شهدت الصناعة القطرية في السنوات القليلة الماضية نقلة نوعية ترجمتها جودة المنتجات وتنوعها وهو ما عزز من مكانتها في النسيج الاقتصادي، ومن مساهمتها في تزكية الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى الخبراء أن الصناعة التحويلية القطرية استفادت من الطفرة التي تعيشها قطر في مختلف المجالات، حيث مكنت المشاريع التي قدرت بمليارات الدولارات من خلق نسيج من الصناعات الصغرى والمتوسطة التي تبلغ مساهمتها نحو 15 % من الناتج المحلي الإجمالي..
وبلغت الاستثمارات القطرية في القطاع الصناعي في الفترة الماضية نحو 250 مليار ريال لإنشاء 660 منشأة صناعية ينتظر أن تتحسن في السنوات القليلة القادمة في ظل تزايد الرغبة من المؤسسات القطرية في التواجد في الأسواق العالمية خاصة وأن المنتج القطري أثبت في الآونة الأخيرة قدرته على رفع رهان المنافسة ودخول أسواق جديدة.
هذا التطور النوعي الذي شهدته الصناعة القطرية فتح الباب على مصراعيه وفق عديد الملاحظين لنمو الصادرات القطرية خارج قطاع النفط والغاز في ترجمة لسياسات التنويع الاقتصادي التي أطلقتها الدولة في السنوات الماضية، حيث شهدت الفترة الماضية توقيع جملة من الاتفاقيات بين المؤسسات القطرية ونظرائها في المنطقة بهدف تعزيز إمكانيات ولوج المنتجات القطرية في الأسواق العالمية، حيث ساعد بنك قطر للتنمية الشركات القطرية الصغيرة والمتوسطة على تنمية صادراتها بنسبة 53 % خلال 2014 من خلال خدمات متعددة تنوعت بين دراسات سوقية ومعارض تجارية وضمانات للتصدير، كما وصلت محفظة التمويل المباشر التي قدمها للمشاريع إلى ما يتجاوز الـ 3.4 مليار ريال ومحفظة الضمانات الجزئية أو برنامج الضمين إلى 500 مليون ريال ومحفظة ضمان صادرات المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى 500 مليون ريال.
وينتظر أن تتعزز القدرات التنافسية للشركات القطرية وقدرتها التصديرية مع دخول مشاريع البنية الأساسية العملاقة طور التشغيل على غرار ميناء حمد في مسيعيد.
السوق المحلي نافذة على الأسواق العالمية
وقال السيد فهد محمد العمادي الرئيس التنفيذي لــ “المصنع الوطني للمراتب” إن المنتج القطري قادر على المنافسة دوليا بما له من ميزات تفاضلية ومنظومات دعم أطلقتها الحكومة تسمح له بدخول مختلف الأسواق العالمية، قائلا: “للشركة إستراتيجية للتصدير إلى الخارج لاسيما الدول الخليجية في الفترة القادمة”.
وقال إن المصنع الوطني للمراتب يعود تأسيسه إلى العام 1985 وهو أحد مجموعات جميلة القابضة، التي تضم مجموعة شركات صناعية وتجارية مختصة بشكل أساسي في مجال المفروشات والأثاث.
ولفت إلى أن الشركة لديها إستراتيجية لتوسعة مصانعها خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن الشركة لديها حاليا 6 فروع بمناطق عدة من الدوحة.
وأكد فهد العمادي أن تركيز المصنع الوطني للمراتب” حاليا ينصب على السوق المحلي، وذلك في ظل الطلب المتزايد على المراتب سواء من قبل الشركات الصغيرة أو الكبيرة المتواجدة بالدولة.
وتأكيدا لما ذهب إليه رجل الأعمال فهد العمادي، قامت وكالة قطر لتنمية الصادرات “تصدير”، والتي تعتبر ذراع بنك قطر للتنمية بدعم وتطوير الصادرات القطرية، حيث تعمل على تطوير قطاع الصادرات غير النفطية في قطر، فضلاً عن تنويع الصادرات القطرية بشكل عام، هذا بالإضافة إلى تعزيز طاقات وإمكانات المصدّرين القطريين ودعمهم لاعتماد أفضل الممارسات العالمية في عملهم. وتحرص تصدير”وبشكل منتظم” على إطلاق…. المبادرات والبرامج التي من شأنها تطوير قطاع قوي وعالمي للصادرات في الدولة، قائلا: إن التصدير هو مستقبل الصناعات الصغرى والمتوسطة في الدولة”.
وتوفر وكالة “تصدير” خدمات وحلولا مالية تهدف إلى تحفيز الشركات القطرية على التركيز على الأسواق الخارجية وزيادة حجم عمليات التصدير والبيع للخارج، وذلك من خلال توفير فرص التمويل الميسر للصادرات وضمان المستحقات المالية للمصدرين ضد مخاطر عدم الدفع من قبل المشترين الأجانب، والتي قد تحدث بسبب أحداث سياسية أو اقتصادية.
ومن هذه الخدمات التغطية التأمينية للصادرات، حيث تقدّم وكالة “تصدير” في الوقت الحالي نوعين من الضمانات الائتمانية الخاصة بالصادرات، وذلك لحماية المصدّرين القطريين من مخاطر المشترين الخارجيين: هما “تغطية مخاطر ما قبل الشحن” و» تغطية مخاطر ما بعد الشحن”. ويحمي هذان المنتجان المصدّرين من المخاطر التجارية والسياسية، ويؤهلهم لتقديم المطالبات في حال التخلّف عن الدفع لتحصيل إيراداتهم. من الأهمية بمكان حيازة هذين التأمينين لحماية المصدّرين من المخاطر المحتملة لدى التعامل مع مشترين جدد ولدى دخولهم صفقات تجارية أجنبية مع بلدان عالية المخاطر.وهذان المنتجان يخففان عن الشركة عبء رؤوس الأموال الإضافية المخصصة لتمويل الصادرات..
وتدعم وكالة المصدرين القطريين من خلال تغطية مخاطر ما قبل الشحن، حيث تحمي هذه التغطية المصدّر القطري من خسارة الإنتاج (بطريقة مباشرة وغير مباشرة) أوعند إلغاء الطلبية قبل شحن السلع.
ويغطي هذا التأمين 90 % من قيمة السلع. ويجب التقدّم بالمطالبات في غضون شهرين من استلام بلاغ بالخسارة ويشترط بهذا الخصوص توفير كافة المستندات اللازمة عند تقديم المطالبة.
بناء تحالفات
من جانبه، أكد رجل الأعمال محمد علي الأنصاري على أهمية السوق الخارجية للشركات القطرية على اعتبار ضيق السوق المحلية رغم أهمية الطلب على المنتجات الوطنية من قبل القطاعين العام والخاص في الدولة، لافتا إلى ضرورة بناء شركات وتحالفات مع المؤسسات الأجنبية تسهيلا لدخول المنتجات القطرية لهذه الأسواق.
وقال إن الرفع في حجم الصادرات لا يتم إلا بتوسيع القاعدة التصديرية وتحقيق الاستدامة لها من خلال احتضان كبار المصدرين لصغار المصدرين ومساندتهم عبر إتاحة فرص النفاذ لهؤلاء المصدرين الجدد لعملاء الشركات الكبيرة فضلا عن إقامة ما أسماه بحضانات لصغار المصدرين داخل الشركات الكبيرة تكون مهمتها توفير التدريب والدعم الفني لصغار المصدريين.
ويرى الخبراء أن بنك قطر للتنمية يقدم مختلف أشكال الدعم للشركات القطرية الراغبة في خوض غمار التصدير، حيث تدعم وكالة قطر لتنمية الصادرات المصدرين القطريين من خلال تغطية مخاطر ما قبل الشحن، حيث تحمي هذه التغطية المصدّر القطري من خسارة الإنتاج (بطريقة مباشرة وغير مباشرة) أو عند إلغاء الطلبية قبل شحن السلع.. ويغطي هذا التأمين 90 % من قيمة السلع. ويجب التقدّم بالمطالبات في غضون شهرين من استلام بلاغ بالخسارة ويشترط بهذا الخصوص توفير كافة المستندات اللازمة عند تقديم المطالبة.
أما تغطية مخاطر ما بعد الشحن، فإن هذه التغطية تحمي المصدّر القطري من مخاطر المشتري الخارجي الذي يتخلّف عن تسديد قيمة السلع التي يستلمها بالآجل. هذه التغطية مخصصة للصفقات التي تُعقد حسب شروط تسديد لا تتعدى الـ 24 شهراً، وهي تشمل بشكل رئيسي توريد السلع الاستهلاكية، المواد الخام، السلع المعالجة جزئياً وقطع الغيار.
ويغطي هذا التأمين، شأنه شأن تغطية مخاطر ما قبل الشحن، 90% من قيمة السلع. ويمكن التقدّم بالمطالبات في غضون شهرين من تاريخ الإيداع، شريطة توفير كافة المستندات اللازمة بهذا الخصوص عند تقديم المطالبة، وخلال عام 2014 بلغ عدد بوالص التأمين 90 بوليصة، وبلغ مجموع قيمة محفظة بوالص التأمين 374 مليون ريال، وقام البنك بأخذ 60 شركة قطرية صغيرة ومتوسطة إلى 10 معارض دولية، فيما تم حجز طلبات بقيمة 250 مليون ريال من المصدرين القطريين في مختلف الفرص التي مكنها البنك من (الترويج لفرص الأعمال).
دعم غير محدود
من جهته، شدد رجل الأعمال السيد حسن الحكيم على القدرات التنافسية التي يتمتع بها المنتج القطري والذي أثبتها من خلال حصوله على مكانة متميزة في السوق المحلي ومنافسته للمنتجات الأجنبية.
ودعا الحكيم الدولة إلى مساعدة ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة لولوج الأسواق الجديدة خاصة من خلال التكفل بمصاريف المشاركة في المعارض في الخارج في المشاركات الأولى على الأقل، ريثما تتمكن هذه الشركات من اكتساب القوة الخبرة في التواجد في الأسواق العالمية.
ولفت الحكيم إلى أن الشركات القطرية ومنتجاتها حققت نقلة نوعية كبيرة ترجمتها الجودة العالية لهذه المنتجات والتي جعلت الشركات تستجيب لحاجيات السوق المحلي، قائلا: “إن الشركات القطرية قادرة على رفع رهان المنافسة ودخول الأسواق العالمية شرط توفر جملة من العناصر لتتوافق مع متطلبات السوق العالمية”.
وأوضح الحكيم أن الدعم المطلوب من الحكومة لا يجب يقتصر فقط على المساعدة في الدخول لللسوق بل يجب أن يشمل مختلف الأمور التقنية ومواكبة حاجيات الأسواق العالمية حتى تكون للمؤسسات الوطنية قاعدة بيانات يتسنى من خلالها مواكبة التطورات الحاصلة في الأسواق العالمية.
إنشاء مجمعات ذات مصلحة اقتصادية
ويرى الخبراء أن تنويع قاعدة المنتجات ستساهم دون شك في تعزيز قاعدة الطلب على المنتجات والسلع القطرية وهو ما يتطلب إلى تجميع جهود الشركات وإرساء مجمعات ذات مصالح اقتصادية مشتركة على غرار ما هو موجود في العالم، فهي عبارة عن تجمع للشركات الصغرى والمتوسطة ذات منتجات مختلفة تتفق على دخول الأسواق العالمية بصفة متكاملة بما يضمن مصلحة جميع الأطراف المشاركة.
في الممارسة العملية، كثيرا ما يستخدم مجمع المصلحة الاقتصادية لتعاون مستدام بين المهنيين، مثل مجمعات الحرف اليدوية ومجمعات البنوك والتأمين وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي بهدف تنظيم المساعدة التقنية والخدمات المشتركة للشركات العاملة في قطاع واحد أو شركات متكاملة.
ويجب أن يتم اختيار مجمع المصلحة الاقتصادية بعناية حتى لا يحد من فرص التنويع في وقت لاحق إذا لزم الأمر وارتفاع التكاليف المترتبة على عمليات الدمج المحتملة خاصة تلك المتعلقة بالضريبة.
يتم تشكيل المجمعات المصلحة الاقتصادية من قبل العديد من الشركات (على الأقل اثنين) ويتم توظيف شخص أو أشخاص من قبل مجموعة العمل من أجل القيام بخدمات لهذه الشركات.
ويعتبر الخبراء أن التصدير هو الحل الأسرع للدفع بالنمو الاقتصادي ومضاعفة الاستثمار والتشغيل في إطار تنويع القاعدة الاقتصادية لدوره في دفع الاستثمار نحو القطاعات الجديدة ودعمه للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الأقدر على استيعاب الصدمات والتأقلم مع المتغيرات في الأسواق العالمية من القدرة على النمو السريع وتحقيق عوائد سريعة في حالة توافر الدعم والمساندة لها. فالصادرات كانت دائما هي الحصان الرابح في العديد من الاقتصاديات الناشئة وكانت المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية وتوفير المزيد من فرص العمل.