Site icon IMLebanon

“حزب الله”.. ضم المطلوبين و”فرزهم” في المعارك!

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”: يبدو أن “حزب الله” يحاول جاهداً خلال المرحلة المُقبلة تطبيق نموذج “عرقنة” مناطق جبهاته المُمتدّة من لبنان إلى سوريا تحت عنوان “الحشد الشعبي”. هذا ما اظهرته التطورّات خلال اليومين المنصرمين من خلال الإستعراضات المُسلّحة والمُصوّرة التي أقامها بعض من أبناء العشائر في البقاع الشمالي بإيعاز من الحزب نفسه بهدف إعطاء طابع مذهبي مؤيّد له وكأّنه استعداد مُنظّم لمواجهة الحركة الإعتراضية على تدخّله في سوريا التي وُجه بها من داخل بيئته وقابلها بالتخوين والعمالة.

تزداد أزمات “حزب الله” يوما بعد يوم وتترافق مع هذه الأزمات مجموعة خيارات يتّخذها كتعويض عن ورطة غرقه في الرمال السوريّة المُتحرّكة، لكنّها تبقى في النهاية خيارات أقل ما يُقال فيها أنّها تزيد من حجم إرباكاته وخسائره نزعت عنه صفة المقاومة وحوّلته إلى مُجرّد مليشيا مذهبيّة تسعى إلى استقطاب الصالح والطالح يُظلّلها شعار نشر الفوضى وبث الرعب في نفوس أبناء الوطن الواحد، وهي خطوة تحمل في طيّاتها رُبّما التحضير لإعلان “الدويلة الخاصّة”.

كان لافتاً منذ يومين ظهور جماعات مُسلّحة إدّعت اختزالها لعائلات لبنانيّة تُعلن عن استعدادها للدخول الى جانب “حزب الله” في الحرب التي يخوضها في سوريا وذلك من خلال مقطع من شريط فيديو يُظهر عدداً غير قليل من الرجال بسلاحهم الكامل لا يقل فظاعة عن تلك المشاهد التي تقوم بتصويرها الجماعات المُنقلبة على انظمتها في مجاهل أفريقيا، وهو الأمر الذي أرخى بتداعيات كبيرة في صفوف اللبنانيّين الذي تسائلوا حول هويّة هؤلاء والجهة التي تدعمهم وعن دور الدولة اللبنانيّة التي بدأ نفوذها بالتقلّص في عدد من المناطق لصالح “حزب الله”.

منذ فترة عام تقريباً وخلال بدء الحديث عن نيّة الدولة ملاحقة مطلوبين بمذكّرات توقيف في مناطق وبلدات في البقاع الشمالي خصوصا بعد إنتشار حوادث السرقة وعمليّات الخطف مقابل فدية ماليّة، فرّ معظم هؤلاء المطلوبين إلى جهات آمنة بعيدين عن اعين الدولة حتى قيل أن مُعظمهم لجأ إلى بلدة “القصير” السوريّة التي تخضع لسيطرة “حزب الله” هرباً من القوى الأمنيّة وذلك بتنسيق مُسبق بين الحزب نفسه وبين هؤلاء الذين ينتمون بمعظمهم إلى عشائر يخشى الحزب مواجهتها لاعتبارات سياسيّة ومذهبيّة بالدرجة الاولى.

في تلك المرحلة طلب عدد من المطلوبين في مناطق البقاع الشمالي غداة تنفيذ الخطّة الامنية من “حزب الله” السماح لهم بالإنخراط في صفوفه للمشاركة في الحرب التي يخوضها في سوريا إن تحت “لوائه” أو من خلال فصيل خاص يُشرف هو على تسليحه وتدريبه وتوزيعه على الجبهات مًفضّلين الخيار هذا بدل أن تعتقلهم الدولة وتضعهم في السجون، إلّا أن قيادة الحزب رفضت يومها هذا الإقتراح خصوصا وأن علامات استفهام كانت تحوم حول بيع بعضهم سيارات مسروقة لجهات مُسلّحة ومن ثم تقوم الاخيرة بتفخيخها وإرسالها إلى لبنان وتحديدا إلى الضاحية الجنوبيّة.

اليوم يعود السؤال عن إعادة “حزب الله” النظر في عمليّة “تطويع” هؤلاء المطلوبين في صفوفه وحول الضغوط التي جعلته يوعز اليهم بضرورة التحرّك العلني تمهيدا لضمّهم في صفوف وحداته المُقاتلة. البعض رأى أن “حزب الله” وفي عملية الإحتضان هذه، أراد ان يُعطي صورة إجماع داخل طائفته حول جميع الخيارات التي يتّخذها وعلى رأسها خيار مشاركته في الحرب السوريّة وهي رسالة وجّهها للخارج قبل الداخل مفادها أن قراراً بحرب مذهبيّة موجود في ما لو دعته الحاجة للقيام بخطوة كهذه. لكن البعض الأخر رأى فيها خطوة لتخلّص الحزب من أعباء هؤلاء خصوصا لجهة تحميلهم له المسؤولية الكاملة عن الحالة المزرية التي أوصلهم اليها.

جملة من الإنتقادات حملت عدداً من المُطّلعين على لعبة “حزب الله” السياسية والعسكرية بعد ظهور عدد من المطلوبين في قضايا مُتعدّدة وهم يُعلنون ولاءهم للحزب وإستعدادهم للتضحيّة بانفسهم في سبيله. لكن أكثرها إنتقادا كان الحديث عن حزب قاوم إسرائيل لمدة تزيد عن ثلاثين عاما بعزم خيرة من شباب استنزفهم في سوريا، ثم استعان بعدهم بأطفال قُتلوا تحت شعار “الواجب الجهادي”، وها هو اليوم يستعين بمطلوبين للعدالة في خطوة نحو قتل “النصف” الذي سبق وبشّر به.