أصبح نحو 200 ألف مواطن سعودي يحملون الجنسية الأميركية أمام الالتزام بقانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا». يأتي ذلك وسط معلومات جديدة تؤكد أن معدل الضريبة التي ستفرضها الحكومة الأميركية على الدخل السنوي لحاملي الجنسية يتراوح بين 15 و35 في المائة.
جاءت هذه المعلومات ضمن تصريحات، أكد فيها مسؤولون رفيعو المستوى في شركة «كيه بي إم جي السعودية»، مساء أول أمس، خلال مؤتمر صحافي عُقد في الرياض، أن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي في البلاد) وجّهت البنوك المحلية بتطبيق قرار «فاتكا»، وسط مجموعة من المعايير اللازمة.
وحول ما إن كان هنالك تنازل عن الجنسية الأميركية بسبب «فاتكا»، أكد هؤلاء أن كثيرًا من حاملي الجنسية الأميركية باتوا يفكرون جديّا في الاستغناء عنها، مبينين أن تطبيق القرار طوعيًا خلال السنوات السبع الماضية أثمر عن ضرائب مالية يصل حجمها إلى 6.5 مليار دولار.
وفي هذا الشأن، أكد روبرت أجيوس بيس، رئيس قسم الضرائب والشؤون القانونية في «كيه بي إم جي السعودية»، خلال المؤتمر الصحافي مساء أول من أمس، أن الشركة نظمت لقاءً توعويًا في الرياض أثمر عن وجود أكثر من 100 مواطن سعودي يحملون الجنسية الأميركية.
وقال روبرت في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن مهمة مؤسسة النقد العربي السعودي ليست مباشرة في عملية تطبيق قرار «فاتكا» الأميركي، مضيفا «مؤسسة النقد السعودية كانت تقوم بدور المُفاوض مع الحكومة الأميركية، كما أنها وجهت بدورها البنوك المحلية بالإجراءات اللازمة كافة». ولفت روبرت، خلال حديثه في المؤتمر الصحافي، إلى أن معظم دول العالم ملتزمة بقانون «فاتكا». وقال «حتى إن الدول التي تعيش مرحلة سياسية أو أمنية صعبة ملتزمة، وفي حال عدم التزام أي دولة فإن هنالك مجموعة من العقوبات التي من المتوقع أن تفرضها الحكومة الأميركية، أهمها ما يتعلق باستقطاع 30 في المائة من عائدات بنوك هذه الدول المستثمرة في أميركا».
وتناول رئيس قسم الضرائب والشؤون القانونية في «كيه بي إم جي السعودية» العلاقة بين الشركات الأجنبية والمواطنين الأميركيين، حيث أشار إلى وجوب الإفصاح عن العلاقة بالشركات الأجنبية وشركات التضامن.
ونبه روبرت إلى أهمية الاستفادة من برنامج الإفصاح الضريبي الطوعي للأفراد، وما رافقه من تغييرات تتوقع مصلحة الضرائب الأميركية أنها ستقوم بتسهيل الأمر، وتقديم المساعدة لدافعي الضرائب ليكونوا ملتزمين بهذه القوانين الضريبية؛ وذلك من خلال تقديم إعفاءات من بعض الغرامات والالتزامات.
وتأتي هذه التطورات في وقت عقدت فيه شركة «كيه بي إم جي السعودية»، مساء أول من أمس في الرياض، ندوة متخصصة استعرضت من خلالها تأثيرات النظام الضريبي المفروض على المواطنين الأميركيين المقيمين خارج الولايات المتحدة الأميركية، الذي يلزم جميع الأشخاص الذين يحملون الجنسية الأميركية أو الغرين كارد، سواء من المقيمين داخل الولايات المتحدة أو خارجها، بتقديم إقرارات ضريبية سنوية والإفصاح عن دخلهم السنوي الإجمالي إذا كان يتجاوز سقفا معينا، دون الأخذ في الاعتبار الدخل المكتسب من مصادر أجنبية من أي مكان في العالم.
وأدار الندوة مختصون من «كيه بي إم جي» لديهم خبرات واسعة في النظام الضريبي الأميركي الخاص بالشركات والأفراد، استعرضوا من خلالها النماذج التي يتوجب عليها تقديم الإقرارات الضريبية، وبينوا أنواع الدخل الخاضعة للنظام الضريبي الأميركي، التي تشمل الأجور، وميزات التوظيف، والفوائد، وتوزيعات الأرباح والدخل الناشئ عن النشاطات التجارية المختلفة، والمكاسب العائدة من بيع الممتلكات، كما قدموا شرحا مفصلا عن الإعفاءات الضريبية وبنود المطالبة فيها، والمواعيد السنوية لتقديم الإقرارات الضريبية والغرامات والفوائد المفروضة على المتأخرين عن موعد تقديم إقراراتهم الضريبية المحدد قبل 15 أبريل (نيسان) في كلِّ عام، مع إمكانية تمديد تاريخ تقديم الإقرار لمدة شهرين حتى 15 يونيو (حزيران).
وفي سياق الندوة ذاتها، استعرض الخبراء بعض المؤشرات المهمة للضرائب بين عامي 2014 و2015، تتعلق بالحدود الدنيا من الدخل المطلوب لتقديم إقرار ضريبي، والتي تتراوح حسب الحالة الاجتماعية بين 10 و20 ألف دولار.
وتأتي هذه المعلومات في وقت طبّق فيه برنامج الإفصاح الضريبي الطوعي في 2009، الذي كانت النتيجة منه أن مصلحة الضرائب الأميركية تلقت أكثر من 45 ألف حالة إقرار ضريبي بشكل طوعي، وجرى جمع نحو 6.5 مليار دولار من الضرائب والفوائد والعقوبات.
وفي السياق ذاته، أكد طارق عبد الرحمن السدحان، الشريك المدير في «كيه بي إم جي السعودية»، على أهمية الوعي بما يخص الأنظمة الضريبية الأميركية، ومسائل الإفصاح عن الحسابات المالية الأجنبية غير المصرح عنها. وقال السدحان «هذا الوعي من شأنه حماية أصحاب المصالح من أي تبعات قد تفرض عليهم في حال عدم التزامهم بالقوانين، كما أن مثل هذه الندوات تؤكد التزام (كيه بي إم جي) وسعيها الدائمين إلى مواكبة التغيرات والتحديثات القانونية في أنحاء العالم كافة، وتقديم أفضل الخدمات التي يطلبها المجتمع».
ومن المتوقع أن يؤثر قانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا» على أكثر من 200 ألف شخص لديهم الجنسية الأميركية ويعيشون في المملكة، بحسب بيان صحافي صادر عن شركة «كيه بي إم جي» أخيرًا. وأضاف البيان ذاته «قامت الحكومة الأميركية بإدخال هذا القانون بهدف التأكد من أن المعلومات عن استثمارات مواطنيها خارج الولايات المتحدة الأميركية تدخل ضمن قاعدة وبيانات مصلحة الدخل الأميركي، ولتحقيق أهدافها ضمن الإطار التشريعي والقانوني أبرمت إدارة مصلحة الدخل الأميركي الاتفاقيات مع المؤسسات المالية غير الأميركية في دول العالم كافة؛ إما مباشرة أو عن طريق الاتفاقيات بين الحكومات، حيث تتضمن هذه الاتفاقيات أن ترسل البنوك تقارير سنوية لمصلحة الدخل الأميركي ومعلومات دقيقة ومفصلة عن الحسابات المصرفية لعملائها الذين يحملون الجنسية الأميركية».
ولفت البيان إلى أن المؤسسات المالية في السعودية بدأت العمل على الالتزام بقانون «فاتكا»، وطبقت إجراءات عدة لتحديد عملائها من المواطنين الأميركيين، حيث يطلب من العميل التوقيع على بيان وتعهد لتحديد هويته، وبأنه لا يحمل الجنسية الأميركية أو له ارتباطات بالولايات المتحدة الأميركية، وإذا تبين خلاف ذلك يتعرض الشخص للعقوبات.