كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
ما هي النتائج التي حققها تحرك الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا حتى الآن من خلال المشاورات التي يجريها مع كل الأطراف الدولية، والأطراف السورية، لتقييم الموقف ودراسة مدى إمكان الانطلاق بالحل السياسي مجدداً عبر وثيقة “جنيف 1”.
مصادر ديبلوماسية قريبة من دي ميستورا، أكدت، أن الموفد الدولي، التقى على حدة بممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا والصين، أي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. كما التقى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، كذلك التقى ممثلاً عن إيران. وهذه اللقاءات تمت في جنيف.
أما المعارضة السورية، أي الائتلاف السوري المعارض، والفصائل المسلحة والتي يناهز عددها 40 فصيلاً فأبلغت دي ميستورا في رسالة عدم حضورها الى جنيف، مع الاشارة الى ما يقال حول ان المعارضة المسلحة تتجسد في نحو 2000 تنظيم أو فصيل. الا ان دي ميستورا سيتوجه الى اسطنبول للقاء أطياف المعارضة. وسبب عدم حضور المعارضة الى جنيف ولقاء دي ميستورا هناك، هو انها تعتبر ان الموفد الدولي يراعي النظام السوري وإيران. لكنه هو يعتبر نفسه وسيطاً، وبالتالي، عليه أن تكون لديه علاقات جيدة مع كل الأطراف. وفي هذا التوجه استفادة من خبرة سلفه الأخضر الابرهيمي، حيث انه عندما قال بضرورة رحيل رأس النظام، وبالحل من دونه، لم يعد يستقبله النظام وفشل الحوار معه حول الحل. المعارضة السورية لم تأتِ الى جنيف لأن دي ميستورا قال ان بشار الأسد جزء من الحل، ثم عاد ليبرر ما قاله، أي ان هناك عملية سياسية يخرج الأسد من السلطة في المرحلة الأخيرة لهذه العملية، وليس في بدايتها.
بالنسبة الى المعارضة، هي تريد أن لا يراعي دي ميستورا النظام. لكن الأنظار حالياً تتجه الى لقائه معها والى الجديد الذي يمكن أن يخرج به اللقاء، مع ان المصادر، تؤكد ان كل الأطراف الدولية والاقليمية التي التقاها دي ميستورا في جنيف لم تحمل مواقفها جديداً لا سيما إيران. وما من شك ان المعارضة تراهن على مزيد من الكسب على الأرض في المرحلة اللاحقة. وهي الآن تكسب في الشمال والجنوب. كما ان عدم حضورها الى جنيف، يعكس عدم ارتياحها، وعدم ارتياح الدول الداعمة لفصائلها، من تركيا والخليج وقطر، لتحركات دي ميستورا.
ومن غير الواضح ما إذا كان النظام سيتعمد بالمقابل عدم المجيء الى جنيف، تشبهاً بموقف المعارضة، مع أنه وضع شروطاً في السابق على الحضور الى جنيف. وإذا لم يحضر بجدية سيضطر دي ميستورا الى زيارة دمشق للقاء أركانه.
الانطباع الأهم، هو الذي سيتكون بعد لقاء دي ميستورا مع كل من المعارضة والنظام.
كل الدول الغربية تريد أن يخرج الأسد من السلطة، لكن الفارق هو أن البعض يريد خروجاً فورياً له، والآخر يريد خروجاً بعد مرحلة انتقالية، في ضوء حل ما تفرضه العملية السياسية.
الولايات المتحدة تريد أن يغادر الأسد السلطة بعد العملية الانتقالية. وليس هناك من مانع لديها بهذه الفترة الانتقالية. فرنسا وبريطانيا لا يريدان أن يبقى الاسد أي لحظة. روسيا والصين يريدان بقاء الأسد. مع أن روسيا تقول انها غير متمسكة بأي اسم. لكنها منذ سنتين تقول هذا الكلام، وتتصرف بشكل معاكس. والخليج يريد مغادرته السلطة فوراً، وهيئة حكم انتقالية على أساس “جنيف 1”.
دي ميستورا سيستكمل لقاءاته السورية والدولية والاقليمية، في انتظار حصول ظروف مناسبة للحديث عن حل سياسي. وليس لدى الموفد الدولي تصور للحل، طبعاً الذي ينطلق من وثيقة “جنيف 1”، وهو المرتكز الأساسي في مسعاه.
يسأل دي ميستورا دائماً في مشاوراته عن التصور للحل. إنما السؤال يبقى في أن هناك نقاطاً غامضة في الوثيقة، فكيف يمكن عملياً تنفيذها، أي ما يتصل بمصير الأسد. قد يبقى دي ميستورا يسعى للحل حتى نهاية حزيران أي بالتزامن مع الظرف الدولي الاقليمي الذي يواكب توقيع الاتفاق الغربي مع إيران في 30 حزيران. ان مسعاه يتزامن مع مرحلة تمرير وقت دولي اقليمي، في انتظار بروز آفاق المرحلة المقبلة. اذا تمكن دي ميستورا من التوصل الى نتيجة إيجابية، فهذا سيشكل تحضيراً للمرحلة الجديدة، وان لم يتمكن، يعني أن جهوداً مرتقبة ستبذل مع ايران من خلال حوارها مع الغرب حول ملفات المنطقة بعد التوقيع على النووي، لتذليل ملف مصير الأسد.
الحسم على الأرض لا يزال صعباً. قد يكون ذلك وراء عدم تلقي دي ميستورا مواقف متقدمة من الأطراف كلها، ولا سيما ان الاتفاق النووي لم يوقع بعد. هناك مصادر تقول انه لن يحقق تقدماً جوهرياً، مع الاشارة الى أنه لن يتحاور مع “داعش” و”النصرة” لأنهما على لوائح الإرهاب الدولي.