Site icon IMLebanon

السوريون يشتكون من غلاء اللحوم والأجور لا تغطي الضروريات

Butcher-Damascus
فيما يتزايد غلاء أسعار اللحوم، باتت الوجبات المحتوية على لحوم حلم الكثير من العائلات في سورية، التي لا يكفي دخل معيليها لتغطية ضروريات الحياة اليومية وشراء الخضروات. ويحدث ذلك في وقت انخفضت فيه أعداد قطعان الأغنام بمعدل 50%، بسبب الحروب التي تعيشها سورية منذ أكثر من 4 سنوات وإصرار نظام الأسد على الاستمرار بالسلطة.
وتوقع محللون سوريون ارتفاع أسعار اللحوم إلى أكثر من 3500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد خلال الفترة المقبلة، مرجعين الزيادة إلى ثلاثة أسباب، وهي فتح باب التصدير وموسم الخير والأمطار وتراجع سعر صرف الليرة.
ويرى محللون أن ارتفاع أسعار الأعلاف والموافقة على تصدير الأغنام، هما السببان الجديدان وراء ارتفاع الأسعار في الأسواق هذه الأيام.
ورأى المحلل السوري حسين جميل أن سعي نظام بشار الأسد إلى الجباية وتأمين موارد على حساب المواطن وأسعار المنتجات السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار اللحوم بمستوى يفوق قدرة السوريين الشرائية.
ولجهة اللحوم تحديداً، فقد تم رفع أسعار الأعلاف، “الكسبة”، الأسبوع الماضي بقرار من رئيس وزراء حكومة الأسد من 57 ليرة للكيلوغرام إلى 65 ليرة، كما جرى قبل ذلك سماح اللجنة الاقتصادية التابعة لرئاسة الوزراء بتصدير أربعة آلاف رأس من ذكور الغنم والماعز كل أسبوع.
وكانت أسعار اللحوم قد شهدت ارتفاعات الأسبوع الجاري بعد سماح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري، الثلاثاء الماضي، بتصدير 4000 رأس من ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي (الجدايا)، وهي الدفعة الثانية التي يتم الموافقة على تصديرها.

ونص قرار وزارة الاقتصاد السماح للمصدّرين من محافظة ريف دمشق بتصدير 2000 رأس لكل مصدّر وبسعر تصديري راوح بين 30 ألف دولار (للمصدر الأول) و30.5 ألف دولار للطن الواحد (للمصدر الثاني)، وذلك بناءً على عملية المفاضلة التي يتم إجراؤها للطلبات المقدمة، وبعد اختيار السعر الأعلى منها والمنظم على أساسه تعهد القطع والذي نص على ضرورة الا يقل السعر التصديري للطن الواحد عن 2000 دولار.
ويقول أحمد مستو، من حي دمر بدمشق: ارتفعت أسعار اللحوم بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة رغم تحسن سعر صرف الليرة، ووصل سعر كلغ لحم الخرفان لنحو 310 ليرات “دون دهن”، ولحم البقر لنحو 2400 ليرة سورية.
ويضيف مستو، لـ”العربي الجديد”: أنا متقاعد ولا يزيد راتبي التقاعدي عن 24 ألف ليرة، الدولار 246 رسمي وفي السوق السوداء 283 ليرة، وأمام ارتفاع أسعار الأغذية والألبسة والمحروقات وأجور النقل، بصراحة لم تعد اللحوم ضمن أولويات طعامنا، وكل رأس شهر، أثناء تقاضي راتبي، أذهب لمنطقة المرجة، وسط دمشق، وأشتري لحوماً مستوردة أجهل مصدرها ونوعها لإرضاء طلبات أسرتي.
ومن ريف دمشق الشرقي المحاصر (مدن الغوطة)، يقول فائز عبد النبي: “بات أولادنا يشتهون اللحوم، رغم أن غوطة دمشق موطن الأبقار وخزان العاصمة المائي والغذائي، لكن الحصار دفعنا لإعطاء الخبز أولوية على كل شيء”.
ويضيف لـ”العربي الجديد”: “بعد أكثر من عامين على الحصار وتحكم نظام الأسد بكل ما يدخل مدن الغوطة، بلغت أسعار الأغذية أرقاماً قياسية عالمية، وما عاد بمقدور المحاصرين شراء اللحوم الحمراء التي يزيد سعر الكلغ منها عن 4000 ليرة أو الفروج الذي يباع الكلغ منه بنحو 2500 ليرة سورية”.
ويستعرض عبد النبي أسعار المنتجات الرئيسية: كلغ السكر 3200 ليرة، الرز والبرغل 1700 ليرة، ليتر الزيت النباتي 1300 ليرة، كلغ القمح 1200 ليرة والبيضة الواحدة 125 ليرة وكلغ الملح 400 ليرة وكيلو العدس 2000 ليرة وربطة الخبز أقل من 2 كيلوغرام بنحو 1100 ليرة.

ويتساءل عبد النبي: هل توجد هكذا أسعار بدول الخليج، وهل يوجد هكذا غلاء بكل العالم، وفوقها تسألوننا عن اللحمة؟

من جانبه، قال عضو في لجنة اللحامين، طلب عدم ذكر اسمه: تنخفض أسعار اللحوم بمثل هذه الفترة، ولكن ورغم موسم الولادات هذه الأيام، إلا أن الأسعار لم تنخفض، بل استمرت بارتفاعها، وخلال الأسابيع الأخيرة قفز الكيلوغرام من 2200 ليرة إلى ما يقارب 3000 ليرة سورية.
والأسباب، حسب عضو لجنة اللحامين، يعود لارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة رفع الرسوم الجمركية المفروضة على استيرادها، وارتفاع سعر الدولار، وارتفاع أجور النقل بشكلٍ غير منطقي.
ويضيف، لـ”العربي الجديد”: قفز سعر الأغنام الحية من 525 ليرة سورية إلى حوالي 1000 ليرة، ما فتح شهية التجار والمهربين للشراء بسعر مرتفع من المربي وتهريبه إلى لبنان وبيعه بأسعار مرتفعة جداً من أجل تحقيق أرباح طائلة على حساب المواطن السوري، مستغلين فوضى الأسواق وانعدام الرقابة الحكومية.
وكان رئيس وزراء حكومة الأسد، وائل الحلقي، قد أصدر الأسبوع الفائت قراراً تضمن الموافقة على رفع سعر الكسبة المنتجة لدى شركات ومعامل الزيوت العائدة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية من 57 ليرة للكلغ الواحد إلى 65 ليرة، كما وافقت اللجنة الاقتصادية بدمشق أخيراً على تصدير أربعة آلاف رأس من ذكور الغنم والماعز كل أسبوع.
ويرى متخصصون أن قلة العرض بعد خروج المدن الزراعية في شمال وشمال شرقي سورية في مناطق إدلب، الرقة، الحسكة ودير الزور، عن سيطرة النظام وصعوبة نقل الأغنام، هي أسباب مهمة ساهمت بفورة الأسعار التي تسبق شهر رمضان.
وقال الاقتصادي السوري محمود حسين: المسألة عرض وطلب أولاً وأخيراً، ولو نظرنا إلى خارطة إنتاج الثروة الحيوانية في سورية، فسنلاحظ أهمها في شمال شرق البلاد، (دير الزور، الرقة والحسكة)، وهي مناطق خارجة عن سيطرة النظام والمعارضة، حيث تتبع لتنظيم الدولة “داعش” وللتنظيمات والأحزاب الكردية وعلى رأسها “البي يي دي”، وإن سلّمنا بأن مربي تلك المناطق يريدون بيع الخراف، فإن وصولها لمناطق سيطرة النظام أمر شبه مستحيل نظراً لتقطع أوصال البلاد وتعدد الجهات المسيطرة على الطرقات، وربما تضاعف أجور النقل من سعر اللحوم.
ويضيف حسين، لـ”العربي الجديد”: معظم أسعار المواد والسلع ارتفعت بالأسواق السورية لأكثر من 10 أضعاف منذ بداية الثورة عام 2011، والأسباب تعود لتراجع الإنتاج الداخلي وللحصار المفروض على سورية، فضلاً عن التضخم النقدي المخيف وتراجع سعر صرف الليرة لمستويات قياسية.