يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى استثمار ما حوله اقتصاديا عن طريق مشاريع لدعم خزائنه وتغطية نفقاته ضمن محاولاته توطيد حكمه، بينما يضيق حال الباعة المتجولين وصغار الكسبة بسبب قرارات دواوينه التنظيمية.
تدخّل معقد بالمشاريع الاقتصادية، ومضاربة واضحة على صغار الكسبة بالأرباح واستغلال المكانة العسكرية في دعم أنشطة التنظيم الاقتصادية.
هكذا يصف الشاب علي الحمد -أحد المقربين من التنظيم- أنشطته الاقتصادية بريف حلب الشرقي، مضيفا أن ديوان الخدمات يسعى بشكل دوري لدراسة تأسيس مشاريع ربحية تجنب التنظيم الإفلاس.
وقال الحمد إن التنظيم بدأ بمنافسة المشاريع الصغيرة مستغلا هيبته العسكرية، حيث حوّل باعة الخضار إلى سوق أنشأه في وسط مدينة منبج، ويتكون السوق من مجموعة أسياخ حديدية تقسم البسطة (مكان البيع في الشارع) بطول متر ونصف المتر وعرض متر، وتؤجر الواحدة منها بثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة سورية، أي ما يعادل 12.15 دولارا شهريا.
ويتابع “بنى التنظيم أيضا دكاكين صغيرة على الأرصفة في المدينة وعرضها للإيجار مقابل سبعة آلاف ليرة سورية شهريا، كما فرض مسؤولون بالتنظيم مبلغا ماليا على كل برميل نفط يدخل إلى أحد أسواق بيع الوقود، ويقدّر المبلغ بمئتي ليرة سورية”.
وكان التنظيم قد فرض زكاة على كل المحال التجارية بمدن ريف حلب تبدأ من عشرة آلاف ليرة سورية وحتى ثمانين ألف ليرة، ورفع سعر مادة الخبز لتصبح 110 ليرات سورية للربطة الواحدة.
جمود اقتصادي
ويقول منير -أحد أبناء ريف حلب- إن التنظيم “وضع يده على مقومات الحياة كافة لدرجة أن أي مواطن سيصطدم بشروطه في حال أقدم على أي عمل، ومنذ مدة بدأ مشروعه بتوزيع الكهرباء العامة (كأمبيرات) بعد أن لاحظ نجاح عمل مولدات الكهرباء الخاصة، وفرض سعر الأمبير الواحد ألفا وخمسمئة ليرة سورية”.
ويوجد عدد كبير من التجار والمدنيين الذين لا يحبّذون التعامل مع التنظيم، مما أجبر بعضهم على ترك العمل والنزوح خارج مناطق سيطرته.
ويشرح أبو نورس سبب هجرته قائلا “لم يبق مجال للعمل بعد إغلاق تركيا للمعابر، وازدادت أسعار السلع وأرهق المواطن بدفع الفاتورة الأكبر”.
وعن سبب نزوحه الأساسي يقول أبو نورس، وهو تاجر هاجر من ريف حلب الشرقي بعد دخول تنظيم الدولة إلى مدينته وطلب عدم ذكر اسمه خشية على بيوت يملكها هناك “أخاف من اعتقالي، فالتجّار ليسوا بأمان وقد حصل أن اعتقلوا أحد معارفي من قبل مع أنه لم يكن له أي نشاط سياسي أو عسكري”.
ولم تقتصر الضرائب والتراخيص على ذلك، حيث تدخّل التنظيم بتفاصيل حياتية أخرى، ففرض ديوان حسبته مبلغ خمسة آلاف ليرة سورية على دفن الميت، إضافة لضريبة المبيعات العقارية لدى ديوان العقارات عند التنظيم.
تعزيز الميزانية
ويرى عناصر من التنظيم أن المشاريع الاقتصادية تأتي لتلبية احتياجات الناس وتنظيم أمورهم. ويقول أبو حسن الشمالي ابن ريف حلب إن الحياة الاقتصادية شهدت استقرارا ملحوظا في مناطق سيطرتهم.
وتابع أن “الضرائب التي يفرضها التنظيم على الأهالي هي مثل تلك التي تفرضها أي دولة لتضمن استمرار تقديم الخدمات للمواطنين، ولا ننسى وجود عمال نظافة وورشات خدمية تقبض رواتب من ديوان الخدمات”.
أما الشاب عزيز الجراح -أحد المتابعين لأنشطة التنظيم- فيقول للجزيرة نت “نظمت الحياة بشكل أفضل من السابق، ابتداء من تحصيل الخبز وتوزيع الكهرباء والماء وتنظيف الشوارع، وحتى الطيران لا يأتي للقصف كما في السابق، إضافة لوجود الأمان في مدن التنظيم”.
ويضيف، من حق دواوين التنظيم فرض الضرائب، فهي أيضا تقدم خدمات واضحة وتنظّم الأسواق وتردع المسيئين بالعقوبات.
ورغم ما يحصل فإن أسعار المواد التموينية ازدادت بنسبة كبيرة بعد انحسار استيراد البضائع من تركيا.
ويقول مواطنون إن تنظيم الدولة استورد بضائع وإلكترونيات من العراق انتشرت بشكل ملحوظ في بعض أسواق ريف حلب.