بتاريخ 12 أيلول 2011 أعلن وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي أنه وبقرار مباشر منه، سحبت 3 رخص لشركات طيران خاصة. وعزا قراره الى ورود ملاحظات كثيرة على “اداء هذه الشركات، اضافة الى متابعته الشخصية للملف”.
والشركات الثلاث هي: Executive Sky (يملكها الرئيس نجيب ميقاتي) وImperial Jet التي يملكها عبد جاعوني وOpen Skies لصاحبها هيـثم ازهري. وقد عملت شركتا Open Skies وExecutive Sky على تسوية أوضـــاعهما فيما لم تلتزم شركة Imperial Jet بالانذارات التي وجهت اليها، وقررت الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة الذي جاءت قراراته لمصلحتها. ولم تكتف الشركة باللجوء الى القضاء اللبناني بل ارتــأت اللجوء الى التحكيم الدولــي مطالبة الدولة بدفع تعويض لها يقدر بملياري دولار، وهو مبـــلغ اضعاف مضاعفة عن المبلغ الذي كانت قد طالبت به والمقدر بـ 142,3 مليون دولار.
وقد انشغل مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت أول من أمس بهذه القضية التي استحوذت على اهتمام الوزراء، خصوصا وأنه يترتب على لبنان دفع مبلغ ملياري دولار في حال جاء الحكم بالقضية لمصلحة الشركة… فماذا في التفاصيل؟
وفق لائحة دائرة سلامة الطيران المدني التي تعدّها وزارة الأشغال العامّة والنقل مع المديرية العامّة للطيران المدني، ثمة 19 شركة مشغّلة للطيران الخاص والتجاري في لبنان. وكل هذه الشركات يفترض أن تتقيد بقوانين سلامة الطيران التي تفرضها المديرية العامة للطيران المدني بناء على معايير السلامة العالمية. ولكن طائرة بوينغ 737/200 التابعة لشركة “امبريال جت” المسجلة في ألمانيا لم تلتزم هذه القوانين وباتت تشكل خطرا على سلامة الطيران. فأصدر العريضي في تموز 2009 قرارا بمنعها من الهبوط في المطار بناء على تحذيرات الطيران المدني لانها غير مستوفية شروط السلامة العامة. وجاء القرار بعد كتب وانذارات عدة وجهت الى الشركة لتسوية أمور الطائرة التقنية ولكنها لم تستجب لها، وكانت تصر~ في ردودها ان المعلومات التي استند اليها العريضي في قراره غير صحيحة. ووفق المعلومات ايضا فإن عبدالله باحمدان، الشريك السعودي لعبد جاعوني، توسط لدى العريضي لكي يستقبل شريكه لتسوية الامور معه على اساس أن الاخير سيلتزم قوانين سلامة الطيران. كذلك توسط السفير الالماني آنذاك هانس بورغ هابر لمعالجة المشكلة مع الشركة، وأكثر، فقد طلب منه العريضي أن يأتي وفد من الطيران المدني الالماني الى بيروت للتأكد من صحة المعلومات التي اعطيت عن الطائرة. علما أن مخالفة الشركة لا تقتصر على الجانب التقني وشروط السلامة العامة، فهي وفق المطلعين على الملف تخالف الترخيص الذي منح لها Private Jet، وتستخدم طائراتها للرحلات التجارية، وهذا سبب اضافي لمنعها من الهبوط في المطار.
ومع فشل الوساطات التي اعتمدتها الشركة لرجوع وزارة الاشغال عن قرارها، تقدمت “امبريال جت” بدعوى أمام مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراره بتاريخ 21 نيسان 2014 فأبطل قرار الغاء الترخيص، مستندا الى أن وزير الاشغال لم يحترم بالشكل قرار توقيف الترخيص للشركة.
وفي الاول من كانون الثاني 2015، تلقت وزارة النقل كتابا من الشركة تعلمها فيه أنها لجأت الى التحكيم الدولي (المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار في واشنطن)، وانها طالبت بملياري دولار تعويضا للربح الفائت منذ توقيفها عن العمل في 2009. وطلبت في كتابها أن يدفعوا مبلغ الـ 142,3 مليون دولار فورا، وإلا فإنها ستسير بدعواها أمام التحكيم الدولي.
أمام هذا الواقع، استدعى مجلس الوزراء رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل القاضي مروان كركبي لشرح المعطيات التي لديه والمعالجات التي يقترحها في هذا الصدد. وبناء على المناقشات التي حصلت، كلف المجلس الوزير غازي زعيتر اجراء مفاوضات مع “امبريال جت”، وذلك بعدما رفض الاخير اقتراح وزيري العدل اشرف ريفي والعمل سجعان قزي تأليف لجنة ثلاثية مؤلفة من وزارات المال والعدل والاشغال اضافة الى المديرية العامة للطيران المدني لإجراء مفاوضات مع الشركة ومعرفة حقيقة الخسارة التي تكبدتها خصوصا وان ثمة تفاوتا كبيرا في الارقام التي أوردتها.
وإذ رفض زعيتر الإدلاء بأي معلومات عن المشكلة في انتظار القرار النهائي لمجلس الوزراء، مكتفيا بالقول ان مشكلة الطائرة هي تقنية بحت، علمت “النهار” من مصادر متابعة للملف أنه في حال لم تسفر المفاوضات عن نتائج ايجابية فإن الدولة ستتجه الى التحكيم الدولي. وسجلت المصادر عينها ملاحظات عدة تتعلق بالفارق الزمني بين تقديم “امبريال جت” للشكوى أمام مجلس شورى الدولة وصدور الحكم، خصوصا وانها قضية تجارية ملحة وتستوجب السرعة في معالجتها. كذلك استرعى الانتباه عدم تحرك وزارة الاشغال بالسرعة اللازمة لمعالجة المسألة لمنع تراكم التعويضات التي يتوجب على الدولة دفعها. وثمة سؤال عن سبب لجوء الشركة الى التحكيم الدولي بعدما اعطاها القضاء اللبناني حقها.