جوزف فرح
حقق مؤتمر رجال الاعمال العرب والصينيين الذي انعقد في بيروت نجاحا ملحوظا، اذ للمرة الاولى يشاهد اللبنانيون صينيين في لبنان من فئة رجال الاعمال وبهذه الكثافة الملحوظة، اذ زاد عددهم عن 300 شخصية صينية ومؤسسات تجارية وصناعية ومالية ورجال اعمال ومستثمرين فضلا عن حضور 400 شخصية رسمية مقاومة لبنانية وعربية رفيعة المستوى.
ناهيك بالاستفادة في توقيع اتفاقيات بين رجال الاعمال في كلا البلدين، اضافة الى رجال الاعمال العرب، وقد تحدثت مصادر لبنانية عن استعداد صيني لتمويل موضوع الكهرباء بمليار دولار وسد بسري بـ500 مليون دولار، واستعداد مماثل بالنسبة للمرافئ اللبنانية حيث لمست هذه المصادر رغبة صينية في الاستثمار في لبنان خصوصا في المجال العقاري، وقد تحدث احد المسؤولين الصينيين ان بعض رجال الاعمال الصينيين قد يرغب في نقل استثماراته الى لبنان وباقي الدول العربية نظرا للقوى التنافسية الكبيرة في الصين.
بالاضافة الى ان هذا المؤتمر شكل نقطة استراتيجية لامكانية جذب السياح الصينيين الى لبنان خصوصا ان عدد الذين يسوحون في العالم يبلغ 125 مليون سائح صيني، فلو اتى نصف في المئة منهم، كما يقول رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار لأتى الى لبنان 600 الى 700 الف سائح صيني، وكان بعض اعضاء الوفد قد زاروا بعلبك وابدوا دهشتهم من هذه الاثار المهمة وقد ابدى اكثر من شخص رغبته بالعودة الى لبنان وتمضية اجازة فيه، كما ان بعض اعضاء الوفد الصيني ابدى رغبته في شراء مصنوعات ذهبية ومجوهرات، كما قام بعضهم بتصوير الحمص والفلافل والتبولة وغيرها من المأكولات اللبنانية من اجل تذوقها مجددا. اما بالنسبة لعنوان المؤتمر «بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير» فان لبنان هو من اشد المرحبين به كونه من الدول الاوائل التي ستستفيد منه.
كل هذا النجاح لهذا المؤتمر يعود الفضل فيه الى رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار الذي شكل علاقة فارقة من خلال حسن التنظيم للمؤتمر ومقابلة المسؤولين والتعاون بين رجال الاعمال في لبنان والصين والدول العربية، ماذا يقول عن نتائج هذا المؤتمر؟
* ما هي النتائج التي يمكن الخروج منها من المؤتمر العربي – الصيني الذي انعقد في مطلع الاسبوع الماضي في بيروت؟
– ان الحركة الاقتصادية التي نتجت من انعقاد الدورة السادسة لمؤتمر رجال الاعمال العربي – الصيني والدورة الرابعة لندوة الاستثمار في بيروت ظهرت من خلال امتلاء عدة فنادق برجال الاعمال الصينيين، وكان هذا المؤتمر مناسبة لتعريف لبنان الى طبيعة رجال الاعمال الصينيين الذي زاروا كل العالم واندهشوا لما رأواه في لبنان من جمال الطبيعة وتطور المؤسسات التجارية والصناعية التي تضاهي اهم المؤسسات في العالم واشتروا من محلات الصاغة والمجوهرات وتجولوا في عدة اماكن من بعلبك الى السوليدير والزيتونة باي كما عقدت انواع من اتفاقيات مع بعض رجال الاعمال اللبنانيين للاستثمار المتبادل والاهم من كل ذلك نقلهم صورة حضارية عن لبنان لزملائهم في الصين والذين لم يتسن لهم القيام بهذه الزيارة، وهذا شيء مهم اذ تمكنا من وضع لبنان على خارطة الصين السياحية، اذ من المعروف انها ترسل 120 مليون سائح سنويا الى كل دول العالم، فاذا تمكنا من استقدام نصف في المئة من هؤلاء لبلغ عددهم الـ 600 الف سائح صيني اصبحوا اليوم قبلة انظار العالم نظرا لما يقومون به من مشتريات وغيرها.
} فتح الباب مجدداً }
واضاف القصار: مثلما فتحنا الباب منذ 60 سنة نعيد اليوم فتح هذا الباب من جديد وسط استعداد صيني لمساعدة لبنان عبر مشاريع كهربائية ومائية ومرفئية وسياحية وغيرها وهذا يؤدي الى نوع من التكافؤ في ظل ميل الميزان التجاري لمصلحة الصينيين، وقد ابدى الصينيون اهتمامهم بالقطاع العقاري وتعرفوا الى السوليدير ومؤسسات اخرى، وابدوا سعادتهم بالاقامة في لبنان ووعدونا بالعودة والسياحة فيه.
واشاد القصار بالاهتمام الرسمي بالوفد الصيني الذي تجلى في رئاسة الوزراء من خلال الرئيس تمام سلام ووزارة الاقتصاد من خلال وزير الاقتصاد الان حكيم الذي واكب المؤتمر واقام مأدبة غداء على شرف الوفد، ووزير السياحة ميشال فرعون الذي اولم لهم في مطعم بابل وحتى اتحاد الغرف الللبنانية برئاسة محمد شقير وجمعية الصداقة اللبنانية – الصينية برئاسة علي العبد الله.
هذا بالنسبة للجانب الصيني، كما لا ننسى الحضور العربي من 16 دولة عربية و150 شخصاً بحيث كان من الامتزاج الصيني – العربي اللبناني، مما ادى الى عودة ايام الماضي حيث كان لبنان دائما ملتقى الحضارات العربية والاجنبية.
المؤتمر كان بعنوان: «بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير» لان رئيس الوزراء الصيني يعتبر ان هذه الطريق كانت طريقا تاريخية ولكن المهم ان تتحول الى طريق اقتصادية تستفيد منها الدول ومنها لبنان اول المستفيدين على اعتبار انها ستصب في النتيجة في بيروت.
واعتبر القصار ان هذا المؤتمر هو مناسبة جيدة في ظل الاجواء المقلقة وان نجد اشخاصاً يؤمنون بدور لبنان واهميته، وقديما قيل اطلب العلم… ولو في الصين ونحن نقول اليوم… الصين اتت الى لبنان لتتعرف إليه.
* في رأيكم لماذا اهتمام الصين هذا البلد العملاق بشرياً واقتصادياً بلبنان، هذا البلد الصغير؟
– المسؤولون الصينيون وعلى كل المستويات يقدرون دور لبنان في الماضي بادخال البضائع الصينية الى الاسواق العربية في وقت كانت الصين تعاني حصاراً دولياً، فأتى لبنان وفتح ذراعيه للانتاج الصيني الذي كان يرسلها الى الاسواق العربية ويصدّر في المقابل للصين حاجاتها من المواد الاولية كالقطن السوري والقطن التركي.
* هل اختلف دور لبنان عن السابق؟
– اختلف دور لبنان، بعد ان كان يصدّر للصين اصبح يستورد منها وهذا بطبيعة التركيبة الاقتصادية، ولكن هذا لا يمنع ان السوق الصينية منفتحة وحرة، فالاستيراد مسموح لرجال الاعمال اللبنانيين الذين يصدرون الى الصين وبامكانهم عقد اجتماعاتهم وتوقيع الاتفاقيات.
الصين وان كانت من اكبر الدول المصدرة ولكنها بلد يستورد بكثرة المواد المختلفة، وبامكان لبنان ان يؤدي دوره في هذا المجال، خصوصاً بعد اللقاءات التي تمت والاهتمام الرسمي الذي حظي به الوفد الصيني وفي مقدمهم نائب رئيس المؤتمر الشعبي رينغواي وانغ الذي نادرا ما يخرج من الصين وهذا دليل.
1- اعتراف الصين بدور لبنان وتقديراً له فقدا رسلت هذه الشخصية الرفيعة المستوى لمناسبة مرور 60 عاما على توقيع اول اتفاقية تجارية بين البلدين.
2- اعتراف الصين بالعلاقة المميزة مع لبنان اذ اعتبرت انه وقف الى جانبها اثناء الحصار الدولي وبالتالي يبقى لبنان هذا الصديق دائماً وعندما طرحت فكرة انعقاد المؤتمر العربي – الصيني وجدنا تجاوباً صينياً، وبالتالي لا بد من ان اشكر الاخوة في الاردن الذين تنازلوا للبنان عن هذا المؤتمر الذي كان من المفروض ان يعقد في عمان، ولكن بسبب مرور 60 عاماً على توقيع الاتفاقية وافقوا على عقده في بيروت.
طبعاً الحضور العربي كان مميزاً من خلال وجود 150 رجل اعمال عربي قضوا وقتاً جيداً في لبنان وكانت اقامتهم ميسرة وابدوا ارتياحهم للاجواء التي سادت وعادوا الى بلادهم حاملين عن لبنان النظرة التي كنا نريدها وهي انه بلد صديق شقيق، آمن، يقدر العلاقات ويريد ان تستمر.
} دور عدنان القصار }
* ولماذا كان التركيز على دور عدنان القصار في هذا المؤتمر على الرغم من ان تنظيمه كان من الاتحاد العام لغرف التجارة للدول العربية، الجامعة العربية، وزارة الاقتصاد والتجارة في الصين ولبنان، اتحاد الغرف اللبنانية اتحاد رجال الاعمال العرب، ايدال، المجلس الوطني لتعزيز التجارة الدولية؟
– ان العلاقة مع الصين كانت على اساس التقدير والمحبة والاخلاص، وقد ابتدأت عندما كان عمري 23 سنة، وهذه العلاقة ليست معي فقط بل مع شقيقي عادل حيث ترافقنا تسوية بهذه المسيرة، وكنا نتقاسم المشقة ونسافر كل واحد بمفرده ونبني هذه العلاقات. اقمنا العلاقات التجارية مع الصين في وقت كانت الصين تعاني حصاراً دولياً، ولم تكن مقصودة مثل اليوم، متعاونا معها واخلصنا لها كما اخلصوا لنا، والمسؤولون في الصين لا ينسون من هم اصدقاؤها الذين وقفوا الى جانبها في الايام الصعبة، ونحن نعتبر اليوم من الاصدقاء الاوفياء الذين ما زالوا يتحدثون عن فترة الصين في الخمسينات والستينات والثور ة الثقافية كل هذه الامور عشناها انا وشقيقي عادل معا. نحن فخورون باننا اخترنا هذه الطريق وحافظنا على الصداقة واخلصنا للصين لانه وجدنا ان لديهم المحبة للعالم العربي ولبنان.
* ماذا تقول للسياسيين اللبنانيين وهم يشاهدون هذا المؤتمر الذي حضره حوالى 400 شخصيةو300 شركة صينية في بيروت؟
– ما يجب ان اقوله للسياسيين الذين احبهم واقدرهم واعتز ان لدي افضل العلاقات معهم، يا اخوان، حرام ان نفوت هذه الفرص اليوم لدينا في العالم اصدقاء يحبون لبنان ويريدون التعاون معه، وان يكون دولة مزدهرة اقتصادياً، ولكن بخلافاتنا الدخلية نعطّل هذه الامكانيات الكبيرة خصوصاً عندما يأتينا زائرون من كل انحاء الارض، من الصين وقبله من دول اخرى، يا جماعة، اتفقوا، انتخبوا رئيساً للجمهورية، لقد مضى سنة ونحن نعطل الدستور ونعطل مجلس النواب، ونوقف التقديم الاقتصادي في البلد، ونهدر علينا مواسم الاصطياف والاشتاء.
من المفروض ان ينتهي هذا الموضوع ولا نسمع بالتالي الا صوت ضميرنا وصوت وطنيتنا، ونتصرف على هذا الاساس، لان الاصوات في الخارج لديها غاية، ونحن غايتنا ان نحافظ على بلدنا كي يكون مستقراً آمنا بظروف محيطة لم تمر علينا بصعوباتها في الماضي. آن الاوان، يكفي اهدار الفرص ليس مسموحاً ان تستمر الخلافات السياسية وتعطل كل الامكانيات وعزم الشعب على الاستفادة من هذه الامكانيات لكي يكون لبنان بلداً مزدهراً منفتحاً وشعبه ينعم بالعيش الكريم.