المشهد الذي يبديه العالم اليوم فيه الكثير من الشروخ ومن مناطق التوتر والنزاعات. وبعد أن سادت لفترة فكرة «نهاية العالم»، بمعنى نهاية النزاعات بعد الانتصار «النهائي» للرأسمالية على الاشتراكية، تبرز بوتيرة متصاعدة «الحرائق» والحروب الدامية التي كان آخرها تلك الدائرة في سوريا والعراق وشمال نيجيريا وحالة التهديد المستمر بالمواجهة بين الغرب وروسيا في أوكرانيا.
هناك الكثير من التحليلات التي قدّم أصحابها فيها رؤيتهم للأسباب الكامنة في الوضع المأزوم والمتوتر الذي يشهده عالم اليوم. لكن الصحافية السويدية «ساره شايز»، تحدد وجود «رابطة مشتركة» بين جميع نزاعات اليوم في مختلف مناطق العالم. وهي تحدد تلك الرابطة في «حالة الفساد المستشري التي تهدد الأمن العالمي»، كما يدلّ العنوان الفرعي لكتابها الذي يحمل عنواناً رئيسياً هو: «سارقو الدولة».
في البداية تشير المؤلفة إلى مقولة سائدة لدى دوائر القرار الغربية مفادها أنه «ينبغي تثبيت الأمن ــ في أماكن التوتر والنزاعات ــ أوّلا وسوف نرى فيما بعد بالنسبة لنمط الحكم». وتشرح أن المسؤولين في القوى الكبرى من أصحاب القرار يمارسون عامّة مثل هذا المنطق بالنسبة للعالم الخارجي عندما يقومون بحروب أو بعمليات خارجية.
وتقدّم «ساره شايز» توصيفا «بسيطا وعميقا بالوقت نفسه» للتجارب الشخصية التي عاشتها في أفغانستان. هذا والتأكيد أيضا أن ذلك يثير حالة من «الغضب» لدى الأفغان العاديين الذين تذهب ردود أفعالهم أحيانا نحو العنف والتطرّف.
تشرح المؤلفة أن «الفساد» ليس وليد النزاعات فقط، بل انه هو نفسه قد يغدو «سببا في نشوب النزاعات وفي التسريع بنشوبها». وتجد العديد من مرجعياتها في شرح الأخطار التي يمثّلها الفساد والإفساد على الدول والمجتمعات في مختلف المناطق، كما في مختلف الأزمنة، لدى كبار المفكرين السياسيين من أمثال «جون لوك» و«مكيافيللي» وغيرهما. ومن خلال الربط والمقارنة بين حركات وأحداث التاريخ الكبرى تصل المؤلفة إلى نتيجة جوهرية مفادها أنه «ينبغي على الجميع مواجهة الفساد، ذلك أنه سبب في عدم استقرار العالم وليس نتيجة له».