نقلت صحيفة “الجمهورية” معلومات عن أوساط معينة أنّ انسحاب القوات العراقية من الرمادي قرع جرس إنذار لدى القيادات العسكرية الاميركية، وأثار إرباكاً سياسياً في تحليل المعطيات التي سمحت لبضع مئات من مقاتلي “داعش” بدحر آلاف الجنود من دون مقاومة تُذكر.
وهذا ما حصل ايضاً في مدينة تدمر السورية مع انسحاب الجيش السوري من مواقعه وتسليمه المدينة للتنظيم بلا قتال فعلي، ما طرح تساؤلات عن “القطبة المخفية” وراءَ قرار الإنسحاب من المدينتين، والجهة التي تقف خلفَ ما جرى.
وتعتقد تلك الأوساط بحسب “الجمهورية” أنّ قراراً ايرانياً قد يكون هو المسؤول عما جرى، في وقت تشير وجهة الاحداث الى رغبة طهران بنقل المعركة الى حدود خصومها، خصوصاً مع السعودية، واستتباعاً نحو الاردن، في ظلّ تقدير بأنّ الحرب ستتحوّل من الآن فصاعداً حرب بقاء.
وتقول الصحيفة: “هكذا ينظر الى خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخير، الذي بدا من أكثر خطاباته تماسكاً وتعبيراً عن موقف ايران، تجاه قضايا المنطقة.
وتؤكد تلك الأوساط أنّ إيران لا يمكنها أن تدلو بدلوها بشكل مباشر في قضايا العرب، فيما الموقع اللبناني والعربي الذي يصدر منه نصرالله يكسبه صدقية وشرعية، مع إعلانه أنّ المعركة ستكون شاملة وتمتدّ من العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين… من دون القدرة على معرفة مَن هي الجهة التي ستخسر في هذه الحرب، أو تنتصر.
وتضيف الاوساط أنّ ما كان يتوقعه الاميركيون أو على الاقل ما كانوا يشكّكون فيه، جاءت أحداث الرمادي وتدمر ومن ثم خطاب نصرالله لتكشف صحَّتَه، ما يشير الى أنّ القوى الاقليمية الرئيسة في المنطقة، بدأت تنفيذ خططها الشاملة، آخذة في الاعتبار أنّ سياسة إزالة الحدود وإسقاطها هي سياسة مشترَكة لدى الجميع.
وتنقل تلك الأوساط عن مصادر عسكرية أميركية تأكيدها أنّ قرار الإدارة الأميركية عدم الإنغماس في وحول الحروب المذهبية التي ستزداد استعاراً في المنطقة، لا رجعة عنه، وأنّ استراتيجية الضربات الجوية فيما القوات المحلية تخوض “حروبها المقدسة”، لا يفسح المجال أمام تغيير في تلك الاستراتيجية.
وتقول الأوساط: “إن دخول الميليشيات التي تدعمها إيران وتديرها، وإزالتها حدود الدول، سبق عملياً إزالة «داعش» الحدود بين سوريا والعراق. وإسقاط الجيوش وتفكيكها لمصلحة جيوش ميليشياوية، سياسة باشرت إيران تنفيذها منذ مدة، وتستكملها في العراق وسوريا مع تحوّل جيشها ميليشيا لفئة معينة، وفي اليمن عبر تفكيك الجيش لمصلحة ميليشيات مختلَطة من الحوثيين الى اللجان الشعبية المحسوبة على الحكومة «الشرعية».
تضيف تلك الأوساط أنّ القيادة العسكرية الاميركية تراقب وتترقّب من الآن فصاعداً تغييرات في الخطط العسكرية والميدانية للقوى المنخرطة في الصراع، الامر الذي قد ينعكس على خريطة المناطق والدويلات التي هي في طور النشوء، سواء في العراق أو في سوريا ولبنان، وصولاً الى اليمن.
وإذا كان عنوان الصراع هو بين «دولة الخلافة» و«دولة الولي الفقيه»، فمن نافل القول إنّ التغييرات السياسية والبنيوية الجارية في تركيا تطرح علامات استفهام جوهرية حول وجهة تحالفاتها الاقليمية ومآلها، سواء مع السعودية أو قطر أو غيرها من البلدان.
وتلفت تلك الأوساط الى دلالات تصريحات وزير الخارجية التركي مولود شاويش اوغلو عن الاتفاق «المبدئي» مع واشنطن بضرورة توفير «حماية جوية» لقوات المعارضة السورية في شمال البلاد.
فهي من ناحية إعلان بدء تطبيق خطة تقاسم النفوذ في هذا البلد، ومحاولة للتخلّص من عبء اللاجئين السوريين ونزع لغم بات يهدّد الوضع الداخلي التركي، ومن ناحية أخرى إعلان نوايا عن العودة الى صيغة «حكم السناجق»، فيما إعادة النظر في خريطة المنطقة تجرى على قدمٍ وساق!.