Site icon IMLebanon

تحسين تصنيف تونس سياسي أكثر منه اقتصاديا

tunisie
أجمع خبراء تونسيون على أن تثبيت وكالة موديز لتصنيف السندات السيادية التونسية، وتغيير نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، يستند إلى أسباب سياسية وليست اقتصادية، لكنهم قالوا إنه سيؤدي إلى تمكين تونس من الاقتراض بنسبة فائدة مقبولة.
وأعلنت الوكالة هذا الأسبوع الإبقاء على تصنيف السندات السيادية التونسية عند (بي.أي 3) لكنها رفعت نظرتها المستقبلية للتصنيف من سلبية إلى مستقرة.

وقال خبير الاستثمار التونسي محمد الصادق جبنون إن تغيير النظرة المستقبلية لتصنيف البلاد يعود إلى نجاح الانتخابات وإتمام الانتقال الديمقراطي وتحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة، التي لديها تأثير كبير على وكالات التصنيف الائتماني.

وأضاف أن الوكالة لم تأخذ في الاعتبار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي، وأنها تخضع إلى حدّ بعيد لتوجهات السياسية الأميركية، رغم أنها تستند أيضا إلى معايير اقتصادية وعلمية صارمة.

ويقول الخبراء إن اعتماد وكالات التصنيف الاستقرار السياسي عامل حاسم لأنه مفتاح أساسي لتحسن الآفاق الاقتصادية. وقالت موديز في تقريرها الصادر يوم الإثنين إنّ تغيير تصنيفها الائتماني لتونس، سببه انخفاض المخاطر السياسية بعد نجاح عملية الانتقال الديمقراطي وتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة.

وأشارت إلى انخفاض تحديات التمويل الخارجي في أعقاب استئناف التمويل العمومي والوصول إلى أسواق رؤوس الأموال الدولية، وخفض تدريجي في الاختلالات المالية والخارجية.

وأوضح جبنون لوكالة الأناضول أن تصنيف موديز لم يأخذ تدهور الوضع الاقتصادي بعين الاعتبار، لكنه سيعطي صورة أقل خطورة في نظر المستثمرين الأجانب وخاصة في الأسواق المالية المقرضة لرؤوس الأموال.

وأكد أن التصنيف أبقى على العديد من المؤشرات المتعلقة بالاستثمار والسيولة مستقرة، وهذا سيجعل تونس تتمكن من الاقتراض بنسبة فائدة مقبولة.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفض في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أبريل، توقعاته لنمو الاقتصاد التونسي إلى 3 بالمئة في العام الحالي من توقعات يناير الماضي عند 3.7 بالمئة. ورجح الصندوق نمو الاقتصاد بنحو 3.8 بالمئة في العام المقبل مقارنة بنمو نسبته 2.3 بالمئة في العام الماضي.

وتوقع جبنون، قيام مؤسسات التصنيف الدولية بتخفيض تصنيف تونس الائتماني، إذا ما تواصلت الاحتجاجات الاجتماعية وخاصّة في شركة فوسفات “قفصة”، مشيرا إلى أن الإضراب أصبح اليوم عبارة عن انتحار اقتصادي في بلد شهد أبطأ وتيرة للنمو الاقتصادي في الربع الأول منذ 4 أعوام.

وقال المعهد التونسي للإحصاء بداية الشهر الحالي، إن نسبة النمو الاقتصادي في تونس خلال الربع الأول من العام الحالي، لم تتجاوز 1.7 بالمئة، وهي نسبة تعتبر الأضعف منذ اندلاع ثورة يناير عام 2011.

وفي ما يتعلّق بتأثير هذا التصنيف على عودة الاستثمار إلى تونس، قال جبنون، إنّ إقبال المستثمرين على تونس مربوط بعدّة عوامل أخرى وليس فقط بالتصنيف الائتماني لتونس.

وأضاف أن من بين تلك العوامل تحسّن مناخ الثقة في تونس، وتوفر القوانين الجاذبة للاستثمار والضرائب المعتدلة وبقية الإصلاحات الهيكلية التي هي اليوم مطلب جميع شركاء تونس ومنهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبية واليابان والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وحذرت موديز في تقريرها من أنّ كل تدهور غير متوقع في البيئة الأمنية المحلية أو الإقليمية يمكن أن يؤثر على النشاط الاقتصادي. وقالت إن المزيد من التأخير في إعادة رسملة البنوك وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تؤثر على الاستثمار وآفاق النمو المحتمل، أو زيادة حادة في الاختلالات المالية والخارجية، كلها عوامل يمكن أن تجعل من تقييمها السيادي لتونس سلبي.

ويري الخبير الاقتصادي رضا السعيدي، إنّ التصنيف الائتماني يتم على جملة من المعايير والمؤشرات التي على أساسها يتم قياس درجة المخاطر لدولة ما في ما يتعلّق بقدرة هذه الدولة على الإيفاء بالتزاماتها في مجال القروض والتمويل.

وأشار إلى أن وكالات التصنيف الائتماني عوّدتنا منذ الثورة التونسية، على تخفيض التصنيف الائتماني وذلك بسبب تواصل المخاطر الأمنية والسياسية والاجتماعية.

وأضاف السعيدي، أن تصنيف موديز الجديد لتونس، هو أقرب إلى أن يكون تصنيفا سياسيا بامتياز، مؤكدا أنّ الآفاق السياسية هي التي تساعد على تحسن التصنيف السيادي، الذي تم تخفيضه من قبل بسبب التوترات بين أحزاب المعارضة في الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية.
وقال إن الوضع في تونس اليوم مختلف خاصّة مع التوافق الحاصل بين الأحزاب السياسية في البلاد. وأوضح السعيدي أن البلاد تحتاج اليوم إلى تظافر جهود كل الأطراف السياسية وخاصة الأطراف الاجتماعية لإعادة الثقة للمستثمرين الأجانب وكل الأطراف الاقتصادية والشركاء الاقتصاديين باعتبار أن الانتقال السياسي لا يكون ناجحا إلا بنجاح الانتقال الاقتصادي والاجتماعي.