Site icon IMLebanon

وزارة العمل: بيانات بلا آليات

LaborMinistry2

إيفا الشوفي

مما لا شكّ فيه أنّ البطالة في لبنان ازدادت بعد تدفّق اللاجئين السوريين، على الرغم من عدم وجود أي إحصاء دقيق، إلا أن محاولة النظام الدائمة لتصوير الأمر وكأن البطالة سببها دخول السوريين هي محاولة عنصرية من أجل إبعاد الناس عن المشكلة الاساسية المتمثلة بالسياسات الاقتصادية المتبعة منذ انتهاء الحرب. قبل اللجوء السوري لم يكن وضع البلد الاقتصادي «رائعا» كما يتوهّم بعض اللبنانيين الذين لا يملّون من القاء اللوم على اللاجئين السوريين الذين وضعوهم في «محنة البطالة والفقر».

فتقرير البنك الدولي الصادر عام 2012 تحت عنوان «الحاجة إلى توفير وظائف مناسبة: دور السياسات الاقتصادية الكلية، والاستثمار، والعمل، والتعليم، وسياسات الحماية الاجتماعية»، أُنجز قبل تدفق اللاجئين، وتحديداً بين 1 شباط 2011 و21 نيسان 2011. آنذاك كانت نسبة البطالة تبلغ 11% من القوى العاملة، وقد حذّر البنك الدولي من هذه النسبة باعتبارها مرتفعة جدا. كذلك كان شاب من كل 3 شباب لا يجد عملاً، أي إن نسبة البطالة بين الشباب كانت تبلغ 34%، و14% من حاملي الشهادات الجامعية كانوا عاطلين عن العمل. في تلك الفترة لم يكن هناك لاجئون، كان الجميع يتذمر من البطالة من دون أن يتجرأوا على البوح بأسبابها. اليوم، وجد النظام واللبنانيون الضحية الأنسب لرمي كل مشاكلهم عليها، «السوريون أخدوا كل الشغل».
بيان وزارة العمل الصادر امس يصب في النطاق نفسه، أي الإيحاء بأن اللاجئين هم سبب البطالة. فإحصاءات الوزارة -التي لا نعرف مصدرها- تشير الى ان نسبة البطالة بلغت اليوم 25%، كما انّ «الشكاوى الواردة إلى الوزارة من عمال لبنانيين يطردون من وظائفهم ومن نقابات عمالية تشكو استباحة سوق العمل اللبنانية»، تفرض وجوب الالتزام بقانون العمل وبالأنظمة الاجرائية التي ترعى تنظيم عمل الأجانب.

تجاهر وزارة العمل عالياً بارتفاع نسبة البطالة لدى اللبنانيين الذين طُردوا من أعمالهم لمصلحة السوريين، لكنها لا تعلن أبداً عن حجم الأرباح التي يحققها أصحاب المؤسسات بسبب استغلال العمال اللبنانيين كما السوريين والاجانب الاخرين، الذين يعملون أكثر من 12 ساعة يومياً من دون أن يحصلوا على الحد الأدنى للأجور أو اي ضمانات اجتماعية.
لم تتبنَّ الوزارة اي سياسة ترمي الى خلق فرص عمل إنما اكتفت بدعوة «الشركات والورش والمصارف والمستشفيات والفنادق والمطابع والمعامل والمطاعم والجمعيات وغيرها في لبنان الى الالتزام بقانون العمل وبالأنظمة الاجرائية التي ترعى تنظيم عمل الأجانب في لبنان (السوريون ضمناً)، فلا تتذرع هذه المؤسسات بأسباب واهية وغير جدية، أو ببطاقة الإقامة التي يصدرها الأمن العام، لكي تلتف على القانون وتعفي نفسها بنفسها من طلب إجازات العمل للأجانب العاملين لديها أو للذين ستستقدمهم». وقال البيان ان دوائر وزارة العمل «أمهلت هذه المؤسسات أشهراً عديدة لتشريع وضع العمالة الأجنبية لديها، بناء على طلب وزير العمل سجعان قزي الذي أراد إعطاء هذه المؤسسات الوقت الكافي لترتيب أوضاعها وللتخفيف من إنفاقها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. ولهذه الغاية، عقد الوزير قزي سلسلة اجتماعات مع مختلف قطاعات الانتاج بحضور اختصاصيين من الوزارة لتسهيل إصدار إجازات العمل وتقسيطها زمنياً. أما وقد انقضت مهلة السماح (عدة أشهر)، ولم تبادر مختلف هذه المؤسسات إلى تسوية أوضاع العمالة الأجنبية فيها»، فإن وزارة العمل قررت، بحسب البيان، دعوة هذه المؤسسات، مجددا، إلى ما يلي:
أولاً: إعطاء الأولوية في فرص العمل للبنانيات واللبنانيين حيث بلغت نسبة البطالة في لبنان نحو 25%.
ثانياً: حصر الاستعانة بالعمالة الأجنبية، وهي حق قانوني من شأنه أن يعزز تفاعل الحضارات، بالقطاعات التي تحتاج إلى العاملين الأجانب والخبرات الأجنبية، ولا سيما حين لا تجد المؤسسات حاجتها بين اللبنانيين واللبنانيات. وستكون الوزارة متفهمة لذلك.
ثالثاً: بحكم الأخوة العربية، تتمنى وزارة العمل إيلاء نظرة خاصة للعمال السوريين والفلسطينيين والمصريين والعراقيين والعرب عموماً في إطار القوانين المرعية الإجراء.
رابعاً: وقف تسريح الموظفين والعمال اللبنانيين لتوظيف أجانب (السوريين ضمناً) مكانهم.
خامساً: الإسراع في مهلة لا تتعدى الأسبوعين إلى طلب إجازات عمل للعمال الأجانب واحترام حقوق هؤلاء في الأجر المناسب والتأمينات الصحية وساعات العمل والفرص السنوية.
سادساً: التقدم بطلب هذه الإجازات إلى دوائر وزارة العمل مباشرة من دون المرور بأي وسيط أو مسهِّل معاملات ــــ ما عدا المعتَمد من قبل المؤسسة ــــ حرصاً على الشفافية وتحاشياً للوقوع في فخ السماسرة.
سابعاً: أي تخلف عن الالتزام بقانون العمل سيعرّض المؤسسة المعنية لغرامات ولمساءلة إدارية وقضائية.
ثامناً: أنشأ وزير العمل «خلية طوارئ» في الوزارة للإشراف على حسن تنفيذ هذه المهمة من ناحية التفتيش والتحقيق وتسريع معاملات المؤسسات والناس.
في الواقع، لا يشير بيان الوزارة الى اي اليات لفرض الالتزام بالقوانين المرعية الاجراء، سوى الدعوات المتكررة. ما عدا ذلك، البطالة تزداد والتهمة «العمال السوريين».