Site icon IMLebanon

تراجع الحركة التجارية في صيدا يفوق 55 %


محمد صالح
يؤكد عدد من العاملين والمعنيين في القطاعات الاقتصادية أن حركة الأسواق التجارية في صيدا تعاني ركوداً وهبوطاً في دورتها اليومية وحتى في عدد الوافدين من مناطق أخرى. ويشير هؤلاء إلى أن جمود الوضع الاقتصادي العام في لبنان ينعكس في صيدا ركوداً وانكماشاً. لكن الفعاليات الاقتصادية في المدينة تشعر بهذا الركود الاقتصادي وتتأثر به أكثر من غيرها من المناطق، لأن صيدا، لعقود خلت وحتى الامس القريب، هي العاصمة الاقتصادية للجنوب ونقطة جذب واستقطاب تجاري وصناعي واستثماري واستهلاكي وطبي واستشفائي وتربوي لكل الجنوب ومناطق في إقليم الشوف، كذلك للفلسطينيين المقيمين في المخيمات والمسافرين.
أسباب خاصة
أسباب الركود الاقتصادي:
ويرى اقتصاديون أنه عدا الأوضاع العامة التي تمرّ فيها البلاد، والتي أدت وتؤدي الى هذا الانكماش، هناك أسباب إضافية خاصة بصيدا، أدّت إلى تراجع دورها الاقتصادي السابق، منها الموضوع المتعلق بمنع تملّك الفلسطينيين العقارات والشقق في صيدا الصادر عن الحكومة اللبنانية بتاريخ 21 /3/2001، مما أدّى الى جمود قطاع البناء والشقق السكنية في المدينة وترك أثره في تنمية هذا القطاع في المدينة ومنطقتها.
أما السبب الآخر للجمود والانكماش في صيدا هو ظاهرة الشيخ أحمد الأسير وتأثيرها على المدينة اقتصادياً، والتي كان لها ارتداد سلبي كبير على الحركة التجارية والاستهلاكية التي ما زالت تعاني من بعض جوانبه حتى الآن.
تراجع كبير
مصادر «جمعية تجار صيدا» تؤكد أن «الوضع الاقتصادي الذي نمرّ به في العام 2015 جعلنا نترحّم على الـ 2014، حين ترحمنا على الـ2013 وهكذا دواليك. وإذا قارنّا بين 2011 حتى اليوم نجد تراجعاً بنسبة أكثر من 55 و57 في المئة».
الواقع المتغير
فعاليات اقتصادية في صيدا يقارنون بين العقود الخمسة الاخيرة التي اوصلت صيدا الى موقعها الاقتصادي الممتاز ودورها الريادي في محيطها في كل المجالات وبين واقعها الحالي، يقولون «شهدت صيدا، كونها عاصمة الجنوب والعاصمة الاقتصادية، خلال العقود الخمسة الماضية، تغييرات شتى معظمها كان إيجابياً، لاسيما تلك التي طالت دور المدينة الاجتماعي والوظيفي والاقتصادي والديموغرافي بعد أن توسعت رقعتها الجغرافية السكنية والاقتصادية من حدودها العقارية البلدية المتعارف عليها، وهي حوالي سبعة كيلو مترات مربعة ونصف الكيلومتر مربع، لتصل حدود ملكية أبنائها العقارية «الضخمة جداً» الى شرق المدينة، اتصالا بقرى في قضاء جزين من بينها «كفرفالوس»، اي على بعد أكثر من 25 كلم شرقاً من وسط صيدا التجاري.
النهوض الاقتصادي
المصادر تؤكد أن «النهضة الاقتصادية التي شهدتها المدينة في تلك الفترة تعود ايضاً الى ان صيدا استفادت من الدور الذي لعبته في كل الحقب والمراحل، فتحولت الى عاصمة اقتصادية بعد ان كانت عاصمة سياسية وتربوية وثقافية وصحية للجنوب. ويلفت هؤلاء الانتباه الى انه من 1977 وحتى 1982 كانت حقبة ازدهار المدينة اقتصادياً وتجارياً واجتماعياً على مراحل، والبداية كانت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أسس «صيدا الجديدة» في منطقة كفرفالوس في قضاء جزين شرق المدينة في تلك الحقبة، بعد ان اشترى عقارات «ضخمة» هناك وبنى مدرسة حملت هذا الاسم «صيدا الجديدة» لتعليم أبناء صيدا ومنطقتها وشرقها وجزين وكانت ابتدائية وتكميلية وثانوية، اضافة الى انشائه مستشفى طبياً جامعياً ومبنى جامعياً للتدريس بالتعاقد مع الجامعة اليسوعية في حينه يستوعب طلاباً من ابناء صيدا ومحيطها والبقاع الغربي والشوف لسهولة الوصول اليها ووجود أبنية سكنية.
وما بين 1985 و1992 شهدت صيدا حركة جيدة اقتصادية وعمرانية. وما بين 1992 و2002 حافظت الحركة على وتيرتها. وبين 2004 و2007 كانت الطفرة الاقتصادية والعقارية والتجارية النوعية وما زالت مستمرة حتى تاريخه تتأرجح صعوداً وهبوطاً وفق المناخ العام في البلد والمحيط..
موجات النزوح
تضيف المصادر «خلال كل الحقب السابقة ما تكاد تذهب موجة بشرية من مسيحيين وسنة وشيعة وفلسطينيين من صيدا حتى تستقبل المدينة موجة نزوح أخرى في كل مراحل الحروب والاشتباكات والاجتياحات التي شهدها لبنان واستوعبتها «عاصمة الجنوب». وكان كل من ينزح الى المدينة يندمج في تفاصيل حياة أهلها واستثمر فيها وأمّن فرصة عمل وانغمس في معيشتها اليومية.
وتشدد المصادر على ان «كل ذلك أدى الى توسيع دورها الاقتصادي بشكل لافت للانتباه، كما أدى الى تحريك العجلة التجارية فيها بشكل كبير، لدرجة ان اسواقها العقارية شهدت ازدهاراً غير متوقع وغير مسبوق.. وبوليفار الدكتور نزيه البزري (البوليفار الشرقي سابقاً) خير شاهد لدرجة أن سعر المتر المربع الواحد على هذا البوليفار وصل الى ثلاثة آلاف دولار».
ويخلص هؤلاء في مقاربتهم الاقتصادية الى «ان صيدا استفادت كثيراً من هذا الدور، ولكن بالمفهوم الاقتصادي تضخّم وضعها وهذا سبب رئيسي في ما تعانية اسواقها التجارية اليوم، لأنه بعد عودة الناس الى قراهم وبيوتهم ومناطقهم انكفأت حركتها التجارية وباتت تشهد نوعاً من الركود الاقتصادي وتنتظر مواسم الاعياد ورأس السنة والحسوم، لتحريك عجلة اسواقها التجارية».