يتنافس ثمانية مرشحين، بينهم امرأة، في انتخابات تجرى بعد غداً الخميس، على تبوؤ أبرز منصب حالياً في أفريقيا، وهو رئاسة البنك الأفريقي للتنمية، الذي يتسم بأهمية استراتيجية كبيرة. ويواجه البنك في السنة الخمسين لتأسيسه، التحديات الجديدة في قارة تخوض غمار تحول اقتصادي سريع.
ضبابية
ومن الصعب قبل أيام من الانتخابات، التكهن باسم المرشح الذي سيخلف الرواندي دونالد كابيروكا، الذي تسلم رئاسة البنك الأفريقي للتنمية في 2005، وأنهى ولايته الثانية. فهل يريد المساهمون الثمانون (54 بلداً أفريقياً و26 بلداً غير أفريقي) أن يختاروا للمرة الأولى امرأة، وامرأة ناطقة بالبرتغالية، هي كريستينا دوارت من الرأس الأخضر؟، أم هل يختارون النيجيري أكينومي إديسينا؟. وفي حال انتخاب الأخير، سيكون ذلك بمثابة تكريس لبلد ينافس، رغم هجومات حركة بوكو حرام الإسلامية، جنوب أفريقيا، ليكون الوجهة المفضلة للمستثمرين في القارة. لكن ذلك سيكون أيضاً بمثابة كسر للقاعدة غير المكتوبة التي تمنع بلداً يتمتع بنفوذ إقليمي من ترؤس هذه المؤسسة.
مفاجأة متوقعة
ورغم أن وزير الزراعة النيجيري المنتهية ولايته، يتحدث الفرنسية بطلاقة، فإن ذلك لن يرضي أفريقيا الناطقة باللغة الفرنسية، ويمثلها بيراما سيديبي من مالي، وجلول عياد من تونس. ويستطيع التشادي بيدومرا كوردجي أن يصبح أول رئيس يتحدر من أفريقيا الوسطى. ويمكن أن يشكل انتخاب مرشحي سيراليون وزيمبابوي وإثيوبيا مفاجأة.
حدود النمو
وبعد أن تنتهي المنافسة الديبلوماسية، يتعين على الرئيس الجديد أو الرئيسة الجديدة، قيادة المصرف في بيئة مضطربة اقتصادياً. ويؤكد لوك ريغوزو مؤسس صندوق اميتيس للاستثمار، أن أفريقيا تشكل، رغم النزاعات والأزمات الصحية، مثل إيبولا والفقر «حدوداً جديدة للنمو العالمي»، بفضل زيادة إجمالي الناتج الداخلي بنسبة الضعف منذ 2000 ليقارب تريليوني دولار.
وأضاف هذا المسؤول السابق في الوكالة الفرنسية للتنمية، الذي انصرف لتمويل المؤسسات الأفريقية، أن الغرب احتفظ برؤيته التي كانت صحيحة قبل 30 عاماً، عن قارة فارغة، ريفية، مع اقتصادات تستند كثيراً على المواد الأولية، وعلى ضخ المساعدات التي تحصل عليها من الخارج. ويعتبر نفسه دائماً اليد التي تعطي. إلا أننا لم نعد أبداً في هذا الوضع. وتشكل المساعدة الرسمية للتنمية أقل من 2.5 % من إجمالي الناتج الداخلي للقارة.
تدفقات ضخمة
وتتدفق رؤوس الأموال الخاصة إلى أفريقيا، وتتطور فيها الصناديق الكبيرة، مثل كارلايل وكاي.كاي.ار، كما بات عدد كبير من البلدان الأفريقية قادراً على تمويل نفسه مباشرة في السوق.
وتعكس برامج المرشحين إلى رئاسة البنك الأفريقي للتنمية، من دون التغاضي عن الفقر وانعدام البنى التحتية، هذه القوة الجديدة للاستقطاب. وينوي معظمهم تنويع أنشطة البنك الأفريقي للتنمية، بما يتخطي دوره التقليدي بصفته مصرفاً للتنمية يقدم قروضاً لمشاريع كبيرة، من خلال تمويل نفسه بسهولة، مستفيداً من سمعته الجيدة التي كرسها حصوله على تصنيف «إيه إيه إيه».
وفي 2013، صادق البنك الأفريقي للتنمية على 317 عملية، بلغت قيمتها الإجمالية 6.8 مليارات دولار. ويريد النيجيري أكينومي إديسينا، التخلص من المشاريع غير الأساسية، والتي لا داعي لها، والتي غالباً ما يتم تمويلها بالمساعدة الدولية، وتترافق مع روائح فساد كريهة. ويطالب اديسيما بـ «بنى تحتية ذكية، أكثر إنتاجية وتنافسية». ويطالب أيضاً بتخطي الصعيد الوطني عبر «غوغل أفريقي» «سوق إقليمية» للكهرباء أو «بورصة إقليمية».
أما المالي سيديبي «فيريد أن يضطلع المصرف من الآن فصاعداً، بدور محرك للتمويل وبدور وسيط»، وليس فقط بالدور التقليدي لأي جهة مانحة.
وتؤيد هذه الفكرة مرشحة الرأس الأخضر كريستينا دوارت، التي تريد إذا ما انتخبت، أن تجعل من البنك الأفريقي للتنمية «بنكاً يعتمد على الابتكار لتلبية الحاجات الخاصة للبلدان الأفريقية وقطاعاتها الخاصة».
ويرى سيديبي من جهة أخرى، أن البنك الأفريقي للتنمية، بإفساحه في المجال للقيام بحملة واسعة جداً من أجل رئاسته، خرج «من العالم الذي تخنقه مصارف تمويل التنمية».
المساهمون
تتباين رؤى البلدان المساهمة ففرنسا تريد رئيساً «يبدي مزيداً من الاهتمام بمصالح» أفريقيا الناطقة باللغة الفرنسية، كما تقول وزارة المالية. ولا يمكن تجاهل الولايات المتحدة، المساهم الثاني بعد نيجيريا، على غرار اليابان والصين.