على وقع درس مشروع موازنة العام 2015 في جلسات متتالية لمجلس الوزراء، نبّه الوزير السابق للمال الدكتور جهاد أزعور إلى «عدم التهوّر في إدارة الشأن الإقتصادي والمالي في البلد في ظل الظرف الصعب الذي نمر به، خصوصاً أن الأوضاع الإقليمية لا تزال تؤشر إلى وجود صعوبات سياسية وأمنية في المنطقة، كما أن الفوائد العالمية ليست في منحى تراجعي».
وتناول أزعور في حديث إلى «الديار» مشروع موازنة 2015 وعما إذا كان يجوز التأخر في درسه وإقراره، فقال: إذا تم إقرار المشروع في مجلس الوزراء قريباً، فلن يحال إلى مجلس النواب قبل أواخر حزيران المقبل بعد نشره في الجريدة الرسمية، على أن تبدأ لجنة المال والموازنة بمناقشته في خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر، خصوصاً أنه يتخلل هذه الفترة شهر رمضان، ما يؤكد أن إقرار مشروع الموازنة لن يحصل قبل تشرين الأول المقبل في أفضل الحالات، أي أواخر العام.
وعن الإفادة منها طالما أنها ستقرّ نهاية العام، أوضح أن «إقرار مشروع موازنة 2015 إذا تم، يفيد في عودة الدورة المالية إلى منحاها الطبيعي. إنما إقرارها في هذا الوقت لن يترك أي تأثير على سنة 2015 المالية لأنه لن يتم في أفضل الحالات قبل تشرين الأول. لكن إيجابياتها تكمن في وضع نمط الإدارة المالية على السكة الصحيحة، خصوصاً أنها تنهي مسلسل مشاريع الموازنات التي لا تزال في أدراج مجلس النواب من دون إقرارا منذ العام 2005.
وتمنى أزعور «بعد زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان ومراجعة الأرقام والتوقعات الإقتصادية للعام 2015، أن يصار إلى اعتماد الواقعية، نظراً إلى العجز عن إمكان رفع أي سقف للموازنة»، عازياً ذلك إلى «الصعوبة الإقصادية والمالية، في ظل الظرف السياسي والأمني القائم في الداخل، حيث المشكلات تتراكم، بدءاً من مشكلة النازحين السوريين الكبيرة، مروراً بعدم الإستقرار الأمني الذي يؤثر على قطاعات حيوية في الإقتصاد الوطني، كالسياحة والقطاع العقاري، وصولاً إلى أزمة إقفال المعابر الحدودية البرية في وجه التصدير».
وأضاف: في ضوء كل ذلك، آمل في أن يتحلى المسؤولون والمعنيون بالواقعية والشعور بالمسؤولية، واللجوء إلى تقليص الإنفاق قدر الإمكان في العام 2015، وهنا لا أعني التقليص الناجم عن التأخر في الدفع كما حصل هذا العام، لأن مَن يدخل في تفاصيل إيرادات الخزينة العامة يجد أنها إلى تراجع، كما أن تحسنها بطيء جداً، خصوصاً بالنسبة إلى الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة أو غيرها.
} متطلبات الاستقرار }
وقال: لذلك يجب أن يكون التعاطي دقيقاً جداً، للمحافظة على الإستقرار الذي يتطلب في الوقت الراهن:
أولاً- ضبط كبير في الإنفاق، وليس من خلال التوقف عن الدفع وتراكم المتأخرات، إنما من خلال عمل جذري.
ثانياً- رفع الصوت لتأمين الإستقرار المالي والإقتصادي، لكون المسّ بالإقتصاد والإستقرار المالي يحمل تداعيات كبيرة جداً، ونحن اليوم في غنى عن تراكم المصاعب والمشكلات ورفع مستوى المخاطر، خصوصاً أن لدينا تحديات إضافية نريد معالجتها ومواكبتها كمشكلة النزوح وتأثر بعض القطاعات، والتي ستزيد أكثر مع بداية موسم الصيف لا سيما بالنسبة إلى مصدّري الخضار والفاكهة. لهذا السبب تتطلب المرحلة الإلتزام بعامل الدقة.
ولتحريك الجمود، قال أزعور: هذه العملية لا تتأتى من خلال زيادة معدلات الإنفاق ورفع مستوى العجز في الموازنة، إنما عبر اتخاذ إجراءات اقتصادية، ورسم سياسة اقتصادية هادفة، على الحكومة أخذها في الإعتبار. ولتستطيع ذلك، يلزمها إمكانات مالية التي إذا ما استعملتها الحكومة كلها لرفع سقف الإنفاق، فلن يكون لديها القدرة على استعمالها غداً لدعم القطاعات. لذلك، إذا كانت هناك نية لدعم القطاعات يجب ضبط مالية الدولة بشكل أقوى وتقليص حجم الرسوم والضرائب.
وأخيراً دعا الحكومة الى «الأخذ في الإعتبار الأفكار والطروحات التي أوجزها صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير حول هذا الموضوع»، وشدد على «عدم التهوّر في إدارة الشأن الإقتصادي والمالي في البلد في ظل الظرف الصعب الذي نمر به، خصوصاً أن الأوضاع الإقليمية لا تزال تؤشر إلى وجود صعوبات سياسية وأمنية في المنطقة، كما أن الفوائد العالمية ليست في منحى تراجعي».