Site icon IMLebanon

تقرير صندوق النقد عن لبنان يُثير نقاشات وتساؤلات

Banque-du-Liban-1
استحوذت التوصيات التي خرجت بها بعثة صندوق النقد الدولي عن لبنان، باهتمام ومتابعة من قبل الاوساط الاقتصادية، خصوصا ان هذه التوصيات قابلة للجدل على اعتبار انها تدعو الى زيادة الانفاق والايرادات من خلال فرض ضرائب اضافية جديدة.

أصدرت بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت لبنان خلال الفترة الممتدة من 29 نيسان الى 12 ايار، توصيات تتضمن رسائل رئيسية مفادها ان تأثير الجمود السياسي على الاقتصاد بدأ يتزايد، في موازاة استمرار وجود اللاجئين السوريين، اضافة الى تحديات جديدة تهدد صمود لبنان.

واعتبرت البعثة انه ينبغي على السلطات اللبنانية، على المدى القصير، أن تنظر إلى ما بعد الأثر المؤقت لانخفاض أسعار النفط، وتقدم مزيجا من السياسات التي تؤدي الى انخفاض نسبة الدين العام.

اما على المدى المتوسط، يتطلب الاستقرار الاجتماعي، مزيدا من فرص العمل، النمو المستدام، والذي لا يمكن أن يتحقق من دون الإصلاح الهيكلي، بدءا فورا بقطاع الكهرباء.

واشارت بعثة صندوق النقد الدولي الى ان لبنان يتمتع بسمعة جيّدة في مرونته بالتعامل مع الاحداث، لكنه يواجه الآن بيئة صعبة للغاية تتمثل بوجود النازحين. واعتبرت ان خطة الحكومة اللبنانية للاستجابة لهذه الأزمة ، لا تزال إلى حدّ كبير غير ممولة من قبل الجهات المانحة.
ورأت البعثة ان تجاهل الحاجة إلى تعديلات في السياسة المالية أمر محفوف بالمخاطر ومكلف، وغير عادل.

– محفوف بالمخاطر، لأن الاعتماد على تدفقات الودائع لتمويل الدين العام المتزايد يفاقم من تعرض الاقتصاد لفقدان الثقة. مكلف، لأن أسعار الفائدة سترتفع لا محالة مع المعدلات العالمية.

– غير عادل لان خدمة الدين ستصل إلى نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 40٪ من إجمالي الإنفاق) على المدى المتوسط، مما سيمنع الإنفاق الضروري على الاستثمارات العامة والبرامج الاجتماعية، وسيفيد في المقابل الدائنين.

واعتبرت بعثة الصندوق ان الاستراتيجية المطلوبة في لبنان حاليا يجب ان تحقق توازنا بين زيادة الإيرادات وتغيير منحى الإنفاق.
واعتبر تقرير البعثة ان «هناك مجالا لزيادة الضرائب بطريقة عادلة، من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الامتثال، وضمان أن جميع القطاعات الاقتصادية تتقاسم العبء.

واشارت الى ان الجهود المستمرة التي تبذلها وزارة المالية لتقديم المزيد من الانضباط لجمع الضرائب مشجعة، ولكنها ليست كافية. وينبغي أن تشمل التدابير إدخال ضريبة الأرباح الرأسمالية على المعاملات العقارية، وزيادة الضريبة على إيرادات الفوائد وضريبة الدخل على الشركات.

كما رأت انه يتعين على السلطات اغتنام فرصة انخفاض أسعار النفط لإلغاء إلاعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على وقود الديزل، وزيادة الرسوم على المحروقات. واوصت البعثة بزيادة متواضعة في نسبة الضريبة على القيمة المضافة، بنقطة مئوية واحدة، اضافة الى زيادة الشفافية والانتظام في عمليات تحويل اموال الاتصالات.

في المقابل، أوصت البعثة بتمويل سلسلة الرتب والرواتب في حال الاتفاق على اقرارها، من خلال مصادر إيرادات ذات مصداقية، ودفعها على مراحل ومن دون مفعول رجعي. وينبغي أن تترافق مع خطوات لإصلاح شامل في القطاع العام. كما رأت انه يجب الإنفاق على المشاريع الرأسمالية والبرامج الاجتماعية.

وشدّدت على ضرورة وضع مؤسسة كهرباء لبنان على أسس مالية سليمة، لأنها تستنزف وضع المالية العامة. واعتبرت البعثة ان الخطوة الأولى نحو ترسيخ الثقة، تتمثل بإقرار موازنة العام 2015.

أزعور

في هذا الاطار، شرح وزير المال جهاد أزعور ان توصيات بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان، تفسّر انه لا يمكن زيادة الإنفاق اليوم في حال لم يتم تحسين مستوى الايرادات، لأن عجز المالية لا يتحمّل مزيدا من الارتفاع حيث انه زاد من العام 2011 الى 2015 من 5 % من الناتج المحلي الى 11 % من الناتج المحلي الى حوالي 4,5 مليار دولار.

وفيما اكد لـ«الجمهورية» ان الوقت اليوم غير مناسب بتاتا لزيادة النفقات، اعتبر «اننا ندخل في دوامة من خلال زيادة النفقات ومن ثم الايرادات فالنفقات».

ورأى أزعور انه في ظل هذه المرحلة الاستثنائية الصعبة والانتقالية، يجب ان يكون الهدف الاساسي للسياسة المالية، اي للموازنة، المحافظة على الاستقرار المالي، لأن مجرد فقدان الثقة سيكبّد المالية كلفة عالية جدا، ستترجم بفوائد اعلى وبالتالي بعجز أكبر.

واشار الى ان ايرادات الاتصالات عن العام 2013 والتي تم تحويلها استثنائيا في العام 2014 اظهرت بطريقة غير مباشرة، استقرارا في الوضع المالي، «لكن هذا الاستقرار غير صحيح وظرفي لأنها ايرادات تابعة للعام 2013».

وذكر أزعور ان التوقعات العالمية تشير الى ارتفاع الفوائد على الدولار في مطلع العام 2016 بسبب تغيير السياسة المالية الاميركية، مما سينعكس مباشرة على الفوائد المحلية بالدولار. والتأثير الابرز لذلك هو ارتفاع العجز جراء زيادة خدمة الدين العام بشكل سنوي في ظل نمو اقتصادي غير كاف وفي ظل زيادة حاجات الدولة التمويلية جراء النزوح السوري وارتفاع التوظيف في القطاع العام.

واشار الى ان ارقام موازنة العام 2015 لا تأخذ في الاعتبار، ولا بأي شكل من الاشكال، الاوضاع التي يمر بها لبنان من الناحية الاقتصادية، الاجتماعية والمالية. ورأى ان هناك منحا لرفع الإنفاق في وقت لا تسمح به الاوضاع الامنية، السياسية والاقتصادية في ظل عدم تجاوز النمو الاقتصادي للسنة الخامسة على التوالي، نسبة 2 في المئة، مقابل تجاوز عجز المالية 12 في المئة من الناتج المحلي.