تفاقمت أزمة الطاقة التي تعيشها مصر إلى حدود هي الأسوأ منذ عقود، رغم وعود حكومية بالقضاء عليها قبل حلول صيف 2015، الذي يهدد المصانع بموجة حر قاسية تنحسر معها عجلات إنتاجهم، في ظل قلة المعروض من الطاقة.
وقال رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، جمال الجارحي، إن مصانع الحديد في مصر فقدت نحو 75% من طاقتها الإنتاجية جراء نقص كميات الغاز الموردة إليها خلال الشهور الأخيرة. وتُنتج البلاد نحو 8 ملايين طن سنويا من الحديد.
وأضاف الجارحي، وهو رئيس شركة الوطنية للحديد والصلب، خلال مقابلة بالهاتف مع مراسل “العربي الجديد”، أن استثمارات قطاع الحديد؛ والتي تتجاوز قيمتها 150 مليار جنيه (20 مليار دولار) على وشك الانهيار، جراء نقص إمدادات الغاز وتوجيهها إلى محطات توليد الكهرباء.
ويتخوف مراقبون من أن يساهم نقص إنتاج الحديد، في عرقلة المشروعات الضخمة التي تروج لها مصر، ولا سيما في قطاع البنية التحتية والإسكان، في ظل اعتماد الدولة على استيراد نحو 4 ملايين طن حديد سنويا.
وتعاني مصر من فجوة بين الإنتاج والطلب في الغاز تتجاوز 1.2 مليار قدم مكعبة يوميا، ما دفعها لطرق أبواب موردي الغاز الرئيسيين في العالم، بما فيهم الاحتلال الإسرائيلي.
ووصف الجارحي، موافقة الحكومة للقطاع الخاص على استيراد الغاز الطبيعي أو المسال، بأنه لا يصب في مصلحة قطاع التعدين في الوقت الحالي، نظرا لعدم جاهزية الشركات لهذه الخطوة.
ووافقت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، على السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز واستخدام الشبكة القومية للغازات في تسويقه مقابل تعريفة نقل، ما فسره مراقبون، بأنه خطوة يُقصد منها الالتفاف على قرار استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الجارحي: “لم يعد لدى الشركات أموال لاستيراد الغاز، بعدما تم استهلاك رأسمالنا جراء الخسائر المتلاحقة على مدار السنوات الأربع الماضية”.
ويعمل في السوق المحلية بمصر نحو 25 مصنع حديد، تصل قدراتهم الإنتاجية إلى 10 ملايين طن سنويا، وتستوعب ما يربو على 50 ألف عامل، وفقاً لبيانات غرفة الصناعات المعدنية.
وقدر تقرير حديث لمرصد الكهرباء، التابع لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك في مصر، خسائر مصانع الحديد والصلب جراء انقطاع الكهرباء بنحو 800 ألف جنيه يوميا (105 آلاف دولار)، ومصانع الألمنيوم بحوالى 650 ألف جنيه يوميا، بينما وصلت خسائر الشركات السياحية إلى 20 مليون جنيه، خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، بسبب انقطاع الكهرباء في المدن السياحية والفنادق، واستخدام المولدات والاضطرار لشراء السولار لتشغيلها.
ويرى الجارحي، أن الحكومة لم تراع دراسات الجدوى الخاصة بمشروعات صناعة الحديد، حيث تم إنشاء المصانع على أساس الحصول على المليون وحدة حرارية بسعر دولار واحد، ثم عدلته الحكومة إلى 3 دولارات ثم أخيرا إلى 7 دولارات، ومع ذلك لا تلبي الطلب.
وقال إن السعر العادل لقيمة المليون وحدة حرارية الذي تحصل عليه الشركات، يجب ألا يزيد على 4 دولارات.
وعلى الرغم من فرض الحكومة المصرية رسوم حماية على واردات الحديد لمدة ثلاثة أعوام بنسبة 8% إلا أن الجارحي ينتقد تدنى نسبة الرسوم، مقارنة بدول أخرى تصل فيها نسب الحماية إلى 30%.
وأوضح أن واردات الحديد بلغت خلال أبريل/نيسان الماضي 300 ألف طن حديد، رغم وجود رسوم حماية.
ويرى رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات في مصر، تامر أبو بكر، في تصريحات لـ “العربي الجديد”: أن قرار الحكومة بالموافقة للقطاع الخاص باستيراد الغاز من الخارج سيصب في مصلحة قطاع التعدين في نهاية المطاف، على اعتبار أن حصول المصانع على الغاز بسعر سيكون الأعلى عالميا، أفضل من عدم وجود الغاز.