شهد الاتحاد الأوروبي صعوبات مالية جمّة منذ بدء الكساد الاقتصادي الكبير وغدت الأخبار الاقتصادية الإيجابية محدودة وضئيلة. وتتوقع شركة كلاتونز الرائدة عالمياً في مجال الاستشارات العقارية أن تشهد الاستثمارات العقارية الأجنبية في أوروبا دفعة هائلة في ظل القرار الأخير بإعفاء مواطني دولة الإمارات من تأشيرة “شنغن”.
الجاذبية الأوروبية
وحول هذه المسألة، أوضح مدير الأبحاث وتطوير الأعمال العالمية لدى كلاتونز، فيصل دوراني قائلاً:” لا شك أن السماح للمواطنين الإماراتيين بالسفر دون تأشيرة إلى دول منطقة “شنغن” قد مهّد الطريق لحدوث نقلة كبيرة محتملة في قطاعات الاستثمار العقاري خارج الحدود. كما أن الفائدة الإضافية المتمثلة في ضعف قيمة اليورو تعني أنّ المشترين بالدرهم أصبحوا حالياً أكثر ثراءً باليورو بنسبة 23٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، الأمر الذي من شأنه بالتأكيد أن يرفع جاذبية الاستثمار العقاري في دول الاتحاد الأوروبي بالتحديد.”
وأضاف: “وبالطبع لا تقتصر هذه المسألة على المشترين الإماراتيين فقط. فنظراً إلى أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي حافظت على سعر صرف ثابت مقابل الدولار الأمريكي، تحظى جميعها بوضعية جيدة للاستفادة من هذه الميزة الهائلة في العملة التي لا يتوقع بأن تتراجع وتيرتها في المدى القصير خاصة مع استمرار الأزمة المالية اليونانية “.
من جهتها، قالت جوانا ليفريت، رئيس الوكالة السكنية الدولية: “نحن نعلم من خلال بحثنا أن العقارات تشكل دائماً فئة مفضلة ضمن الأصول الاستثمارية في أوساط أثرياء العالم وتتصدر لندن وغيرها من العواصم الأوروبية الرئيسية باستمرار قائمة مناطق الجذب في مجال الاستثمار العقاري.”
وأضافت:”لقد حقق مكتبنا الجديد في الأندلس في جنوب إسبانيا نجاحاً كبيراً. فقد استشعر المشترون البريطانيون على وجه الخصوص بسرعة تراجع سوق العقارات الإسبانية إلى أدنى مستوى له ومع بقاء الجنيه الإسترليني متفوقاً على اليورو، يسارع المشترون من المملكة المتحدة إلى استغلال الفرصة وشراء منزل ثاني على السواحل الإسبانية المشمسة. كما بدأنا نشهد هذه الظاهرة في دول جنوب أوروبا، ولعل التراث الإسلامي الغني في جنوب إسبانيا يعد أحد العوامل التي قد تعزز جاذبية الشراء بشكل عام للمشترين من دول مجلس التعاون الخليجي.”
المشهد الاستثماري في المملكة المتحدة
تعتقد كلاتونز أيضاً أن النتيجة المفاجئة في الانتخابات البريطانية العامة تعني أن بريطانيا ستشهد فترة طويلة من الاستقرار الاقتصادي والنمو ويتوقع بأن استمرار حزب المحافظين في الحكم سيبدد أي قلق بشأن المخاوف السابقة من الاتجاه نحو برلمان معلق.
وتابعت ليفريت: “لقد زال الآن خطر تشكيل حكومة ائتلافية تستبعد المحافظين وكانت تخطط لتقويض سياسات الإسكان التي تم اعتمادها تحت قيادة ديفيد كاميرون، وهو الأمر الذي أدخل البهجة والتفاؤل إلى مجتمع الاستثمار. ويمكننا القول الآن بأن خطر فرض ضريبة سنوية على المنازل التي يزيد سعرها على مليوني جنيه إسترليني (ما يعادل 12.4 مليون درهم) قد تبدد تماماً. وكانت الضريبة السنوية ستلقي بثقلها في حقيقة الأمر على لندن والجنوب الشرقي، حيث تتركز حوالي 90٪ من شقق المملكة المتحدة التي تفوق قيمتها مليوني جنيه إسترليني.”
أما السياسة الأخرى التي تم الحديث عنها قبل الانتخابات، وهي فرض سقف للإيجارات، ثم ما لبثت أن تلاشت بسرعة. ومن شأن فرض سقف للإيجار ات في المملكة المتحدة أن يقوّض قطاع الإيجار الخاص الذي يعتبر حالياً محركاً أساسياً لتدفقات رأس المال الضخمة من الخارج ليس فقط في لندن ولكن أيضاً في جنوب وشمال المملكة.
وأردف دوراني: “يستعد سوق الإسكان في لندن الآن للخروج من حالة ترقب وانتظار تسببت بتعثر النمو قبل انطلاق عملية انتخابات تاريخية ومنافسة تعتبر الأكثر احتداماً في التاريخ الحديث. فقد انسحب البائعون والمستثمرون من السوق في وقت مبكر من العام وبدأ النشاط يتراجع في مختلف المجالات. ورغم أننا لا نتوقع زيادة مفاجئة في الطلب هذا العام، إلا أنه من المرجح أن ينعكس الاستقرار الذي يوفره المشهد السياسي الثابت على استئناف النشاط في المعاملات والذي سيظل محدوداً بالطبع نظراً للنقص العام في العرض والقيود المفروضة على الإقراض العقاري .”
واختتم دوراني: “مع ذلك، على الرغم من هذه الخلفية والظروف المحلية، يتطلع المشترون من دول مجلس التعاون الخليجي حالياً إلى الاستفادة بنسبة 8٪ إلى 10٪ في فارق العملة بسبب قوة الدولار الأمريكي. ومع توقعاتنا التي تظهر نمو أسعار المنازل بما يقارب 18٪ خلال السنوات الخمس المقبلة، سوف تستمر جاذبية نمو القيمة الرأسمالية التاريخية التي تتميز بها لندن في الدفع بالاستثمار الداخلي. في الواقع، ارتفع صافي الاستثمار الداخلي للعقارات التجارية المؤسسية في المملكة المتحدة خلال الربع الأول من العام بنسبة 150% مقارنة بالربع الأول من عام 2014 ونتج بصورة رئيسية عن الأموال التي ترتكز إلى الدولار الأمريكي والتي تستحوذ على نسبة 40٪ من إجمالي الاستثمارات وفقاً لمؤسسة Property Data.”