يشكل الإعلان عاملا ًكبيراً ليس فيما نشتريه فقط، ولكن في تجربة الطعام نفسها. فعندما نأخذ قضمة من البرغر، تؤثر تجربتنا بأسرها في الحياة على النكهة بما في ذلك الإعلانات الموجودة في كل مكان. فالناس لا يحبون طعم الكوكا كولا بسبب تركيبته فقط، بل لأن ماركة كوكا كولا مشبعة بعمر من الرسائل الاعلانية الإيجابية. وهذه الرسائل لا تتوقف أبداً. ويمكن أن يكون لهذا الأمر تأثير خبيث على سلوك الأكل. حيث وجدت دراسة أجريت في جامعة (دارتموث-Dartmouth) ونشرت هذا الشهر في مجلة (سيريبرال كورتكس-Cerebral Cortex) أن المراهقين البدناء معرضون بشكل خاص لهذا النوع من إغراء الماركات التجارية.
وقد استخدم باحثو(دارتموث) ماسحات الرنين المغناطيسي الضوئية لتخطيط أدمغة المراهقين فيما يشاهدون إعلانات تجارية (لماكدونالدز) وكنتاكي فرايد تشيكن، و(ويندي)، ودانكن دونتس، وبيتزا هت، ولمحاكاة أدق لتجربة المشاهدة قدرالإمكان، قاموا بوضع الإعلانات التجارية، إلى جانب اخرى غير متعلقة بالطعام، أثناء عرض مسلسل “نظرية الإنفجار الكبير”، ولم يكن المتطوعون يعرفون عن طبيعة الدراسة.
خلال إعلانات الطعام فقط، كان رد فعل الأطفال تقريباً كما لو كانت وجبات حقيقية قد وضعت أمامهم: حيث استجابت خلايا الدماغ المرتبطة بالاهتمام والتقييم والرغبة، والمتعة والإشباع بقوة. كما أظهر المتطوعين ذوي الوزن الزائد ردود الفعل أقوى في منطقتين تختصان بالطعم والنكهة. كما تحفزت المناطق المرتبطة بالسيطرة على الفم واللسان، والشفاه أيضا. وكانت أدمغة الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن تحفزهم على ما يبدو، لتناول بعض الأطعمة السريعة.
نحن نعتبر اتباع النظام الغذائي حربا مع شهيتناً. فإذا كانت الرغبة في تناول الشوكولا أو قطعة إضافية من رقائق البطاطا يمكن ترويضها بشكل منهجي من خلال الرفض أو قوة الإرادة، فإن النظام الغذائي سينجح. في معظم الأحيان، تكسب الرغبة هذه الحرب، ولكنها تخسرها في بعض الأحيان. وبذلك لا تنتهي معركة النظام الغذائي أبداً. هذه مشكلة خاصة بالمراهقين ذوي الوزن الزائد، الذين تكون سيطرتهم على الانفعالات ضعيفة نسبياً. ومن الواضح أن الأمر ليس سهلاً. كما أظهرت الدراسة أن مشاهدة إعلانات الشركات يمكن أن يجعل إغراءات الطعام أكثر صعوبة في مقاومتها.
ولكن فيما يتعمق العلماء في دراسة عملية الإغراء هذه، والتداخلات الغريبة بين التفكير والدوافع التي تنتقل بين المعدة والدماغ والفم حول الطعام، تظهر فرص جديدة لتعطيل تلك العملية. كما يمكن للباحثين توسيع تركيزهم من الرغبة والشهية. إذا استطاعت الإعلانات أن تغوي عقلك، ستكون لديك رغبة في مزيد من البطاطا المقلية بنسبة 50%، وقد يكون هناك طرق لإزالة الرغبة بها، أو تحفيز عقلك نحو أشياء أخرى. أو –على الأقل –مشاهدة إعلانات وجبات سريعة أقل.