IMLebanon

تردّي الاقتصاد ينقل العراقيين إلى بدائل مهجورة في البناء

Building_construction_in_Iraq
دفعت الأزمة الاقتصادية التي يعانيها العراق، الكثير من المواطنين إلى البحث عن بدائل في مختلف مناحي الحياة تقلص من الأعباء المالية في ظل تردي الأوضاع المعيشية. ولم تقتصر هذه البدائل على المأكل والمبلس بل تعدّت إلى السكن وعمليات البناء، لتنتشر في العراق مؤخراً ما يعرف شعبيا ببدائل البناء، من خلال الاستغناء عن الإسمنت والطابوق (مادة بناء مصنوعة من الطوب المحروق في أفران خاصة) وحتى حديد التسليح الجديد الذي تم استبداله بمستخرجات من البنايات المهدمة. ويقول أحمد عباس، صاحب أحد مكاتب البناء وبيع المواد الإنشائية في العاصمة بغداد، لـ”العربي الجديد”، إن الكثير من العراقيين بدأوا بالاعتماد على البدائل في بناء المنازل، بسبب ارتفاع أسعار المواد المستوردة مثل الإسمنت وحديد التسليح. ويوضح عباس أن سعر طن الحديد يصل إلى 603 آلاف دينار (500 دولار)، وطن الإسمنت المستورد إلى 175 ألف دينار (145 دولاراً). ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار جعل المواطن يبحث عن البدائل فوجد في الحجر الذي يجلب منالمناطق الجبلية، بديلاً عن الطابوق وكذلك الجص الأبيض المحلي (الجبس)، الذي ينتج في عدد من المحافظات بديلاً عن الإسمنت المستورد، وبهذا يتم استبدال جميع المواد مرتفعة الأسعار بأخرى بديلة ذات أسعار منخفضة.
ويلفت إلى أن سعر شحنة الحجر الذي يتم جلبه وتقطيعه من الجبال يراوح بين 250 ألف دينار و350 ألف دينار (ما بين 207 و290 دولاراً)، في حين يصل سعر الطابوق ويقاس بألف وحدة صغيرة إلى 400 ألف دينار (332 دولاراً).
ويؤكد أن البيت الصغير يحتاج إلى ما لا يقل عن 20 ألف قطعة طابوق، وهذه الأسعار تعتبر مرتفعة جدا وتكلف ملايين الدنانير لذوي الدخل المحدود، في حين أن الحجر يتكلف ربع هذه الأسعار.
ويضيف عباس أن اللجوء إلى هذه المواد البديلة كان ضعيفا في الفترات السابقة، لكن الأزمة المالية انعكست على قطاع البناء والعقارات، وبات الكثير يفضل الأسلوب القديم والرخيص في البناء.
وأصبح اقتصاد العراق على حافة الانهيار، بسبب الفساد المالي الذي أهدر عشرات مليارات الدولارات على مدار السنوات الماضية، خلال عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فضلاً عن مواجهة البلاد عجزاً مالياً بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وكلفة الحرب ضد “داعش”، الذي سيطر على مساحات واسعة غرب وشمال البلاد.

ووفق البيانات الرسمية، فإن الموازنة العراقية للعام الحالي 2015، تبلغ نحو 105 مليارات دولار، مسجلة عجزاً بنحو 21 مليار دولار.
وبحسب عاملين في قطاع البناء، فإن الاعتماد على البدائل تعدى الأحجار، وأصبح عاملون في القطاع يعتمدون على ما يعرف بـ”الحديد المشبك”، وهو عبارة عن الحديد المستخرج من المباني القديمة المهدمة والذي يعاد تدويره، حيث يتم تقطيعه إلى أجزاء صغيرة ويتم توصيلها ببعض عن طريق ربطها بقطع حديدة أخرى، لتصبح جاهزة لعمليات صب مواد الجص عليها في أسقف المنازل. ويقول الخبير الاقتصادي، عمر العبيدي، لـ”العربي الجديد”، إن لجوء العراقيين إلى البدائل يأتي بسبب الأزمة المالية وتوقف العديد من الشركات المحلية عن العمل، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الإنشائية المستوردة من الإسمنت والطابوق وحديد البناء. ويضيف العبيدي، أن البديل يوفر فارقاً كبيراً في الأسعار، ليصل بين الحديد الجديد ونظيره المعاد تدويره من المنازل القديمة إلى 400 دولار في الطن الواحد. ويتابع أن شح الأموال في السوق ولدى المواطنين، قوض حركة البناء، ودفع أصحاب المكاتب الخاصة بالبناء إلى توفير البديل، مؤكدا أن القدرة الشرائية للمواطن العراقي انخفضت خلال الأشهر الماضية بنسب كبيرة وحركة الأسواق تأثرت هي الاخرى بسبب تخوف الكثير من المواطنين مما ستؤول إليه أوضاع العراق مع كر وفر في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وتشير بيانات صادرة عن وزارة التخطيط العراقية مؤخرا، إلى بلوغ نسبة الفقر في العراق نحو 30%، بينما تقدرها مصادر غير رسمية بنحو 40% بما يعادل 10 ملايين شخص، وذلك بسبب الفساد المالي وموجة النزوح التي شهدها العراق أخيراً وتعطل 40% من طاقات العراق. وكان تقرير لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014، قد ذكر أن العراق يحتل المرتبة السادسة من بين الدول الأكثر فساداً في العالم. وبحسب تقارير للجنة المالية في مجلس النواب العراقي، فإن حجم الهدر المالي الذي تم خلال فترة حكم المالكي خلال نحو 9 أعوام ماضية، بلغ 109 مليارات دولار تم توجيهها لمشاريع أقرّتها الحكومة وتبين أنها وهمية، وأغلبها تم منحها لأقربائه وأصدقائه.