Site icon IMLebanon

نائب وزير الخارجية الأرجنتيني: رسالتنا إلى اللبنانيين.. تحاوروا واتّحدوا

زيارة نائب وزير الخارجية الأرجنتينية المتحدّر من أصول لبنانية إدواردو أنطونيو زوين خلال اليومين الماضيَين إلى لبنان ليست الأولى، إذ سبق وحلّ سائحاً على مناطق عدة في وطن الأجداد، من طرابلس إلى بشري وجبيل وزحلة والنبطية وصولاً إلى بوابة فاطمة على الحدود اللبنانية مع إسرائيل.

تختلف زيارة زوين الخامسة عن سابقاتها كونها تكتسي صفة رسمية، وتأتي في سياق المحادثات السياسية بين الأرجنتين ولبنان لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وللمشاركة في أعمال مؤتمر “الطاقة الإغترابية اللبنانية” الذي نظمّته وزارة الخارجية اللبنانية على مدار ثلاثة أيام.

ويقول زوين خلال مؤتمر صحافي في منزل سفير الأرجنتين في لبنان ريكاردوس لارييرا: “أنا فخور بأصولي اللبنانية، فجدّي من بلدة العذرا المجاورة ليحشوش في فتوح كسروان، وتربطني صلة قربى بالنائب جيلبرت زوين”، مُبدياً حماسته للاستقبال الشعبي الذي تنظّمه البلدية على شرفه.

ويروي الديبلوماسي قصّة هجرة جدّته من عين عار في المتن مطلع القرن التاسع عشر ولحاق جدّه بها بعد بضع سنوات، حيث تعارفا في مقاطعة سانتياغو دل إستيرو في مدينة لاباندا التي كانت تعجّ بالمهاجرين اللبنانيين، وتزوّجا.

ولا يغفل حبّه للمطبخ اللبناني ففي المقاطعة التي يعيش فيها، “الناس يذهبون إلى السوق المحلي لشراء الكبة والحمص والتبولة”.

تغنّي زوين بجذوره اللبنانية يقابله امتنان وتقدير للظروف التي وفّرتها الأرجنتين من حقوق وضمانات ومعاملة المهاجرين بشكل متساوٍ. فعدد الأرجنتينيّين المتحدّرين من أصول لبنانية يزيد على المليون نسمة، وهم يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية والسياسية إسوة بسائر الجاليات الثمانين المكوّنة للمجتمع الأرجنتيني، وهم ثالث أكبر جالية في الأرجنتين بعد الإيطالية والإسبانية.

ويتوقف عند الصعوبات التي واجهها الجيل المهاجر الأول لجهة تعلّم اللغة والتأقلم مع الثقافة وإيجاد العمل، لكنّ الأرجنتين بلد يُدمج المهاجرون بين أبنائه. وبالتالي لا يشعر الكثيرون من أصول لبنانية بالحاجة إلى جواز سفر أخر، علماً أنّ قسماً منهم مهتم بالحصول على الجنسية اللبنانية. ففي المقاطعة التي أعيش فيها الحاكم من أصل لبناني، نحن نشعر الأرجنتين… ولكن لا ننسى جذورنا.

في الشق العملي، تطرّق زوين في المحادثات مع القادة اللبنانيين إلى المشاريع في المجالات الإقتصادية والثقافية والتقنية، مشدِّداً على ضرورة التوسع في التعاون مع تكتل مركسور التجاري الذي يضمّ البرازيل، الأوروغواي والباراغواي وفنزويلا إضافة الى الأرجنتين.

 

وفي العام المقبل سيذهب عدد من الديبلوماسيين اللبنانيين الى الأرجنتين لمتابعة التدريب في إطار برنامج خاص تقيمه الأرجنتين للأجانب من أجل تطوير العلاقات والإتصالات بين البلدين.

سياسياً، الرسالة التي يحملها زوين هدفها تعزيز العلاقات بين بيروت وبيونس أيرس، فلبنان بالنسبة له يجسّد ما قاله البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بأنّه أكثر من وطن: إنّه رسالة. غير أنّ الشغور الرئاسي في لبنان يبقى أزمة محلية، وبالتالي “نحن ضدّ التدخل الخارجي، فالمشكلات الداخلية يجب حلّها بين الأطراف المعنيين ووفق الدستور في كلّ بلد”، مذكّراً بما عاناه لبنان في الحرب الأهلية بسبب التدخلات الخارجية.

ويقول لصحيفة “الجمهورية”: “إنّ مشكلة الرئاسة اللبنانية تُحل محلياً، وإعطاء رؤيتنا يُعَدّ تدخّلاً خارجياً”.

في الوقت عينه، يشدّد زوين على أنّ الحكومة الأرجنتينية تَعي حجم المشكلة التي يعاني منها لبنان جراء اللجوء السوري، مؤكّداً دعم بلاده للإستقرار في الشرق الأوسط ولا سيما في لبنان وسوريا.

ويشدّد على أنّ الموقف الرسمي لبلاده هو ضرورة وقف الحرب السورية، داعياً المتقاتلين الى وقف القتال والجلوس الى طاولة الحوار، فبوابة الإستقرار في الشرق الأوسط والمنطقة عبر إحترام السلامة الإقليمية للدول وسيادتها، معتبراً في الوقت نفسه أنّ تدخّل حزب الله في سوريا لا يُقارَن بتدخّلات الدول التي تموّل المتحاربين وتمدّهم بالسلاح.

ويذكّر بأنّه منذ تسلّم الأرجنتين موقعها في مجلس الأمن في كانون الأول الماضي، لا يزال المبدأ الأرجنتيني ضدّ التدخّل الخارجي، نحن لسنا قوة عظمى، والتدخّلات الخارجية كانت وراء الإنقلابات في أميركا اللاتينية، ونحن عانينا من تدخّلات بريطانيا، فرنسا والولايات المتحدة”.

ويبدي زوين رغبته في أن يكون لبنان موحّداً، ونصيحته للبنانيّين: “الحوار… الحوار… الحوار”. فنَيْل الأرجنتين الإستقلال كان صعباً وتوحيدها استغرق وقتاً طويلاً. ويقول لـ”الجمهورية”: “عانينا الكثير خلال القرن التاسع عشر لنصل الى الوحدة بعد حرب أهلية دامت 70 عاماً”.

لم نبنِ بلدنا بسهولة. ونحن معجبون بقدرة اللبنانيين وحبّهم للحياة لبناء بلدهم على رغم ما مرّوا به. الناس يتناقشون وهذا أمر صحّي”. وفي نظر زوين تشكّل الأرجنتين “رسالة ونموذجاً للتعايش بين 80 جالية، فليس أمام اللبنانيين إلّإ أن يتّحدوا”.