IMLebanon

حملة لإعادة أداة مالية أسهمت في فقاعة الائتمان

FinancialBubble

جيليان تيت

هذا الشهر، تشهد «وول ستريت» حملة ضغط جديدة. لكن هذه المعركة، وهي الأحدث، ليست حول رأسمال المصارف أو المكافآت، بدلا من ذلك تبدو القضية وكأنها أمر رجعي: مشتقات الائتمان.

أثناء فقاعة الائتمان الشرسة في العقد الماضي، ازدهرت تلك المنتجات. لكن منذ ذلك الحين تلاشى التداول فيما يسمى مقايضات الائتمان ضد الإعسار ذات الاسم المنفرد، أو الأدوات التي تتيح لمستثمريها فرصة المراهنة على ما إذا كانت شركة محددة أو دولة محددة ستتعرض للإعسار: النشاط الآن مجرد ثلث مستويات عام 2008 (رغم أن صورة منتجات المؤشرات تبدو أفضل).

لكن الآن بعض المؤسسات المالية الكبيرة – جنبا إلى جنب مع الهيئات الضاغطة مثل رابطة المشتقات الائتمانية والمقايضات الدولية – تريد تنظيم عملية إحياء رجعية. يقولون “إن إعادة بناء المشتقات الائتمانية ستجعل التمويل الحديث أكثر أمنا إلى حد كبير، ولا سيما عندما يرفع “الاحتياطي الفيدرالي” في النهاية أسعار الفائدة”.

هل هؤلاء المصرفيون مجانين؟ أم أنهم يمارسون حيلهم القديمة سعيا إلى الربح؟ في كلتا الحالتين ربما يود معظم السياسيين “والناخبين” الإجابة بـ “نعم”. مع ذلك، السبب وراء تلاشي سوق مقايضات الائتمان ضد الإعسار ذات الاسم المنفرد منذ عام 2008 هو فرض المنظمين قواعد جديدة ما جعل الأمر أكبر عبئا وأكثر تكلفة للتداول في تلك المنتجات.

وكان الدافع وراء هذا التحول هو أن المشتقات الائتمانية كانت قد لعبت دورا بطوليا في عرض الرعب الخاص بالطفرة والانهيار الذي أصاب الائتمان. وفي حين لم تخلق هذه المنتجات في الواقع الفقاعة العملاقة، أو التجاوزات الثانوية في القروض العقارية لضعاف الملاءة، إلا أن مختصي المال الماكرين استخدموا المشتقات الائتمانية للالتفاف على اللوائح وتحميل محافظ المستثمرين مخاطر وديون كبيرة إلى حد خطير، كانت مخفية بشكل جزئي.

ومع أن هذا التاريخ المؤسف ربما يرغمنا على قول “لا” لأي عودة أو تراجع، إلا أن ذلك قد يكون فكرة سيئة. فعلى الرغم من إساءة استخدام تلك الأدوات بشكل فظيع خلال العقد الماضي، إلا أن هناك فكرة جيدة تكمن في جوهرها. بصورة خاصة، عندما تم إيجاد مشتقات الائتمان في فترة التسعينيات، كان المبرر هو تمكين المستثمرين من تقديم رهانات حول مخاطر الائتمان، إما لحماية أنفسهم من الإعسار، أو لكسب الدخل عن طريق بيع أشباه الائتمان للآخرين.

الآن يبدو ذلك المفهوم الأساسي الأصلي مفيدا جدا، إن لم يكن أساسيا، للأسواق الحديثة. وكما يشير زميلي مارتن وولف، نحن على الأرجح نقترب من نهاية سوق سندات صاعدة امتدت لفترة 30 عاما. ومن الجميل أن نأمل أن تمر نقطة التحول هذه بسلاسة. لكن ذلك يبدو أمرا ساذجا. سيحتاج المستثمرون إلى كل مساعدة – أو أدوات – يمكنهم العثور عليها من أجل التحوط ضد المخاطر خلال العام المقبل.

والسبب الثاني الذي يجعل المشتقات الائتمانية تبدو مفيدة، هو أن من الصعب جدا على أي شخص اليوم أن يتداول في السندات النقدية، جزئيا لأن لوائح ما بعد الأزمة دفعت السماسرة إلى تقليص أدوارهم في صناعة الأسواق. إن إعادة إحياء المشتقات قد تساعد على التخفيف من هذا، ذلك أن المستثمرين قد يكونون أكثر استعدادا لاقتناء السندات إذا كان بإمكانهم حماية أنفسهم من الإعسار.

علاوة على ذلك، إذا تم تداول المشتقات بطريقة تنتج أسعارا معقولة وذات صدقية، فإن هذا يوفر مقياسا للزوايا الأكثر قتامة في سوق السندات غير السائلة، ويشير إلى كيفية تحول المشاعر. وللتدليل على ذلك، تذكر كيف أن التقلبات في أسعار أسواق مقايضات الائتمان ضد الإعسار أشارت إلى مدى قلق الأموال الذكية حيال بنك ليمان براذرز، أو المجموعة الدولية الأمريكية للتأمين، أو بير ستيرنز في عام 2008.

هل يمكن أن يحدث هذا؟ بالتأكيد تأمل رابطة المشتقات الائتمانية وغيرها حصول ذلك. وهم يحاولون إعادة إحيائه عن طريق تشجيع اثنتين من أفكار السياسات: دفع المشتقات عبر بيوت مقاصة مركزية، لجعل المنتج أكثر أمانا وأقل تكلفة من حيث تسيير معاملاته، وتبسيط السوق عن طريق خفض التواتر الذي يتم من خلاله تحديث عقود مقايضات الائتمان ضد الإعسار، وذلك من أربع مرات إلى مرتين سنويا.

هذا يبدو أمرا معقولا. لكن إذا كانت هذه الصناعة ستنطلق مرة أخرى، فإنها تحتاج إلى حدوث ثلاثة أمور أخرى.

يحتاج مختصو المال إلى إثبات أنهم يتبنون تماما فكرة الحد الأقصى من الشفافية. من ثم، يجب عليهم إظهار أنهم يرون الأداة وسيلة لإدارة المخاطر، وليس مجرد آلية أو أسلوب للتحكيم التنظيمي. الأهم من ذلك، لا بد أن يكون هناك طلب حقيقي على مقايضات الائتمان ضد الإعسار – خصوصا من قبل المستثمرين النهائيين، بدلا من مندوبي المبيعات المتعطشين لرسوم الخدمات المصرفية.

هذا قد يحدث. مثلا، من المشجع أن نلاحظ أن واحدا من الأصوات الأكثر نشاطا التي تضغط الآن لإعادة إحياء عمليات مقايضات الائتمان ضد الإعسار ذات الاسم المنفرد هو ليس صوت أي مصرف، وإنما بلاك روك، مجموعة إدارة الأصول. لا يمكن لأي أحد التظاهر أو ادعاء أن إعادة بناء الثقة بهذا القطاع ستكون أمرا سهلا أو سريعا، خصوصا عندما تستمر الأدلة الجديدة على التجاوزات المصرفية، مثل فضائح العملات الأجنبية، في الظهور.

وإذا كان مختصو المال يريدون حقا إعادة عالم المشتقات الائتمانية مرة أخرى، حينها يحتاج القطاع إلى أن ينمو ويكبر على وجه السرعة، وبكل معنى الكلمة. دعونا نأمل أنه يمكنه ذلك قبل أن تغير دورة أسعار الفائدة مسارها.