نقلت صحيفة “الديار” عن بعض الأوساط المسيحية، قولها انّ الحماسة التي أبداها الوسيطان النائب ابراهيم كنعان عن “التيّار الوطني الحرّ”، ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوّات اللبنانية” ملحم رياشي، منذ أسابيع، والتفاؤل الذي جعلهما يُروّجان أينما حلا بأنّ اللقاء بين زعيم الرابية النائب العماد ميشال عون، وقائد معراب الدكتور سمير جعجع بات قريباً جدّاً، وقد يحصل في المنتصف الأول من أيّار الجاري، وتحديداً، على ما همس بعض المقرّبين من الجانبين، في 12 منه… هذه الحماسة وهذا التفاؤل قد ذهبا أدراج الريح لا سيما أنّ أيّار سوف ينقضي من دون أن يشهد على اللقاء المنتظر.
ولعلّ الجمود الحاصل بين الطرفين المسيحيين البارزين، والمرشحين لرئاسة الجمهورية، يدلّ وبحسب الاوساط، على استمرار الشغور الرئاسي، كما على عدم حصول أي تقدّم في موضوع الاستحقاق، رغم مبادرة العماد عون التي حملت ثلاث نقاط، كما اقتراح نوّاب 14 آذار الذين زاروا بكركي في ذكرى العام الأول على الفراغ في سدّة الرئاسة، والذي تناول مسألة انتخاب الرئيس بالنصف زائد واحد، بدلاً من انتظار تأمين أصوات الثلثين في الدورة الأولى من الانتخاب.
وتقول الأوساط إن الأمور لن تُحلّ عن طريق “إعلان نوايا”، أو لقاء مرتقب بين الرجلين، بل بالقيام ببعض التنازلات. فعلى الدكتور جعجع، على ما شدّدت، وتأكيداً على حسن نياته بإجراء الإنتخاب الرئاسي، الإنسحاب أولاً من الترشّح، لا سيما أنّه لو كان هناك أي مجال لانتخابه لكان حصل هذا الأمر في إحدى الجلسات النيابية الـ 23 التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بهدف انتخاب رئيس الجمهورية.
الخطوة الثانية، أن يقبل المرشحين الأقوياء الذين قد يترشّحون في حال انسحابه، وأخيرا ألاّ يُقاطع مع فريقه السياسي جلسات الانتخاب المقبلة التي لا بدّ أن توصل أحد المرشّحين للرئاسة وفق الأصول والقوانين الدستورية، من دون الحاجة لإجراء أي مخالفة دستورية.
في المقابل، تجد الأوساط نفسها، أنّه على العماد عون وفريقه السياسي الذهاب أيضا الى الندوة البرلمانية للإنتخاب، في حال انسحاب المرشحين السابقين، وطرح أسماء جديدة صُنعت في لبنان، تتمتّع بالقوة والحكمة. ولا بدّ عندها من التوافق على الأقوى والأجدى والأكفأ فيما بينها، أكان العماد عون نفسه، أو من «ينتدبه» بدلاً عنه.
فالتعطيل القائم اليوم، معني به النوّاب المسيحيون من جهة، كما النوّاب من الطوائف الأخرى، كونهم يصطفون في فريقين سياسيين كبيرين يتنافسان على كلّ شيء، كما يربطان رئاسة الجمهورية بأزمات المنطقة والجوار، وإن كانا لا يعترفان بصحّة هذا الأمر. ومن هنا، على النوّاب، الممدّدين لأنفسهم مرتين، أن ينقذوا البلاد، خلال فترة التمديد الثاني، لأنّ إدخال الوطن في تمديد ثالث سيُشكّل كارثة، وقد يمنعهم من انتخاب الرئيس.
وتجد الأوساط نفسها، أنّ مراوحة الجمود مكانه في موضوع الإستحقاق الرئاسي لن يخدم أي فريق سياسي، ولا أي زعيم او قائد، بل على العكس، فالشعب ضاق ذرعاً، وقد لا يسكت هذه المرّة في حال اضطر النوّاب الى الذهاب الى تمديد ثالث، بل تتوقّع أن تقوم ثورة شعبية، ليس على غرار ثورات الدول العربية، للمطالبة بانتخاب الرئيس فوراً من دون أي تأجيل أو تسويف، وإلاّ فإنّ الشعب سيمنع التمديد الجديد ولن يجعله يمرّ.
وفي حال وصلت الأمور الى هذا الحدّ، فعلى مجلس النوّاب التوافق على قانون جديد لإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، علّ ممثلو الشعب هذه المرّة يتغيّرون، على ما تطمح، فلا تعود فئة أو كتلة، كبيرة كانت أو صغيرة، تتحكّم بقرار مجلس النوّاب ككلّ، فتعرقل انتخاب الرئيس تحت ذرائع واهية.
ومن شأن لقاء عون- جعجع، على ما ترى الأوساط نفسها، تحريك الجمود الحالي، رغم محاولات البطريرك الراعي التي تصطدم بعراقيل اللامبالاة وتقطيع الوقت، والتقدّم بخطوات إيجابية نحو الإستحقاق الرئاسي برضى الطرفين. فإذا كانا راضيين على عدّة بنود متعلّقة بالإنتخاب، يكون البلد قد قطع شوطاً جيّداً، خصوصاً أنّ الأطراف الأخرى لا بدّ وأن تبدي توافقها عندها، على ما تمّ التوافق عليه بين الرجلين.
ولهذا لا بدّ من نفخ الحماس مجدّداً بين الطرفين المسيحيين، لكي لا يخفّ بريق هذا اللقاء المنتظر، ويتمّ بالتالي الإستغناء عن عقده مع الوقت، بحجة عدم جدواه، أو عدم تأثيره إيجاباً من موضوع الإستحقاق الرئاسي. فإن يُعقد اللقاء ولو متأخّراً، تشدّد الأوساط، أفضل من أن لا يُعقد أبداً، والأسباب كثيرة.