في مبادرة هي الأولى من نوعها لإدراج لبنان في الخريطة الدولية من خلال الترويج للشركات اللبنانية الناشئة لا سيما في مجال اقتصاد المعرفة، إستضافت عاصمة المال والأعمال نيويورك مؤتمر الشركات اللبنانية الناشئة
“startups Lebanon” الذي نظمته غرفة التجارة اللبنانية – الأميركية بالتعاون مع “startup Megaphone”.
المؤتمر هو الأول من نوعه في الولايات المتحدة بعد طبعات مختلفة ليوم أسواق رأس المال الذي انعقد على مدى ٤ دورات. وهدف رئيس الغرفة سليم الزعني من ورائه “الى اتاحة الفرصة امام المبدعين اللبنانيين، للخروج الى الأسواق الدولية عبر المنصة التي توفرها نيويورك ولا سيما في مجال الشركات الناشئة، اذ يتجلى اهتمام المستثمرين الأميركيين بهذه السوق وبالشركات والابتكارات التي تسجل قصص نجاح وتشكل مردوداً مجزياً”، كما قال لـ”النهار” قبيل بدء اعمال المؤتمر. واضاف: “المشاركة الكبيرة ولا سيما من اوساط الشباب اللبناني، تبين الحاجة الى بذل كل الجهود الممكنة وتسخير الطاقات والعلاقات التي تربط لبنان بالولايات المتحدة، ولا سيما من خلال الغرفة من احل فتح الابواب امام هؤلاء”.
وأمل ان يشكل المؤتمر مساحة لعرض قصص نجاح وفتح الآفاق امام رواد الأعمال والمستثمرين المعنيين بقطاع الـStartups، وفي إدراج لبنان في الخريطة العالمية في هذا المجال، موفراً لهؤلاء إمكان التعرف الى الفرص المتوافرة في لبنان ودوره المتنامي كمركز عالمي للشركات الناشئة”. وقال الزعني خلال جلسة افتتاح المؤتمر الذي عقد في فندق “بلازا”، في حضور أكثر من ٢٠٠ ممثل لشركات ناشئة وصناديق استثمارية دولية، “إذا توفر الدعم المناسب والبيئة الإقتصادية الملائمة، يمكن أن نشهد قصص نجاح كبيرة لشركات ناشئة لبنانية”.
أما سفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد، فلفت الى اهمية المؤتمر الذي يحمل “الأخبار الجيدة في زمن الأخبار السيئة”، في إشارة الى التناقضات التي باتت تطبع لبنان، مؤكدا ان “لبنان ليس ارض الفوضى او اليأس. لقد هزمنا حتى الآن أكثر السيناريوات تشاؤمًا، ولكن يجب أن ندعّم ذلك بالحوكمة والإصلاحات”. ودعا إلى “الإستمرار في تعزيز ثقافة الشركات الناشئة”، ملاحظا أن “الرساميل اللبنانية بدأت العودة إلى الوطن”.
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى لاري سيلفرمان في كلمته، أن “الولايات المتحدة تقف بثبات مع لبنان والشعب اللبناني أمام التحديات والاخطار الكبيرة التي تواجهه جرّاء النزاعات الخارجية والجهود الرامية إلى إقحام لبنان فيها، وجرّاء التطرف العنيف والمصاعب الإقتصادية الضخمة”. وأضاف “نقف مع لبنان في مواجهة هذه التحديات”، مذكّراً بأن الولايات المتحدة تدعم القوات المسلحة والقوى الأمنية اللبنانية في حربها الدائرة ضد المجموعات المتطرفة التي تأتي إلى لبنان من سوريا”. وتابع: “نقف معكم في مواجهة عدو مشترك لكل الشعوب المتحضرة، لكن الردّ على هذا العدو ليس عسكرياً فحسب، بل هو حضاري وعقيدي وسياسي واقتصادي”. واعتبر أن “مكامن القوة الثقافية والإقتصادية الأسطورية للشعب اللبناني أساسية لاستقرار البلد واستقلاله، والبراعة في تطوير فرص الأعمال مهمة جداً إذا كان لبنان يريد أن يكون قادراً على توفير فرص العمل لنحو 30 ألف من مواطنيه يدخلون سوق العمل كل سنة”.
وشدد على أن البرامج الأميركية لدعم التعليم في لبنان، “ليست عمل خير بل استثمار ذكي، لأن لبنان باقتصاد قوي ونابض سيكون أكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات الأمنية والمشكلات الإقليمية، علما انه يتمتع بقدرات كبيرة، ومنها ثروته النفطية “، داعياً إلى “اتخاذ القرارات الحكومية اللازمة لإطلاق عملية التنقيب”.
وأعلن أن “قطاع الأعمال أساسي لاستقرار لبنان”، مضيفاً “صحيح أن دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي هي المؤسسات الوحيدة المسؤولة عن فرض سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، لكنّ القطاع الخاص القوي هو ايضاً أساسي”. وذكّر بأن مؤشر ثقة المستهلك ارتفع في مطلع 2014 مع تأليف حكومة جديدة، “لكنه عاد وتراجع بسبب الشغور في رئاسة الجمهورية وتعرض الجيش وقوى الأمن لهجمات “داعش” “والنصرة”، معتبراً أن هذا الامر “يؤكد تأثير السياسة والأمن على الاداء الاقتصادي”.
واذ اعتبر سيلفرمان أن “مواجهة لبنان التحديات الراهنة تتطلب أن تعمل مؤسسات الدولة بكامل طاقتها، ووضع المصالح الوطنية فوق المصالح السياسية أو غيرها”، لفت الى أن “انتخاب رئيس للجمهورية لن يحلّ كل مشكلات لبنان، لكنه سيكون خطوة مهمة واساسية في الإتجاه الصحيح”.
وقدم الوزير السابق جهاد أزعور عرضا عدّد فيه التحديات الرئيسية أمام المبادرين ورواد الأعمال في لبنان، موضحاً أن الأهداف الاستراتيجية التي يجب العمل على تحقيقها، تشمل “مواكبة المبادرين وريادة الأعمال عبر مراحل تطوّرها اللاحقة للتأسيس، لتمكينها من أن تتخطّى العقبات التي تعيق النموّ، بما في ذلك الحصول على التمويل المحفز للنمو، والتحوّل إلى شركات مساهمة، والنفاذ إلى الأسواق الجديدة بهدف التحوّل إلى شركات أكبر توفر فرص العمل”.
وحض على ضرورة “أن يستثمر لبنان في الإبتكار والقطاعات التي توفر النمو الإقتصادي”، مقترحاً خطة إطارية في هذا المجال، تتضمن “وضع استراتيجية للإبتكار تحدد القطاعات التي تنطوي على إمكانات إبتكارية، وتحديد محرّكات الإبتكار، أي المتطلبات المالي والمادية والبشرية اللازمة، وأخيراً وضع خطة لتعزيز المناخ الإبتكاري، حيال القوانين المطلوبة وآليات التفاعل والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية.
وكشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كلمة مسجّلة وجهها الى المؤتمرين،” أن التحضير بدأ لإطلاق سوق إلكترونية للأسهم، معتبراً أن اقتصاد المعرفة هو أحد ثلاثة قطاعات سيقوم عليها مستقبل لبنان الإقتصادي، إلى جانب النفط والغاز والقطاع المالي، ستشكّل قوة دفع للقطاعات الإقتصادية التقليدية في لبنان، وستوفر فرص عمل للشباب اللبنانيين. وأشار الى أن “لبنان يعمل ليكون نقطة التقاء ومحوراً لقطاع الشركات الناشئة”. وقال “بذلنا جهوداً وشجعنا مسرّعات الأعمال من خلال منح ضمانة بنسبة مئة في المئة للاستثمار في هذه المسرعات”. وتابع “أقمنا كذلك تعاوناً مع بريطانيا نأمل في أن يساهم في ربط بيروت بالأسواق العالمية وكذلك بالجامعات في العالم بما يوفر الدعم المناسب لإنجاح هذا القطاع”.
وتمحورت جلسات المناقشة على دور الشركات الناشئة في لبنان”، وعقدت كذلك جلسات ثنائية بين الشركات والصناديق الاستثمارية.
ومساء اقامت الغرفة عشاء في قاعة Rainbow Room في “روكفلر سنتر” (Rockefeller Center). وكان قنصل لبنان في نيويورك وجدي رمضان قد أقام اول من امس حفل استقبال في دارته.