Site icon IMLebanon

المسابح الخاصة “تسعّر” على هواها.. ولا حلّ إلا “بالمنافسة”

BeachResort

حسن يحيى

بدأ فصل الصيف، وبدأ معه الحديث عن البحر والاستجمام على شواطئه هرباً من الحر الشديد. ولكنّ ارتفاع درجات الحرارة يوازيه ارتفاع أسعار الدخول إلى المسابح الخاصة، ما أدى إلى تصنيف البحر كـ”منتجع للأغنياء” فحسب.
وعلى الرغم من كون الشواطئ أملاكاً عامة في الأساس، الا أن اصحاب المسابح الخاصة حوّلوها إلى “ملكية خاصة” يتحكمون بأسعار الدخول إليها في ظل غياب الرقابة من الوزارات المعنية التي تقتصر مهمتها على “رقابة جودة المنتجات والحرص على ملاءمتها السلامة العامة”.
ولا يعرف على وجه التحديد على أي أساس يرفع أصحاب المسابح الخاصة أسعار الدخول إليها، خصوصاً أن ارتفاعها غير مرتبط بالضرورة بارتفاع مصاريف هذه المؤسسات. فأسعار رخص الاستثمار لا تختلف، إجمالاً، من سنة إلى اخرى، والإعتماد على الموظفين بدوامات جزئية وموسمية يخفض التكلفة ولا يلزم أصحاب هذه المسابح بدفع تأمينات لهم، وهو ما يعتبر “الكلفة الأكبر” على المؤسسات.
وتختلف التسعيرة بين مسبح وآخر بحسب التصنيف السياحي لكل مسبح، اذ تبدأ من 20 الف ليرة لبنانية كحد أدنى لتصل إلى 70 ألفاً للشخص الواحد. هذه الكلفة تطرح تساؤلات عديدة عن قدرة معظم اللبنانيين على الاستفادة من الملك العام.
وفي هذا السياق، تساءلت فرح فارس وهي أم لطفلين، عن قدرتها على دخول المسابح، اذ أشارت في حديث لـ”المدن” إلى أن دخول هذه المسابح اصبح “رفاهية” من الصعب تحملها بصورة مستمرة. اذ يتطلب قضاء يوم على البحر ما يزيد عن 150 دولاراً أميركياً تتوزّع بين “دخولية” والقليل من الطعام والشراب. وأضافت فارس أن كلفة الدخول إلى مسبح “لاغوافا” تصل إلى 40 ألف ليرة لبنانية للشخص الواحد، مرتفعة من 30 ألف ليرة في السنة الماضية، وهو ما يرتب عليها دفع 120 ألف ليرة كتكلفة دخول لها ولطفليها إلى هذه المسابح. وأشارت إلى أن الراتب الشهري الذي تحصله جراء عملها في إحدى المؤسسات لن يكفيها لقضاء 3 أيام على شاطئ البحر مع ولديها.
اما نورهان الاطرق، فاعتبرت أن الدخول إلى المسبح أصبح “مشروعاً يحسب له ألف حساب”، وخصوصاً لكون التكلفة المرتفعة لدخول المسابح لا تقتصر على “الدخولية”، بل تتعداها إلى ارتفاع تكلفة المأكولات والمشروبات بشكل “غير مبرر”.

وتعمد معظم ادارات المسابح الخاصة إلى منع روادها من إدخال المأكولات والمشروبات معهم، لتفرض عليهم شراءها من الأكشاك الخاصة التي تبيع المأكولات والمشروبات بأسعار مرتفعة جداً نسبة إلى أسعار السلع نفسها خارج المسابح. وتشير الأطرق في هذا السياق إلى أنّ كلفة المأكولات والمشروبات في مسبح “هافانا” في الرميلة قد تصل إلى 50 دولاراً للشخص الواحد، من دون أي مشروبات كحولية، علماً بأنّ أسعار الأخيرة داخل المسابح تتجاوز بكثير أسعارها خارجها.
أمّا مسبح “بيل فيو” المخصص للنساء، فالحال فيه لا تختلف كثيراً عن حال سائر المسابح ولو كانت تكلفة قضاء يوم في المسبح المذكور أقل منها في مسابح أخرى، اذ أكدت فاطمة حسنين ان تكلفة قضاء يوم في “بيل فيو” تصل إلى 50 دولاراً للشخص في حال أراد شراء المأكولات والمشروبات، مشيرة إلى أن ما يميز هذا المسبح عن غيره أنه يسمح بإدخال المأكولات والمشروبات، ما يجعل التكلفة تقتصر على 20 ألف ليرة للشخص الواحد، وهي عبارة عن تكلفة الدخول حصراً.
وفي هذا السياق، يقول مدير مسبح “ساندز روك” جورج قزي في حديث لـ”المدن” إن هناك “عهراً” في أسعار الدخول إلى المسابح، اضافة إلى اسعار المأكولات والمشروبات داخلها، اذ يعمد أصحاب المسابح إلى رفع الأسعار بصورة مستمرة بهدف زيادة الأرباح، مشيراً إلى أنه لم يرفع التكلفة منذ سنوات خصوصاً كون مسبحه ملكية خاصة ما يعني عدم اضطراره لدفع إيجارات. واضاف أن تكلفة الدخول إلى المسبح لا تتعدى 25 ألف ليرة لبنانية، وهو مبلغ زهيد جداً مقارنة بمتوسط الأسعار السائدة، في حين لا ترتفع اسعار المأكولات والمشروبات في هذا المسبح “بكثير” عن اسعار مبيعها خارجه.
ويقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو في حديث لـ “المدن”، إن كلفة الدخول إلى المسابح اضافة إلى اسعار المأكولات والمشروبات المرتفعة هي حق لأصحاب هذه المسابح قانوناً، ولا سلطة للوزارات على فرض تسعيرات محددة. واشار إلى أن “الحل الطبيعي لهذا الاحتكار يتمثل بالمنافسة، اذ تساهم وحدها في عملية خفض الأسعار”.
وطالب برو البلديات باتخاذ مبادرات وفتح مسابح عمومية مجانية لتخفيف العبء عن المواطنين، اسوة بكل دول العالم حيث يستطيع أي كان السباحة وقضاء يوم على البحر برفقة عائلته مجاناً.
إلى ذلك، ساهمت التكلفة المرتفعة لدخول المسابح، في زيادة الإقبال على “الشواطئ العومية”، وخصوصاً في مدينة صور. واعتبر برو أن ميزة بحر صور الأساسية هي ملاءمته لجميع فئات المجتمع، اذ يستطيع الغني والفقير على حد سواء الدخول إليه، وخصوصاً كون معظم المقاهي على الشاطئ تسمح بادخال المأكولات والمشروبات إليها.
وقد عمد عدد من البلديات إلى تحسين وتنظيم الشواطئ التابعة لنطاقها العقاري، وفتحتها إمام العموم مقابل مبالغ رمزية تصل إلى 10 دولارات. ولعل بلدية الجية وصيدا خير مثال على ذلك، إذ عمدتا إلى تنظيف الشاطئ وفتحه للعموم مقابل 12 ألف ليرة لبنانية للشخص في حال أراد الحصول على كراسٍ.

في المحصلة لا بد من السؤال عن المعيار الذي يعتمده أصحاب المسابح في وضعهم لأسعار الدخول إليها، لاسيما أنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ أكثر من 30 في المئة من اللبنانيين استدانوا في العام 2014، في مؤشر على عدم كفاية مدخولهم لتأمين حاجاتهم الأساسية، فكيف برفاهية البحر؟