تأمل سوريا في خفض فاتورة وارداتها بفضل محصول وفير متوقع من القمح لكنها تواجه صعوبات في جمعه نظرا للحرب الدائرة في البلاد.
وترغب الحكومة في شراء القمح من المزارعين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة لإثبات سيطرتها وضمان إمدادات وفيرة من الخبز للمواطنين الخاضعين لحكمها رغم تحول كثيرين يتخوفون من تلقي أموال حكومية إلى زراعة محاصيل أخرى مثل العدس.
ويقول مسؤولون وخبراء إن التحدي الرئيسي مع بدء الحصاد في الأسبوعين القادمين يتمثل في مدى القدرة على إغراء المزارعين ببيع محصولهم إلى الحكومة وعلى تأمين نقل المحصول إلى مراكز التجميع في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية. وتسيطر المعارضة المسلحة على أكثر من نصف المناطق المنتجة للقمح في شمال وجنوب البلاد.
وقال موسى نواف العلي المدير العام للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب السورية التي تشتري القمح من المزارعين “نريد شراء الإنتاج بأكمله لهذا الموسم” مضيفا أن السلطات فتحت مراكز جديدة للتجميع وعرضت مزيدا من الحوافز.
وتضرر نظام الدعم السخي في البلاد بعدما دفعت الحرب بعض المزارعين إلى بيع محصولهم بأسعار أقل إلى وسطاء وتجار يقومون بتهريبه إلى العراق وتركيا.
وشهدت محافظة الحسكة ذات الأراضي الزراعية الخصبة في شمال شرق سوريا – حيث يزرع ما لا يقل عن 40 بالمئة من إنتاج البلاد من القمح الذي كان يبلغ نحو أربعة ملايين طن قبل الحرب – تحولا بالفعل إلى زراعة محاصيل أخرى.
وقال مزارع كردي من مدينة القامشلي “يقوم المزارع الذي يخشى من انهيار الدولة بعد أعوام من الحرب بزراعة مزيد من العدس والكمون والكزبرة والحلبة.” وأصبحت مساحات كبيرة من حقول القمح تزرع الآن بتلك المحاصيل الأرخص حيث تدر أرباحا أفضل وتحصد في وقت أقصر.
وجاء سعي الحكومة لخفض فاتورة واردات الطعام المرتفعة بعدما انهارت قدرتها على توفير الغذاء لمواطنيها.
وقال عبد السلام ولد أحمد من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) والمسؤول عن المنطقة “في الوقت الحاضر يعاني 50 بالمئة من المواطنين داخل سوريا من انعدام الأمن الغذائي وهو ما يعني أنهم يحتاجون إلى مساعدات غذائية لتلبية احتياجاتهم اليومية.. كانت النسبة تقل عن خمسة بالمئة قبل الأزمة.”
وأضاف “ستزيد الواردات نظرا لزيادة الاحتياجات وانهيار الإنتاج الذي يبلغ الآن 25 إلى 30 بالمئة من مستواه قبل 25 عاما ولذا فهناك حاجة للواردات.”
وأعلنت الحكومة في وقت سابق هذا الشهر عن زيادة في سعر كيلو القمح الذي تشتريه من المزارعين إلى 61 ليرة (25 سنتا) مقارنة مع 45 ليرة العام الماضي للحصول على مزيد من القمح من المناطق التي تسيطر عليها ومن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
وقال عبد المعين القضماني مدير إنتاج الحبوب بوزارة الزراعة السورية “بالنسبة للكميات التي سيوردها المزارعون للدولة.. فإن العامل المحرك بالطبع هو الأسعار.”
ويقول خبراء زراعيون إن الهطول المبكر للأمطار شجع المزارعين على البدء في زراعة القمح منذ منتصف نوفمبر تشرين الثاني حتى في المناطق القريبة من الاشتباكات ورغم نقص البذور والأسمدة والوقود.
ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج القمح في سوريا ثلاثة ملايين طن على الأقل هذا العام في ظل أفضل موسم لهطول الأمطار خلال عقود.
وأظهرت بيانات حكومية أن محصول القمح بلغ 1.865 مليون طن العام الماضي. وتشكك الفاو في هذا الرقم وتقول إن إنتاج القمح بلغ أدنى مستوى له في 25 عاما.
ومن المتوقع أن يبلغ محصول الشعير في سوريا 1.2 مليون طن مقابل أقل من 800 ألف طن العام الماضي.