هاجر كنيعو
كان يفترض في مثل هذه الأيام أن يصل عديد حركة عبور الشاحنات بين لبنان وبقية العالم العربي إلى 120 شاحنة في اليوم الواحد، تخرج من ساحات المصنع متجهة إلى جديدة يابوس السورية ومنها إلى معبر نصيب عند الحدود السورية- الأردنية. أما اليوم فهذه الحركة هي شبه متوقفة بعدما أقفلت جميع النوافذ أمام الصادرات اللبنانية الزراعية والصناعية.
مما لا شك فيه إن القطاع الزراعي هو اكثر القطاعات الإنتاجية تضرّراً، لأنه كان الأكثر اعتماداً على طريق البرّ عبر معبر نصيب، وتليه قطاعات الصناعات الغذائية، فالصناعات الأخرى. وتبيّن الأرقام أن الصادرات الزراعية خلال الأشهر الستة الماضية بلغت حوالى 250 ألف طن، وصادرات الصناعات الغذائية 52 ألف طن، وصادرات الصناعات غير الغذائية بحدود 62 ألف طن. وبلغ عدد الشاحنات 9165 شاحنة للمنتجات الرزاعية، و2100 شاحنة للصناعات الغذائية، و2487 شاحنة للصناعات الأخرى.
ـ بدء النقل البحري ـ
وإذ كثر الحديث عن الخسائر المادية التي تكبدها القطاع الزراعي بالدرجة الأولى والمقدرة بملايين الدولارات، تأتي خطوة إطلاق أول رحلة تصدير بحري للبضائع اللبنانية منذ أسبوعين في إطار بداية حلحلة لأزمة التصدير وفق ما قال رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع ادمون جريصاتي لـ «الديار» «حيث اتجهت باخرة على متنها 60 شاحنة من مرفأ طرابلس إلى مرفأ ضبا محمّلة بالخضر والفاكهة الطازجّة مثل الخس على أن تصل إلى الأسواق التصديرية خلال 3 أو4 أيام ، في وقت جرت العادة أن تصدر مثل هذه المنتجات الزراعية الطازجة براً أو عبر النقل الجوي». وإذ أكد أن التصدير البري لا يزال يعتمد عبر معابر محددة، أشار جريصاتي إلى اتجاه أكثر من 100 شاحنة (شهادة منشأ) محمّلة بـ 30 صنفاً من المنتجات الزراعية والصناعية مثل البطاطا، البورسلان وغيرهما من الأصناف نحو دمشق براً ومنها إلى العراق.
هذه الإيجابية لم تخف تخوف جريصاتي من حجم الكارثة التي قد تصيب المواسم البقاعية هذا العام إن لم تصل الحكومة اللبنانية إلى حل متكامل لأزمة التصدير البحري «فبعد انتهاء مرحلة التحضير والزرع، يستعد البقاع حالياً إلى حصاد المواسم الزراعية التي تبلغ آلاف الأطنان، لذا الخطر كبير نظراً لضخامة حجم الصادرات البقاعية»، لافتاً إلى أن «قبل إقفال معبر نصيب الحدودي، كانت هناك عمليات شحن بحراَ إلا أن ذلك اقتصر على صنف محدد من السلع مثل البطاطا، حمضيات، أو موز.. أما اليوم فالبحث يدور حول إمكان تصدير أصناف متعددة في الوقت ذاته».
ـ خط بحري من طرابلس إلى ضبا ـ
و بعد عجز الحكومة اللبنانية لغاية اليوم عن تأمين خط بحري مدعوم للصادرات الزراعية، لم يأت الحلّ الجزئي للمشكلة من قِبل الحكومة اللبنانية، بل بمبادرة من القطاع الخاص، إذ ان عملية الشحن عبر هذه العبّارة ستتم على حساب المزارعين وليس هناك من دعم حكومي. وكان رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي صرّح «أن الخط البحري المسيّر من قبل القطاع الخاص من مرفأ طرابلس إلى ضبا لا يمكن أن يستمرّ طويلاً بسبب كلفته المرتفعة جدّاً على المزارعين».
وذكر ترشيشي أن كلفة الشحن البحري عبر هذه العبّارة تبلغ 8 آلاف دولار للشاحنة الواحدة مقابل 4 آلاف دولار في الشحن البري، واعتبر «أنه مشروع تجربة لن يكون التاجر المصدّر رابحاً من خلاله بسبب كلفته».
كما أشار إلى أن أزمة التصدير البحري، فتحت باب المضاربة أمام التجار، فقد ارتفعت كلفة الشحن من 3500 إلى 4500 دولار، تضاف إلى 3000 دولار كلفة إيجار الشاحنة و500 دولار مصاريف تخليص البضائع في طرابلس والسعودية.
إلا أن لجريصاتي رأياً مخالفاً إذ اعتبر أن هذه الأسعار غير دقيقة « ونحن ننتظر التقرير الذي سيصدر عن إيدال قريباً حول آليات الدعم والخطوط البحرية التي ستعتمد، وما هي الكلفة المترتبة وأيضا لناحية عدد الشاحنات وتوزع حمولاتها بين المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية وغيرها من الصناعات. واعتبر أنه من غير المقبول استغلال أزمة التصدير على حساب التجار المصدرين والمزارعين والمستوردين « وبالطبع الأسواق التصديرية ستتكيف مع الأسعار نظراً لجودة المنتوجات اللبنانية إلا أن المشكلة الوحيدة في التصدير البحري تتمثل في تفريغ الحمولة دفعة واحدة في الأسواق على خلاف التصدير البري».
ـ شقير في زحلة ـ
وفي أطار الجهود المستمرة لمعالجة أزمة التصدير البحري، كشف جريصاتي عن زيارة سيقوم بها رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير اليوم إلى غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة «وهي زيارة اساسية ومهمة جداً لطالما انتظرناها بعد اللقاءات التي جمعت شقير بغرفة طرابلس و وغرف صيدا إلا أن الظروف الأمنية حالت دون هذه الزيارة سابقاً».
وأكد أن محور النقاش سيتركز حول الأمور الاقتصادية بشكل عام، إلى جانب تقديم الاقتراحات في إطار مساعدة ودعم القطاعين الزراعي والصناعي في مواجهة أزمة التصدير البري بالإضافة إلى دراسة كلفة النقل البحري.