يعاني اقتصاد الجزائر من هيمنة اقتصاد النفط والغاز على مصادر الدخل وضعف دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. شابة جزائرية دخلت عالم الأعمال وقدمت من خلال شركة صغيرة للتنظيف وتدوير النفايات نموذجا للنجاح بعيدا عن اقتصاد الطاقة.
عملية التنظيف قائمة على قدم وساق. اليوم حان الموعد الشهري لتلميع أرضية فرع أحد البنوك في مدينة وهران غرب الجزائر. فريق شركة كلين بي اتش/ clean BH يقوم بهذه المهمة بمشاركة حياة بومدين شخصيا، رغم أن النجاح الذي وصلت إليه شركتها الصغيرة يغنيها عن ذلك. دخلت حياة التي أسست الشركة عالم التنظيف بشكل غير متوقع إذ تقول: “دراستي الجامعية كانت في شعبة تسيير المقاولات لذلك لم يكن واردا بالنسبة لي أن أدخل مجال التنظيف والبيئة، لأنني اعتقدت أن ذلك يقتضي دراسة خاصة. كنت أميل لعالم التجميل والزينة أي الأمور التي تعجب الفتيات”.
بداية من بيت الأهل
بعد انتهاء مهمة اليوم تنقل حياة معدات العمل إلى مرآب بيت أهلها في عين الترك قرب وهران، الذي اتخذت منه مكتبا لها. فبعد مضي خمس سنوات على تأسيس شكرتها كلين بي اتش/ clean BH ما زالت الشابة تنتظر استلام المحل الذي وعدتها به السلطات ليكون مقرا لشركتها. عائلة حياة لم تكن مقتنعة بالمشروع في بداية الأمر، لكنها تحولت لاحقا إلى أكبر داعم لها، لاسيما والدتها فتيحة التي تتحمل معها مشقات السفر. “أرافقها إلى أي مكان تذهب إليه. عندما تسافر إلى مدينة تيارت أقطع مع ابنتي مسافة مائتي كلم. وعندما تسير إلى الجزائر أرافقها مسافة ثلاثمائة كلم وأكثر”، تقول فتحية مضيفة بأنها تقوم بذلك من أجل أن تبلغ بنتها مرادها.
أهمية الدعم الحكومي
استفادت ابنة الثالثة والثلاثين من برنامج الحكومة لدعم مشاريع الشباب من خلال قرض مخفض بقيمة 90 ألف يورو. تمكن حياة من تسديد هذا القرض في ظرف خمس سنوات فقط شجعها على التفكير في التوسع. لكن طريقها ليس دائما مفروشا بالورود في مجتمع ما زال ذكوريا. “أحيانا عندما تتحمسين لمشروع معين وتلمسين أن المسؤول عنه يفكر بهذه العقلية، تشعرين بالفشل إزاء ذلك، بل تتمنين لو كنت رجلا لتحظي بهذا المشروع”، كما تقول حياة.
في مدرسة ابن سينا للتسيير والتدبير تحصل حياة على الاستشارة الاقتصادية من قبل مديرة المدرسة فتيحة راشدي. أما موضوع الاستشارة اليوم فهو مناقشة مشروع توسيع كلين بي اتش. فتيحة تقدم المشورة بشكل تطوعي لأصحاب المشاريع الشباب، لاسيما من العنصر النسوي. الخبيرة الاقتصادية ترى في حياة وطموحاتها نموذجا مختلفا عن كثير من الجزائريين الذين تفتقد فيهم إلى روح المبادرة في اقتصاد يقوم على عائدات المحروقات.
دعم الشريك المحلي لا يكفي
شركة ريكوبارك/Recupack لفرز النفايات تقع بالمنطقة الصناعية في وهران. خلال قيامها بالتنظيف في مكاتب ريكوبارك والعديد من المؤسسات الأخرى هناك كانت حياة في البداية تتولى مهمة تخليصها من مختلف النفايات ونقلها إلى المفارغ العمومية، حيث تقوم الهيئات المعنية بردمها أو حرقها. لكن سيدة الأعمال اليقظة سرعان ما اكتشفت أن لهذه النفايات التي لا تستغل في الجزائر قيمة كبيرة في السوق العالمية. بناء على ذلك سعت للتوسع.”حاولت أن أوسع كلين بي اتش/ Clean BH حتى أتمكن من إنجاز كل المهام على مستوى شركتي”، تقول حياة مضيفة: “انتظرت استلام قطعة أرض وعدتني بها الدولة، لكن الله لم يقدر ذلك بعد. أعطتني شركة ريكوبارك/ Recupack مكانا أضع فيه كل النفايات التي أجمعها من أجل فرزها هنا”.
البحث عن شريك أجنبي
حياة لا تكتفي بشراكتها مع ريكوبارك Recupack. فهي تود إنشاء وحدة متكاملة لإعادة تدوير النفايات الصناعية. لكنها في حاجة إلى شريك أجنبي من أجل تحقيق ذلك. شريك تبحث عنه هذه المرة في العاصمة الجزائرية، حيث تنظم الغرفة التجارية يوما اقتصاديا جزائريا بريطانيا. حياة تأمل أن تتعاقد مع شركة أجنبية تملك التكنولوجيا والخبرة ، وفي المقابل تمكنهم من ولوج سوق جديدة قوامها حوالي أربعين مليون نسمة.