Site icon IMLebanon

النبطية: الأوضاع الأمنية تفاقم الجمود التجاري

NABATIYYEH
عدنان طباجة

الهدوء والرتابة القاتلة، سمتان بارزتان تطبعان الحركة التجارية في السوق المركزي لمدينة النبطية هذه الأيام، هي حلقة متواصلة منذ سنوات عديدة، بدلاً من الازدحام والانتعاش الاقتصادي، اللذين كانا في أيام العز التي يبدو أنها ولت إلى غير رجعة. الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية في لبنان وسوريا والدول العربية الأخرى هي السبب، إضافة إلى أوضاع المغتربين وانعكاس ذلك سلباً على هذه الحركة التي أصبحت بلا بركة، بحسب الكثير من التجار. عدد من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية، لاسيما منها محال بيع الألبسة والأحذية، وبهدف تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية في المدينة بعد ركودها المزمن، جعلتهم يلجأون، إلى سياسة المنافسة والمضاربة فيما بينهم بطريقة مكشوفة، تمثلت في الإعلان عن أسعارهم المخفّضة بواسطة لافتات كبيرة تصدّرت واجهة محالهم ومؤسساتهم أو رفعت فوق مداخلها. لكن ذلك لم يغر المواطنين بالتسوّق، ولم يشتروا شيئاً إلا في ما ندر، حتى أن سوق الإثنين التجاري في النبطية الذي عادة ما يشهد زحمة خانقة بالتجار والبائعين والمواطنين، تحول إلى يومٍ عادي بامتياز يفتقد زواره.
أي حركة ضئيلة يشهدها السوق التجاري في الوقت الحالي، تقتصر على محال بيع الخضار والفاكهة واللحوم والمواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية التي لا بدّ منها، في غياب أي إقبال على شراء السلع الأخرى من ملبوسات وأحذية وغيرها، بالرغم من تخفيضات الأسعار التي تتراوح بين 30 و50 و70 في المئة، يقول التاجر حلمي شرف الدين.
وفي محاولة منه لحلحلة حركة البيع والشراء في محله، بعد الركود القاتل الذي عانى منه في الفترة الأخيرة، وتلافياً لوقوعه تحت وطأة الالتزام بتعهداته المالية للتجار الكبار، اضطر التاجر أحمد سلوم إلى اعتماد سياسة المنافسة المكشوفة على الأسعار لملاءمتها مع الظروف الحالية التي يعاني منها المواطنون والتجار على حدٍ سواء. بينما سياسة البيع بالرأسمال من دون أية أرباح أفضل من عدم البيع على الإطلاق والتفرج على البضاعة ومراكمة الديون والمستحقات، بالنسبة للتاجر عماد ياسين، لكنه يأسف لأن كل هذه الإغراءات لم تجدِ نفعاً ولم تجذب المواطنين للتسوق، لانشغالهم بالهموم المعيشية والحياتية الأخرى.
التاجر محمد الساحلي يتمشى خارج محله لبيع الملبوسات ليقتل الضجر والملل بانتظار الزبائن الذين اشتاق لهم منذ فترة طويلة. كما أن العديد من جيرانه التجار يلعبون الورق والنرد، أو يتحلقون حول التلفزيون لمتابعة آخر المستجدات السياسية المحلية والعربية، والتعلـــيقات عليها بانتظار الفرج الذي أصبح حلماً بالنسبة إليهم.
ونظراً لوقوعهم تحت أعباء ومسؤوليات مادية باهضة تتوزع بين تسديد ثمن البضاعة وإيجار المحال والمؤسسات ورواتب العمال وبدلات الكهرباء والضرائب والمتطلبات العائلية الكبيرة، تحذّر مي حجازي وهي تدير إحدى المؤسسات التجارية في النبطية من أوخم العواقب التي قد تصيب التجار جراء تراجع الأحوال التجارية والاقتصادية، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في لبنان والمنطقة.
«الأوضاع الأمنية والسياسية وانعكاسات الأزمة السورية التي تعاني منها مختلف المناطق اللبنانية، إضافة للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الضيقة المشكو منها من قبل معظم المواطنين، تأتي في طليعة الأسباب المساهمة في جمود الحركة التجارية والاقتصادية، منذ سنوات عديدة»، كما يقول رئيس «جمعية تجار محافظة النبطية» وسيم بدر الدين، «إذ بات المواطنون برأيه يحرصون على عدم التفريط بأموالهم التي يدّخرونها بطريقة فوضوية وعشوائية وكيفما اتفق، ويفضلون الاحتفاظ بها للأيام الصعبة التي يتخوفون من الآتي منها».