برز أمس الاربعاء، اللقاء الذي عقده وفد تكتل “التغيير والإصلاح” مع رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة في مكتبه في بلس، بحضور عدد من أعضاء الكتلة التي وصفت مصادرها اللقاء بأنه كان “طويلاً وصريحاً جداً”، موضحةً لصحيفة “المستقبل” أنّه انتهى إلى وعد من الكتلة بدرس مبادرة عون الرئاسية انطلاقاً من اتفاق الطائف ومن عدم إمكانية تعديل الدستور في المرحلة الراهنة، في مقابل الطلب من تكتل “التغيير والإصلاح” المبادرة بدوره إلى دراسة الطرح الذي كان قد قدّمه الرئيس سعد الحريري منذ سنتين والذي يقضي باعتماد حل متكامل لتطبيق الطائف عبر تجسيد مضامين وثيقة “إعلان بعبدا” في مقدمة الدستور وانتخاب مجلس شيوخ وفق صيغة اللقاء الأرثوذكسي وتطبيق اللامركزية الإدارية واعتماد قانون للانتخابات النيابية وفق الدوائر المصغرة تكريساً لمفهوم العيش المشترك.
وإذ لفت الرئيس السنيورة خلال اللقاء إلى أنّ تصويت كتلة “المستقبل” لصالح أي مرشح رئاسي يجب أن يكون مقروناً بشكل بديهي باقتناع وتفاهم سياسي بينها وبين طروحات ومواقف الشخصية التي ستتبوّأ سدة رئاسة الجمهورية، كشفت المصادر أنّه حين أثار وفد الرابية موضوع مبادرة عون من زاوية “استعادة حقوق المسيحيين” حرص النائب هادي حبيش على لفت انتباه الوفد الزائر إلى كون كتلة “المستقبل” لا تقارب الاختلافات الحاصلة في وجهات النظر حول الملف الرئاسي وغيره من القضايا الوطنية من منطلقات طائفية بل بوصفها اختلافات تتمحور حول قضايا ومقاربات سياسية ووطنية بعيداً عن أي نزعة مذهبية أو طائفية. وفي إطار المصارحة الكاملة التي سادت اللقاء، نقلت المصادر أيضاً عن النائب أمين وهبي تساؤله أمام الوفد العوني عن أسباب عدم قبول تكتل “التغيير والإصلاح” بأي تسوية تفضي إلى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية والإصرار حصراً على انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، في حين أنّ كلاً من موقعي الرئاسة الثانية والثالثة تم التوصل بشأنه إلى تسوية سياسية من خلال توافق وطني أفضى سابقاً إلى انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، ولاحقاً إلى تعيين الرئيس تمام سلام رئيساً لمجلس الوزراء.
بدوره، صرّح النائب آلان عون باسم وفد “التغيير والإصلاح” قائلاً بعد اللقاء: “أهمّ إيجابياته أننا استطعنا إخراج هذه العلاقة من مرحلة رمادية إلى مرحلة وضوح أكثر من ناحية المآخذ والهواجس ومطالب كل من الفريقين، وعلى أساسها اتفقنا على استكمال هذا التواصل”، وأضاف عون رداً على سؤال: “نحن متفقون مع كتلة “المستقبل” على تطبيق الطائف ولا أحد يطلب تغيير الدستور ولا حتى نسف الطائف، لكن مشكلة المسيحيين مع الطائف كانت بطريقة تطبيقه”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “النهار” أنّ اللقاء الذي جمع وفد التكتل مع كتلة “المستقبل” برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة اتسم بأهمية خاصة نظراً الى ما بين الفريقين من مراحل تجاذبات، فضلاً عما يثيره ملف التعيينات الامنية والعسكرية من غموض في أفق هذه العلاقة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التطور الايجابي الذي برز في اللقاء تمثل في اعلان كل من الفريقين انفتاحه على الآخر، ووصفت اوساطهما النقاش الذي حصل بانه اتسم بصراحة كبيرة ومعمقة ومنفتحة. واعتبر النائب آلان عون ان “اهم الايجابيات في هذا اللقاء اننا استطعنا اخراج هذه العلاقة من مرحلة رمادية الى مرحلة اكثر وضوحاً من ناحية المآخذ والهواجس ومطالب كل من الفريقين”. وأكد الاتفاق مع “المستقبل” على تطبيق الطائف “فلا أحد يطلب تغيير الدستور أو نسف الطائف “. كما قال النائب احمد فتفت إن “كتلة المستقبل ستدرس مبادرة العماد عون بعناية” وكشف ان الكتلة طلبت من التكتل “ان يعيد درس ما طرحه الرئيس سعد الحريري منذ سنتين في شأن تجسيد اعلان بعبدا في مقدمة الدستور وعبر انتخاب مجلس شيوخ وفق النظام الارثوذكسي الذي يؤمن لكل الاطراف حريتهم في خياراتهم وكذلك الامر بالنسبة الى اللامركزية الادارية وقانون الانتخاب وفق دوائر مصغرة تكفل الحفاظ على العيش المشترك”.
أمّا صحيفة “اللواء” فكتبت أنّه خارج التصريحات التي أعلنها النائب عون وعضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت الذي شارك في اجتماع بلس، لخصت مصادر نيابية مشاركة لـ”اللواء” ما حصل، فقالت: الإجتماع لم يخرج بنقطة التقاء واحدة، ما خلا قضية التمسك بالطائف، وكرّس انعدام الثقة بين الكتلتين.
وأشارت هذه المصادر إلى مصارحة ومكاشفة تمّت، حيث أكد الرئيس السنيورة أن العماد عون ليس مرشحاً وفاقياً، وبالتالي فهو لم يقدم على أية خطوة تجعله صالحاً للرئاسة، فهو بكل مواقفه وخطاباته يُشكّل طرفاً، ولم يسلّف تيّار المستقبل شيئاً، فلماذا ينتخبه للرئاسة؟ ولا سيّما في ما يتعلق بكل الملفات الحسّاسة من 7 أيار 2008 إلى دعم أداء حزب الله وتدخله في سوريا، إلى المشاركة في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري.
وأضاف الرئيس السنيورة مخاطباً الوفد العوني: إن تمسك العماد عون بمواقفه من انتخابات الرئاسة، يعني أن لا إنتخابات رئاسية في الأفق المنظور.
وذكر نائب في الكتلة الوفد العوني بأنه عندما تعذّر قبول ترشيح الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة تخلف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد استقالته، لم تتمسك كتلة المستقبل برئيس التيار، ووافقت على أن يُشكّل الرئيس تمام سلام الحكومة الحالية لإنقاذ البلد.
وإذ أشار فتفت بعد الاجتماع إلى أن الكتلة ستدرس الاقتراحات العونية، طلب من التكتل العوني إعادة دراسة ما طرحه الرئيس الحريري في مقابلة تلفزيونية له في 31/1/2013، وتتضمن إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الدوائر الصغرى، وإنشاء مجلس للشيوخ يمثل كل الطوائف، وإدراج إعلان بعبدا في مقدمة الدستور، حرصاً على المصلحة الوطنية والسلم الأهلي.
أما المصادر العونية فأوضحت لـ”اللواء” أن الاجتماع اتسم بالصراحة وغابت عنه الاتهامات، مؤكدة أن الوفد تحدث عن أهمية استرجاع حقوق المسيحيين.
ولفتت إلى أن تيّار المستقبل صارح المجتمعين بهواجسه من تغيير اتفاق الطائف، فأتاه الجواب من أن التيار لا يسعى إلى ذلك ولكن هناك آلية في الإمكان اعتمادها.
وقالت إن ما سمعوه من كلام يؤشر إلى أن تيّار المستقبل يريد المحافظة على المشاركة أكثر من موضوع المشاركة في الحكم، كاشفة أن “المستقبل” اعتبر أن التعيين لقائد الجيش هو تعيين سياسي، وأن التكتل عارض هذا الأمر وسأل: هل هذا يعني أنه سيظل “مطية” وسيفعل ما يُطلب منه.
وفهم من المصادر أن “المستقبل” وعد بدراسة نقاط المبادرة بجدية على أن يأتي الجواب عليها لاحقاً.
وختمت: بصراحة لقد شعرنا أنهم واثقون أن ممارساتهم وحدها مهمة وأننا وحدنا من نسير عكس التيار.
وذكرت “اللواء” أنّه إذا كانت زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الرابية اليوم تهدف إلى محاولة فصل قضية اللواء إبراهيم بصبوص مدير عام قوى الأمن الداخلي عن قضية العماد جان قهوجي قائد الجيش، لا سيّما لجهة الفارق الزمني بين انتهاء خدمة كل منهما بعد التمديد الأخير، فإنها في جانب آخر، محاولة لترطيب الأجواء من “النتائج السلبية” التي أسفر عنها اجتماع وفد كتلة المستقبل، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة في بلس، مع الوفد العوني الذي ترأسه النائب آلان عون.
من ناحيتها، ذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّ اللقاء بين “المستقبل” و”التكتل” تميَّز بصراحة مطلقة تخَلّله نقاش بلا قفّازات، وقد شرحَ السنيورة مواقفَه بصراحة مطلقة بعيداً من أيّ مناورة، بل فسَّر الأمور على ما هي عليه.
وجرى نقاش مستفيض لامسَ كلّ المواضيع، لا سيّما قانون الانتخابات والاستحقاق الرئاسي والتعيينات العسكرية والأمنية.
وتحدّثَ الطرفان عن كلّ القضايا والملفات المطروحة وعدّدَ وفد التكتل كافّة مآخذه على “المستقبل” منذ العام 2005 حتى اليوم وطريقة التعاطي معه في سائر الملفات.
بدوره، شرحَ السنيورة لوفدِ “التكتل” مآخذَه السياسية، مؤكّداً أنّه مختلف معه في السياسة، خصوصاً في موضوع “حزب الله”، وهو ما أدّى عملياً إلى عدم تأييد ترشيح عون للرئاسة.
وفي ملف التعيينات العسكرية والأمنية أبدى السنيورة كلّ الاستعداد لمناقشته لكنّه أكّد أنّها تعيينات سياسية ويجب ان تكون جزءاً من package سياسي.
وقال عضو المستقبل النائب امين وهبي لـ”الجمهورية” إنّ اللقاء مع التكتل اتّسَم بصراحة استثنائية وواضحة، وهناك إصرار من الطرفين على فتح أقنية التواصل والحوار، وفي الوقت نفسه تأكيد مشترَك على الحفاظ على السِلم الاهلي. وكان هناك تبايُن في وجهات النظر حول عدد من القضايا، سياسية وغير سياسية، وبالتالي الأجواء كانت جيّدة، وقد انعكس ذلك في تصريحات الطرفين بعد اللقاء.
وكان عضو “التكتل” النائب آلان عون لفتَ بعد اللقاء الى وجود اختلاف على بعض المفاهيم في مواضيع رئاسة الجمهورية والتعيينات الأمنية وقانون الانتخابات، مشيراً إلى أنّ تقريب وجهات النظر يتطلّب المزيدَ من التواصل”. وقال إنّنا “متّفقون على تطبيق الطائف ولا أحد يريد نسفَ الدستور والطائف في هذه اللحظة، فالطائف ينصّ على المناصفة، ونحن نرى أنّها بالممارسة لا تُطبَّق، لا بالانتخابات ولا بالسلطة”.
وفي هذا الاطار، قالت مصادر التكتل إنّ “الاجتماع مع المستقبل تضمن كلاماً صريحاً حول معظم المواضيع، كانتخابات الرئاسة والخلاف حول التمديد للقادة الأمنيين وقانون الانتخابات”. وأضافت أن “أجوبة نواب المستقبل كانت بمعظمها سلبية، وهو أمر متوقع. ولكن جرى التوصل إلى ضرورة إبقاء التواصل قائماً”. وترى المصادر أن المشكلة الأساسية هي “الشروط المستحيلة التي دائماً ما يضعها المستقبل ليقبل بالشراكة في الحكم. يتحول الحوار بيننا إلى حوار طرشان، فخلفية المستقبل هي ألا يتنازل لنا في أي موضوع حتى يبقى فارضاً سيطرته”. وأسفت لأن أجوبة المستقبل “هي دائماً نعم… ولكن، لأنهم يعتبرون أن وقعها على الرأي العام المسيحي أفضل من كلا”.