لا يزال الغموض يلف مصير آلاف المعتقلين في سجن تدمر العسكري بعد سيطرة تنظيم “داعش” على المنطقة .
وفي حين أكدت مصادر عدة في المعارضة السورية أن النظام عمد إلى إفراغ السجن قبل سيطرة التنظيم عليه، تضاربت المعلومات يوم أمس بشأن المعتقلين اللبنانيين الموجودين في هذا السجن من أصل نحو 625 معتقلا لبنانيا قابعين في سجون النظام منذ الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعدما انتشرت أنباء صباحا عن تحرير 27 لبنانيًا من سجن تدمر المركزي، مما أثار حالة من البلبلة في صفوف أهالي المعتقلين.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس لجنة “سوليد” (جمعية دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين) غازي عاد، الذي يتابع هذه القضية، أن المعلومات التي لديهم تشير إلى أن النظام كان قد نقل المعتقلين من سجن تدمر، وهو ما أكدته مصادر في المعارضة لـ”الشرق الأوسط”، مشيرة إلى أن النظام نقل السجناء الذين قد يفوق عددهم 20 ألفًا من سجن تدمر إلى مكان آخر، قبل نحو يومين، وهو ما أظهرته الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، مبينة أن غرف السجون فارغة والأبواب مفتوحة.
وقال غازي عاد في لـ”الشرق الأوسط”، إن اللائحة التي نملكها تضم نحو 625 معتقلا لبنانيا في السجون السورية، وقبل بدء الأزمة عام 2011 كانت لدينا معلومات مؤكدة تقول إن عددا من هؤلاء موجودون في سجن تدمر المعروف بأنه من بين أسوأ عشرة سجون في الدول العربية، لكن ومنذ ذلك الحين لم نستطع معرفة عما إذا كانوا لا يزالون حيث هم أم نقلوا إلى مكان آخر.
وحذر عاد من إطلاق المعلومات الخاطئة قبل التأكد من صحتها واحترام مشاعر الأمهات اللواتي لا يزلن ينتظرن أبناءهن منذ عشرات السنوات.
من جهتها، قالت صحيفة “الجمهورية” إن المعلومات التي تحدّثت عن إفراج «داعش» عن المعتقلين في سجن تدمر العسكري في سوريا فتحَت موجةً من الروايات والتصريحات حول مصير معتقلين لبنانيين في السجن، وسط غياب أيّ معلومات رسمية حول وجود هؤلاء فيه قبل الحديث عن الإفراج عنهم.
وقالت مصادر مطّلعة لـ”الجمهورية” إنّ أولى الروايات اليتيمة التي تردّدت في بعض الأوساط منذ ساعات الصباح الأولى تُفيد أنّ عدداً مِن المساجين اللبنانيين تمكّنوا من بلوغ الحدود السورية ـ التركية فجر الخميس، ما دفعَ ببعض القيادات الأمنية إلى إجراء الإتصالات اللازمة مع المعنيين في أنقرة الذين نَفوا علمَهم بوصول أيّ لبناني إلى نقاط الحدود، مؤكّدين أنّ تعليمات مشدّدة أعطِيَت لمراقبة المعابر كافة والإفادة عن أيّ حالة مشابهة.
لكنّ وسائل الإعلام واصَلت بَثّ الروايات من دون مراعاة شعور أهالي المعتقلين، ما دفعَ وزير الداخلية إلى التوضيح أن لا معلومات لديه عن تحرير لبنانيين من سجن تدمر، وأنّه يعمل على التأكّد من الأمر.
وقبل أن ينفيَ مكتب المشنوق وجود أيّ مستشار له بهذا الإسم، نَقلت محطات أجنبية ومنها محطة «سكاي نيوز» تصريحاً نسَبَته إلى «مستشار وزير الداخلية» أحمد الأيوبي، قال فيه: “إنّ السجَناء اللبنانيين داخل سجن تدمر تحت سيطرة «داعش»، وتمّ الإفراج عنهم”، لافتاً إلى أنّ السجَناء المفرَج عنهم قد يتوجّهون إلى تركيا.
لكنّ رئيس لجنة دعم المعتقلين «سوليد» غازي عاد، وعَبر «الجمهورية» نفى صحّة خبر تحرير اللبنانيين، وأكّد أنّ آخر الأخبار المؤكّدة ومصدرُها منظمات في سوريا وإعلاميون هو أنّ النظام أخلى السجنَ قبلَ يومين من المعركة.
رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن أوضح لـ«الجمهورية» أنّ معلومات وردَته من جهات موثوقة فضّلَ عدمَ الكشف عنها، تؤكّد أنّ النظام أخلى السجنَ قبلَ يومين من المعركة، لافتا إلى أنّه يتابع الموضوع للتأكّد من صحّته مشكَّكاً في إمكان إخلاء السجن قبل يومين فقط من المعركة نظراً لوجود نحو 7000 سجين فيه. وإزاء هذه الفوضى الإعلامية أكّدَت مراجع أمنية معنية بالملف عبر “الجمهورية” عدمَ توافر أيّ معلومات عن الموضوع برُمّتِه.
وعزَت هذه المراجع «الهمروجة» الإعلامية إلى سباق إعلامي لا يَستند إلى أيّ مصدر موثوق أو معترَف به، وإلى رغبة البعض بالظهور وإحياء الحديث عن موضوع حسّاس وقديم يمكن أن يتجدّد في مثل هذه المناسبات، مؤكّدةً أنّ كلّ ما تردّدَ لا أساس له من الصحّة طالما إنّ أيّ موقف لم يَصدر لا عن الجانب السوري ولا عن «داعش»، وفي انتظار أيّ موقف جديد سيُبنى على الشيء مقتضاه.
صحيفة “الفايننشال تايمز”، نشرت مقالا عن مدينة تدمر الأثرية في سوريا، والتي تضم سجنا يعتقد أن فيه مئات المساجين السياسيين السوريين واللبنانيين، ويشير ناشطون إلى ان نظام الرئيس بشار الأسد نقل المساجين من تدمر في الأسابيع الماضية، ولا يعرف مصيرهم.