تطرأ على شبكات وكابلات مؤسسة كهرباء لبنان، التي لا تحتاج بحسب سكان المنطقة إلى درجة حرارة 40 لتتعرض إلى الأعطال. فالبقاعيون يخبرون قصصا كثيرة حول معاناتهم مع الكهرباء حتى في الأحوال الجوية المعتدلة.
في ظل هذا الواقع، يؤكد احد رؤساء البلديات في البقاع الشرقي على أن الضرر في شبكات الكهرباء التي تتبع مؤسسة كهرباء لبنان هو حتمي، بفعل غياب الصيانة للمنشآت، فلا تعديل على قوة المحولات خصوصا أن بعضها استهلك منذ سنوات، ولم يطرأ أي تعديل على قوته قياسا إلى ارتفاع حجم الاستهلاك والمشتركين، في حين أن الكميات المنتجة لا تزال كما هي دون أي زيادة.
الأعطال في شبكة الكهرباء مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة من عدمه، ذلك أن الحرارة المرتفعة ستزيد من استهلاك التيار بسبب ازدياد استخدام المضخات والغطاسات والمراوح والمكيفات والبرادات والثلاجات، فيما إنتاج معامل مؤسسة كهرباء لبنان لا يكفي لسد النقص، الأمر الذي قد يتسبب بأضرار داخل معامل إنتاج الطاقة بسبب ارتفاع الحرارة.
في المقابل، لم تمنع موجة الحر مؤسسة كهرباء لبنان من استكمال أعمال الصيانة على مجموعات الإنتاج، وفقا لجدولها الموضوع سلفا، لوضعها على الشبكة خلال فترة الصيف.
وتوضح مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، أن الصيانة ستشمل خطوط النقل، والإجراءات على شبكة التوزيع، وذلك بالتعاون مع شركات مقدمي الخدمات، مشيرة إلى أنه خلال فترة الصيف سيكون هناك نحو 1700 ميغاوات على الشبكة، لافتة الانتباه إلى أن زيادة الطلب على الطاقة، ليس فقط بسبب فصل الصيف، بل إن المشكلة الأكبر تتمثل بارتفاع عدد النازحين، وهذا أمر سيؤدي إلى تكريس التقنين، باعتباره الحل الأنجع في ظل غياب الطاقة الإنتاجية الكافية.
لكن المصادر تؤكد أنه، بالرغم من هذا الضغط الكبير على الشبكة، فمجموعات الإنتاج في صور وبعلبك ستكون متروكة للاحتياط، ولن يتم استخدامها إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك، وهذا يندرج في إستراتيجية المؤسسة للحفاظ على استمرار التغذية، وفي الوقت نفسه مواجهة الحر الشديد حتى «لا يكون الصيف حارا كهربائيا»، بحسب المصادر نفسها التي تؤكد أن كل المتوجبات على المؤسسة ستقوم بها، إن لناحية الصيانة على مجموعات الإنتاج أو لناحية الصيانة لخطوط النقل، إضافة إلى تحديث شبكة التوزيع.