سلوى بعلبكي
رغم انعدام الخدمات الحياتيّة التي تعكس الفشل في ادارة البلاد، يتباهى المسؤولون بانجازاتهم وصوابية سياساتهم. ومن النادر أن يعترف وزير ما بالفشل في مهماته أو بوجود “فاسدين” في وزارته أو ادارته، فيما تشير التقارير الدولية الى أن مؤشر الفساد في لبنان بلغ 102 من أصل 180 دولة في العالم (عام 2010)، ومؤشر سهولة الاستثمار في لبنان هو 108 من أصل 183 دولة، ومؤشر الاستثمارات الوافدة نتيجة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة (باستثناء الودائع المصرفيّة) هو صفر، ومؤشر التنافسية هو 92.
وزير المال علي حسن خليل وضع الأصبع على الجرح أخيراً من خلال اعلانه عن بدء خطّة الاصلاح الاداري في وزارته، إذ تحدّث بصراحة عن قلّة الثقة بين المواطن ومسؤولي وموظفي الدولة، كما لمّح الى أن البعض يمارسون ممارسات خاطئة في آدائهم وعملهم الوظيفي في القطاع العام، فضلاً عن استغلال الوظيفة في بعض المواقع.
صراحة خليل لفتت الخبير في الشؤون الضريبيّة جمال القعقور، فاعتبر أنه “شخّص المرض بدقّة وصراحة، وتالياً أصبحت المعالجة أكثر وضوحاً”. أما خطة الاصلاح التي أطلقها، فقد “تضمّنت سياسة تعتمد على الشفافية وتهدف الى التنظيم واعادة الانتظام الى العمل”.
ومع وضوح معالم السياسة العامة لخطّة الاصلاح الاداري في الوزارة التي تضمنت 10 نقاط ايجابيّة ستسهم ايجابا في اداء الخدمة، طالب القعقور وزارة المال بإتخاذ إجراءات ضريبيّة جديدة يتم عبرها تعديل قوانين واجراءات تفصيليّة تركز على زيادة الضريبة المباشرة على الدخل وتشرّع الضريبة التصاعدية. وهذه الإجراءات وفق ما يقول القعقور، تتماشى مع ما أشار اليه وزير المال سابقا عندما أعلن أنّه سيطبّق سياسة الضريبة العادلة والضريبة التصاعديّة على الدخل وليس الانفاق.
واقترح القعقور عددا من الاجراءات والاصلاحات الضريبيّة التي يجب أن تنفذ بالتزامن مع عمليّة الاصلاح الإداري:
– افراج وزارة المال عن مشروع قانون ضريبة الدخل المجمّد بحثه منذ عام 2010 الى الحكومة لاقراره بعد إنجاز التعديلات التي رفعتها نقابة خبراء المحاسبة في لبنان في نهاية 2010، لأن مشروع القانون هذا يصحح الخلل المزمن في وزارة المال وخاصة فيما يتعلّق بالسياسة الضريبيّة التي أهلكت العباد وجمّدت الاستثمارات وحمَت فقط أصحاب رؤوس الأموال.
– معالجة الخلل في السياسة الضريبيّة وتصويب بعض القوانين الضريبيّة كي تتماشى مع السياسات التي تطبّق في معظم الدول الناجحة اقتصاديا والتي تعتمد على مزيج من أنواع الضرائب المباشرة وغير المباشرة على أن تكون حصة الضريبة المباشرة أعلى من الضرائب غير المباشرة. وفي هذا المجال من الممكن ان يتم زيادة الضريبة المباشرة على الفوائد المصرفية من 5 الى 10% مقابل عدم زيادة ضريبة القيمة المضافة عن 10%.
– اعادة اجراء مسح ميداني للمحال التجاريّة الصغيرة وتسهيل عمليّة حصولهم على رقم ضريبي، وتصنيف هذه المحال مقارنة بحجم النشاط ونوع الخدمة او التجارة الى ثلاث فئات يتم تحصيل الضريبة المقطوعة السنوية منها كالآتي: الفئة الأولى 300 الف– الفئة الثانية 225 ألفا – الفئة الثالثة 150 ألفا، على ان يتم التصنيف نسبة الى معايير محددة. امّا في حال عدم التطابق مع المعايير، عندها يعتمد التصنيف المطبق حاليا مثل الربح المقدر أو الربح المقطوع أو الحقيقي. ويعتمد نموذج مبسّط لهكذا نوع من الضرائب يتضمّن فقط التصريح عن عنوان ورقم المكلّف وفئة التصنيف ومبلغ الضريبة. ومن ايجابيات هذا الاجراء كذلك مساعدة الوزارة على ضبط جزء كبير من المكتومين الذين لا يصرحون بتاتا عن ايراداتهم، وتاليا يتم الغاء المادة 29 من موازنة العام 2000 المتعلقة بالرسم المقطوع المؤجل تطبيقه الى سنة 2016.
– الغاء المادة 4 من المرسوم 2083 تاريخ 29 ايار 2009، كي تتمكن شركات “الأوف شور” من شراء السلع والخدمات المرتبطة بخدماتها التي تصدرها والتي أجازها المرسوم اعلاه، من السوق اللبنانية. وهذا الاجراء، برأي القعقور، يسهل عمل هذه الشركات ويشجّع الاستثمارات الخارجية من اتخاذ لبنان مركزا لها الأمر الذي يفيد المكلفين المحليين ويفيد الحركة الاقتصادية. وتاليا تحصل الدولة ضرائب دخل اضافيّة من شركات “الأوف شور” والمكلفين المحليين الذين يحصلون على دخل جديد ناتج من توسع السوق بسبب امكان بيع الخدمات لشركات الأوف شور.
– رفع مبلغ الخضوع للضريبة على القيمة المضافة من 150 مليون ليرة الى 300 مليون ليرة، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وبغية مساعدة صغار المكلفين الذين يتعاملون غالبا مع المستهلك النهائي. وهذا البند كان واردا ضمن مشروع موازنتي 2010 و2011.
– تعديل مهل مرور الزمن لتصبح 4 سنوات بدل 5 سنوات، وهذا البند كان واردا ضمن مشروع موازنتي 2010 و2011.