هلا صغبيني
«اقتصاد المعرفة» مصطلح كثر تداوله في السنوات الاخيرة ويتوقع ان يكون قطاعاً أساسياً للمستقبل كونه يساهم في إنشاء شركات جديدة من شأنها ان تؤمن فرص عمل. وهو أحد القطاعات التي أولاها مصرف لبنان اهتماماً خاصاً حين أصدر في العام 2013 التعميم 331 الذي هدف الى تحفيز «اقتصاد المعرفة» من خلال مساهمة المصارف برأسمال الشركات الناشئة او ما يعرف بالـStartup Companies .
هذه الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا لابتكار أشياء جديدة، حديثة الانشاء وفي طور النمو والبحث عن الأسواق. وهي تقوم بإيجاد نموذج الأعمال (نموذج للربح) Business model قبل اطلاقها، وهو نموذج يفترض أن يكون فريداً. فالخصوصية والتميز في الفكرة هما أهم أسباب نجاح الشركة، ونموذج ربحها الفريد هو أهم وسائلها في الانتشار والنمو، وفق ما جاء في تعريف «ويكيبيديا».
ولأهمية هذه الشركات في تنمية الاقتصاد، قررت غرفة التجارة اللبنانية الاميركية تنظيم مؤتمر في نيويورك حمل عنوان start up Lebanon بالتعاون مع Start Up Megaphone هدف الى ابراز المواهب اللبنانية ورواد اعمال ومستثمرين ومسؤولين معنيين ببيئة ريادة الاعمال والشركات الناشئة».
نحو 300 من المعنيين بقطاع الشركات الناشئة في لبنان، بينهم ممثلون لنحو 40 من هذه الشركات و50 من اهم المستثمرين العالميين المهتمين بالشركات الناشئة في الاسواق الناشئة شاركوا في المؤتمر.
«لقد اتاح المؤتمر فرصة تواصل بين ممثلي الشركات الناشئة في لبنان والمستثمرين، وللتعريف بالفرص المتوافرة في لبنان ودوره المتنامي كمركز عالمي للشركات الناشئة«، كما قال جميل كورباني صاحب شركة «Green Studios« التي تعنى بتغطية الجدران والسقوف بالحدائق. وهو يصف التعميم الرقم 331 الصادر عن مصرف لبنان بانه تعميم مهم جداً ومغر للشركات الموجودة في الخارج والتي تنوي ان تتوسع في المنطقة العربية. فالمستفيد من حوافز هذا التعميم هي الشركات اللبنانية، ومن شروطه أن يكون المكتب الرئيسي للنشاط الأساسي للشركة في لبنان، ويمكن للشركة اللبنانية أن تكون لها فروع خارج لبنان وليس العكس.
وفي حصيلة اولية للمؤتمر الذي عقد ليوم واحد، تقرر انشاء لجنة متابعة لمواصلة ما تم احرازه في الولايات المتحدة لـ»دعم هذا القطاع الواعد» كما قال رئيس الغرفة اللبنانية الاميركية سليم الزعني لـ»المستقبل». وستكون من ضمن مهمة اللجنة العمل على توعية الشباب على مفهوم الشركة الناشئة واهميتها في تنمية الاقتصاد. فلبنان «يمتلك الفكر والابداع ولا ينقصه شيء للدخول في صناعة المعرفة والتكنولوجيا، والـstartup هي قاعدة للانطلاق في هذا المجال.. بهذه الشركات ننطلق الى المستقبل، ونستطيع ان نحرز تقدماً ونلحق بالدول التي سبقتنا نتيجة الأوضاع التي شهدناها في المنطقة«. يعزز فكرته هذه بالقول: «اليوم لنستطيع نقل لبنان من المرحلة الراهنة إلى مرحلة المستقبل، فنحن بحاجة إلى الشباب الذين يستخدمون فكرهم لخلق صناعات جديدة.. أهم ما فعلناه في نيوريورك اننا وضعنا عنصر الشباب والافكار التي يحملونها أمام المستثمرين، الذين يريدون ان يؤمنوا لهم هذا الانتقال«.
«الشباب الذين عرضوا افكارهم في المؤتمر لم يكونوا مبتدئين، فأفكارهم موجودة ومطروحة على أرض الواقع، والوقت حان لبيع هذه الافكار وجلب الاستثمارات«، يقول الزعني. و«لم يكن لهذه الفئة من الشباب والشركات فرصة في لبنان لتحظى باستثمارات محلية، قبل ان يصدر جاء التعميم 331 من مصرف لبنان والذي ساعد المستثمرين والمصارف على ضخ الأموال في هذا المجال«. اضاف «نحن لا نريد للشباب ان يهاجروا بحثاً عن مستثمرين، نحن نريدهم ان يذهبوا ويقنعوا المستثمرين ان يعودوا للاستثمار في لبنان. وهذا لا يمنع ان يكونوا متواجدين في لبنان والخارج، لان الانفتاح على السوق في الخارج أكبر بكثير مما هو عليه في لبنان».
ولفت الزعني الى «اننا في لبنان، لا نزال في مرحلة تطوير السوق والقوانين لنستطيع مواكبة هذا النوع من الشركات«.
وهل تلقت هذه الشركات وعوداً من المستثمرين؟ يجيب: «بصراحة لا، فانه في هذا النوع من الشركات تتبع آلية عمل خاصة. بداية هناك عملية تقويم للشركة وللشخص صاحب الفكرة حتى ينجح التمويل، لذلك لا يتم التمويل عند عرض الفكرة. طبعاً جرت لقاءات عدة، ومن بين هذه الاجتماعات بقيت شركات هناك، لتواصل اجتماعاتها واتصالاتها. كما ان شركات أخرى توجهت الى سان فرانسيسكو مثلاً ومناطق اخرى». كما كان انطباع كل من شارك في المؤتمر «إيجابياً«.
وعن مغزى مشاركة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى لورانس سيلفرمان في المؤتمر طيلة اليوم، شرح الزعني بأنه تأكيد على الدعم الاميركي في مجال صناعة المعرفة ودعم مناخ الاستقرار في لبنان أمنياً واقتصادياً.
يذكر ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامه كانت له كلمة في المؤتمر شدد فيها على اهمية اقتصاد المعرفة من ضمن 3 قطاعات رئيسية سيقوم عليها مستقبل اقتصاد لبنان (اضافة الى القطاع المالي وقطاع النفط والغاز) وهي ستوفر فرص عمل للشباب اللبنانيين. واكد ان «لبنان يعمل ليكون نقطة التقاء ومحوراً لقطاع الشركات الناشئة»، و«بذلنا جهوداً وشجعنا مسرّعات الأعمال من خلال منح ضمانة بنسبة مئة في المئة للاستثمار في هذه المسرعات»، ذاكراً «أقمنا كذلك تعاوناً مع بريطانيا نأمل في أن يساهم في ربط بيروت بالأسواق العالمية وكذلك بالجامعات في العالم بما يوفر الدعم المناسب لإنجاح هذا القطاع«.
وشرح «شروط حصول الشركات على التمويل بموجب التعميم 331، وشروط عمل الشركات الأميركية في لبنان»، كاشفاً أن «الخطوة المقبلة في ما يتعلق باقتصاد المعرفة في لبنان هي إقامة سوق الكترونية للأسهم، يجري التحضير لها، تتيح هذه السوق للشركات الناشئة أن تفتح الاكتتاب فيها للجمهور، إذا لم تكن ترغب في بيعها لشركة أخرى، وبهذه السوق تكتمل السلسلة، فتصبح لدينا المسرّعات والتمويل وإمكان الخروج أو البيع».