في سياق المساعي التي أطلقها المركزي العراقي، والتي تندرج ضمن سياسة الانفتاح على القطاع المصرفي الأجنبي وتشجيعه على فتح فروع في العراق، أو المشاركة في رؤوس أموال المصارف العراقية، منح المركزي في العام 2008 إجازات بموجب القانون الرقم 94 الى أكثر من 18 فرعاً لمصارف أجنبية، منها 5 مصارف تركية ومصرفان ايرانيان، ومصرفا “سيتي بنك” و”ستاندرد تشارترد” البريطانيان و”بنك أبو ظبي الاسلامي”. كذلك منح إجازات لمصارف لبنانية هي بنك لبنان والمهجر، بنك الشرق الأوسط وافريقيا، بنك بيبلوس، بنك الاعتماد اللبناني، بنك البحر المتوسط، بنك بيروت والبلاد العربية، البنك اللبناني الفرنسي، انتركونتيننتال بنك، فرنسبنك وبنك عوده.
ولكن، في خطوة كانت مفاجئة لهذه المصارف، وبعد تعرضه لضغوط كبيرة من المصارف العراقية التجارية التي طالبته بوضع حد للمنافسة “غير المتوازية” بينها وبين المصارف الاجنبية، أصدر المركزي العراقي في 9 تشرين الثاني 2014، قرارا يحمل رقم 288 يلزم المصارف الأجنبية العاملة في العراق رفع رأسمال كل فرع من 7 ملايين دولار حالياً إلى 70 مليوناً، ما يعادل 30% من رأس مال المصارف العراقية، اي إنه ضاعف 10 مرات الحد الأدنى للأموال الخاصة التي يتعيّن ان يمتلكها كل فرع لأي مصرف أجنبي في العراق بهدف زيادة نشاط المصارف الاجنبية العاملة في العراق، ورفع المنافسة بينها وبين المصارف المحلية. هذا القرار كان دفع بالمصارف الاجنبية العاملة في العراق، ومنها اللبنانية، للإعراب عن مخاوفها من تداعيات سلبية على نشاطها في العراق ما قد يدفعها للخروج من هذا السوق. كما أعربت هذه المصارف عن مخاوفها من تداعيات ربط رأس مال المصارف الأجنبية في العراق بنسبة 30% من المصارف التجارية العراقية، ما يعني أنه كلما زادت هذه الأخيرة رأس مالها أصبح لزاماً على المصارف الأجنبية زيادة رأسمالها أيضا.
هذه المخاوف نقلتها المصارف اللبنانية عبر جمعية المصارف في لبنان الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الاشهر الماضية، وبدأت بإجراء سلسلة إتصالات مع السلطات النقدية العراقية وتحديدا مع البنك المركزي العراقي سعيا منها لمعالجة الازمة وتأجيل هذا القرار الذي سينعكس على عملها سلبا. وبالفعل، نجحت المساعي التي قام بها مصرف لبنان وجمعية المصارف مع البنك المركزي العراقي، بالاضافة الى المساعي التي قامت بها فروع المصارف الاجنبية الاخرى العاملة في العراق والمصارف المركزية التي تتبع لها مصارفها الأم.
في هذا السياق، كشف مساعد المدير العام لبنك بيروت والبلاد العربية شوقي بدر لـ”النهار”، أنَّ “المركزي العراقي عاد وخفض رأسمال كل فرع من فروع المصارف الأجنبية العاملة في العراق من 70 مليون دولار الى 50 مليوناً، على أن يتم تسديده على مرحلتين: المرحلة الأولى تفرضُ تسديد مبلغ يعادل 25 مليوناً تُحسَم منه الرساميل المدفوعة على الفروع القائمة في العراق حالياً، مع مهلة أقصاها 01/06/2016، أما القسم الثاني الذي يعادل 25 مليوناً آخر فيجب أن يُسدَّدَ خلال مهلة أقصاها 01/06/2016، بغض النظر عن عدد الفروع وبضمنها الفرع الرئيسي.
يُذكر أن التعميم الأول الصادر عن المركزي العراقي لاحظ تنفيذ القرار على مرحلتين، الأولى تشمل زيادة رؤوس المال الى 35 مليون دولار بحلول نهاية حزيران المقبل، وتشمل الثانية زيادة بقيمة 35 مليون دولار يجب إتمامها في حلول نهاية السنة الجارية.