جوزف فرح
يقول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان مستقبل الاقتصاد اللبناني سيقوم على ثلاثة قطاعات رئيسية: القطاع المالي، قطاع النفط وقطاع اقتصاد المعرفة، وهذه القطاعات ستشكل قوة دفع للقطاعات الاقتصادية التقليدية في لبنان، وستوفر فرص عمل للشباب اللبناني.واذا كان قطاع المال ناجح منذ زمن، وقطاع النفط، ينتظر استخراج المادة من بحر لبنان واتفاق السياسيين، يبقى قطاع اقتصاد المعرفة الذي خصص مصرف لبنان له 400 مليون دولار لانشاء شركات ناشئة في عالم التكنولوجيا والاتصالات.
هذا القطاع الجديد عمدت صناديق استثمارية الى الاستثمار في الشركات الناشئة ومنها تبدأ قصص النجاح، واول تخارج استثماري ناجح كان من خلال بيع موقع «شاهية دوت كوم» الموقع اللبناني العربي في مجال وصفات الطعام الى شركة Cookpad التي تتخذ من اليابان مقراً لها وهي شركة رائدة عالمياً في مجال خدمة وصفات الطعام عبر الانترنت وقد جلب ذلك الاستثمار الى المؤسسة عائداً بلغت نسبته 600 في المئة، وقد بدأت شركة شاهية اعمالها باستثمار من الصندوق الاستثماري الذي اصدرته (MEVP) شركاء المبادرات في الشرق الاوسط بـ500 الف دولار وباعت الشركة بـ13.5 مليون دولار.
رئيس مجلس ادارة شركة «شركاء المبادرات في الشرق الاوسط» وليد حنا يؤكد ان شركته تركز على رأس المال المخاطر في الشرق الاوسط وتستثمر في المراحل الاولى وفي مراحل نمو الشركات المبتكرة التي يديرها رواد اعمال موهوبون مثل المديرة التنفيذية لشركة «شاهية» السيدة هلا لبكي.
وتعتبر شركة شركاء المبادرات في الشرق الاوسط (MEVP) Middle East Venture Partners من اهم الشركات في هذا المجال وقد انشأت مؤخراً صندوقاً استثمارياً «امباكت فاند» حيث اعرب المستثمرون ومنهم 16 مصرفاً لبنانياً عن التزامهم بالمساهمة بحوالى 70 مليون دولار، مما جعل هذا الصندوق الاكبر في لبنان، والاول الذي يتمثل الى التعميم الوسيط رقم 331 الصادر عن مصرف لبنان حول اقتصاد المعرفة.
وكان مصرف لبنان قد اطلق هذا التعميم بهدف نمو اقتصاد المعرفة، حيث يتوقع ان يسهم هذا القطاع في تحسين فرص العمل في مجال التكنولوجيا المتطورة في البلاد.
وتقتصر الاستفادة من برنامج الدعم الاستثماري الوارد في التعميم رقم 331 على المصارف اللبنانية، بحيث يشجع البرنامج المصارف اللبنانية على استثمار اسهم رأسمال المراحل الاولى في اقتصاد المعرفة في لبنان من خلال تقديم رأسمال اسهم مدعوم مسبق بقيمة 75% وحماية من الهبوط بنسبة 25 في المئة لاستثمار على مدى سبع سنوات.
ويؤكد حنا ان البرنامج صمم لتمويل شركات لبنانية قائمة على المعرفة يتوقع ان تنمو على الصعيدين الاقليمي والعالمي، لذا استثمارات الصندوق تستهدف اسواقاً تشمل الشرق الاوسط وشمال افريقيا على الاقل، هذا ان لم تشمل الاسواق العالمية، شريطة الاستمرار في اجراء الابحاث والتطوير في لبنان والتمسك بمكاتب دعم خلفية في البلاد، باعتبار ان هذه الشركات تعتمد الـOnline.
ويتابع حنا: لقد بدأنا الاستثمار في هذا الصندوق بـ18 مليون دولار لانشاء 7 شركات لبنانية، ولدينا حوالى الاربع سنوات لاستثمار بقية الاموال المقدرة بـ70 مليون دولار من انشاء وتوسيع شركات ناشئة تعتمد على المعرفة والابتكار والتي ترتكز بشكل اساسي على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الطاقات المبتكرة المتصلة بالملكية الفكرية، وهو من اكثر القطاعات التي ساهم في التخفيف من البطالة انطلاقاً من الوظائف ذات القيمة المضافة التي توفرها.
ويشرح حنا كيفية الاستثمار في هذه الشركات «التي نعمد الى توسيعها وتكبير حجمها ونستثمر فيها وبعد اربع او خمس او ست سنوات ونساعد اصحابها على اعادة بيعها لتحقيق الارباح للشركاء فيها «ونحن احدهم» حيث نرد رؤوس الاموال للمستثمرين معنا في الصندوق والذين هم المصارف فيأخذون 80 في المئة من الارباح ونحن20 في المئة».
} 7 شركات لبنانية }
ويضيف حنا: لقد انشأنا من هذا الصندوق الاخير 7 شركات حتى الآن، وقبلها انشأنا 25 شركة من صناديق استثمارية اخرى، وكانت موزعة 60 في المئة في لبنان و10 في المئة في عمان و30 في المئة في دبي، وهذه الشركات لبنانية.
ويضيف: هذه الشركات التي تنشأ هي «تعريب» لشركات اجنبية اوروبية او اميركية احياناً تطلق في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ودول الخليج بعد ان اكدت دراسات اقتصادية حديثة ان رأسمال الرقمي ينمو بسرعة كبيرة واصبح عاملاً رئيسياً لنمو الاقتصاد العالمي، واسهمت المعدلات العالية لانتشار الهواتف الذكية بالاضافة الى تطور ونمو قطاع التجارة الالكترونية في تعزيز مكانة الشرق الاوسط وشمال افريقيا كأرض خصبة لشركات التقنيات الناشئة التي تحتاج الى استثمارات لتعزيز نموها والسماح لها بالاستمرارية والنمو والنجاح وانشاء قاعدة قوية لفرص العمل المستدامة. وتشهد المنطقة نمواً غير مسبوق في المال الذي تم تجميعه من قبل عمليات مؤسسات رأس المال المشترك (Venture Capital) في قطاع تقنية الانترنت والاتصالات الذي يسيطر على الاستثمارات والتعاملات، حيث يشكل عدد الصفقات التي تم انجازها من قبل صناديق رأس المال المشترك في شركات تقنية المعلومات والتطبيقات الالكترونية.
وتعد شركة ميدل ايست فنتشر بارتنرز التي باشرت عملياتها عام 2010 احدى اقدم واكبر الشركات المستقلة لرأس المال المشترك باصول تحت الادارة تتعدى 100 مليون دولار اميركي. وقد اتمت ميدل ايست فنتشر بارتنرز اول عملية بيع لها في كانون الاول 2014، وذلك عندما تمت عملية بيع شركتها الاستثمارية المدعوة شاهية دوت كوم Shahiya.com، وهي الموقع الرائد في دول مجلس التعاون الخليجي لوصفات الطبخ العربي عبر الانترنت وتطبيقات الهاتف، حيث تم الاستحواذ على شاهية من قبل نظيره الياباني وهو موقع Cookpad لوصفات الطبخ الذي تقدر قيمته بمليار دولار، وذلك مقابل 13.5 مليون دولار اميركي، وهي صفقة حققت معدل عائدات تصل الى 130%. وقد قامت ميدل ايست فنتشر بارتنرز منذ تأسيسها بالاستثمار في 25 شركة، تعد سبع منها من الشركات الرائدة في المنطقة، وتوظف هذها لشركات اكثر من 300 موظف ذوي كفاءات عالية. ولقد قامت كل من مؤسسة ابو ظبي الحكومة TwoFour54 وواحة السيلكون التابعة لحكومة دبي بالاستثمار في شركة (www.theluxurycloset.com)، وهي احدى الشركات الاستثمارية التابعة لشركة ميدل ايست فنتشر بارتنرز. وهذه هي المرة الاولى التي تقوم فيها مؤسستان حكوميتان في كلا من دبي وابو ظبي بالاستثمار في شركة تدار بطريقة رأس المال المشترك.
ويتوقع حنا ان يتم بيع كل الشركات التي تم الاستثمار فيها خلال الاعوام 2015 ـ 2016 ـ 2017 بينما صندوق «امباكت فاند» والشركات المنتمية اليه لن تباع الا بعد مرور خمس او ست سنوات من اجل تحقيق الارباح. والاستثمارات من خلال صناديق يتم انشاؤها في لبنان ودبي اضافة الى عمان والقاهرة.
ويعتبر ان انشاء صندوق استثماري في دبي مفيد ويحقق الغاية التي من اجلها انشىء نظراً للبنية التحتية التي تتمتع بها دبي والسهولة في انشاء الشركات حيث بات بامكان اي شخص امتلاكها 100 في المئة، ووجود مطار دولي منفتح على العالم كله وكل الشركات العالمية والاقليمية موجودة هناك حيث بامكان الشركة ان تعمل باتجاه الكويت والسعودية وعمان وغيرها وبالتالي من المفترض ان تكون شركتك في دبي ايضاً.
هل هذا يعني ان بيروت لم تعد العاصمة المالية والمصرفية العربية يؤكد حنا ذلك ويحوّل ذلك الى دبي مع العلم ان الشركات تعتمد على الفكر اللبناني في البرمجة والتقنيات اضافة الى التسويق وغيرها.
ويؤكد حنا ان المستقبل هو لاقتصاد المعرفة في ظل تراجع القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة ولم يبق سوى دعم الفكر اللبناني وهو الرأسمال الوحيد الباقي للبنان.
ويؤكد حنا ان الشركات اللبنانية قادرة على النجاح في منطقة الخليج في ظل وجود حوالى 150 مليون مستعمل للانترنت و83 مليون حامل هواتف ذكية، معتبراً ان الانسان العربي بات يقضي اكثر من 6 ساعات يومياً على الانترنت حتى ان التلفزيون مات واذا استعملته يكون عبر افلام الانترنت، اضافة الى ذلك فان اللغة المشتركة مع الخليج تتيح للشركات اللبنانية النجاح وتسويق انتاجها بينما تتعرض للمنافسة في الاسواق الاوروبية والاميركية.
لكن حنا ابدى تخوفه من كثرة الصناديق الاستثمارية التي بدأت تظهر في مقابل «قلة» عدد الشركات الناشئة، متمنياً ان يعي رواد الاعمال اهمية اقتصاد المعرفة كي يسارعوا الى انشاء شركات جديدة تؤهلهم لمستقبل واعد.