لم تتغير خريطة الصندوق الوطني المالية، لجهة استمرارية تراكمات العجز في فرعي الضمان الصحي والتعويضات العائلية، واستمرار وضعية تعويضات فرع نهاية الخدمة الذي يتمتع بموجودات تفوق 9000 مليار ليرة.
في التفصيل أن عجز فرع تعويضات الضمان الصحي (ضمان المرض والأمومة) المتراكم حتى نهاية العام 2014 يبلغ حوالي 435 مليار ليرة، وأن تغطية العجز في الفرع المذكور تتم من احتياطي فرع نهاية الخدمة، الذي يحتاج إلى قانون يسمح بهذه التغطية.
بالنسبة لفرع التعويضات العائلية فإن العجز المتراكم، على الرغم من تحسن النتائج وتحقيق الوفر خلال السنة الأخيرة، بلغ حتى الآن حوالي 361 مليار ليرة. بمعنى آخر أن هذه التراكمات من العجز للفرعين تقارب 800 مليار ليرة، وهي تبقى من دون معالجة جذرية، ويتم تغطيتها من فرع نهاية الخدمة، الذي يحتوي تعويضات المضمونين في الصندوق، والذي تتكون موجوداته من الاشتراكات المسددة من اصحاب العمل، ومن مبالغ التسوية التي تدفع لحساب المضمونين الذين يتركون العمل بسبب التصفية لبلوغ السن. أو بسبب الترك المبكر ويحصلون على تعويضات منقوصة تترواح بين 50 و75 في المئة من قيمة التعويضات، سواء نتيجة الترك المبكر أو الصرف قبل بلوغ السن او امضاء 20 سنة خدمة وما فوق.
بالنسبة لفرع نهاية الخدمة، وهو الفرع الأكثر ملاءة في الصندوق، فهو يتمتع باحتياطات كبيرة تصل إلى 9000 مليار ليرة، موظفة في القسم الأكبر منها في سندات الخزينة بالليرة اللبنانية لدى مصرف لبنان، بهدف تحقيق فوائد ومردود عليها، وقد باتت الفوائد التي تشكل القسم الأكبر لتمويل احتياطي الفرع بأكثر مما يتم تحقيقه من جباية الاشتراكات على هذا الفرع، عشرات مليارات الليرات، وهي تتحسن أو تتراجع وفقاً لحجم التقيد بالموجبات من قبل اصحاب العمل. بينما فاقت الفوائد المحققة لهذا الفرع أكثر من هذا المبلغ في بعض السنوات، عندما كانت معدلات الفوائد مرتفعة، بما يوازي حوالي 6000 مليار ليرة (حوالي 60 في المئة من هذه الاحتياطات، مقابل ايداع حوالي 40 في المئة في المصارف الخاصة بفوائد تخضع للعرض والطلب).
مع الإشارة الى أن قسماً من موجودات هذا الفرع غير معروفة الاصحاب، لعدم استفادة العمال وأصحاب العمل من فروقات فوائد التوظيف، نظراً لضىآلة مردود اصحاب العمل على الاشتراكات المسددة فعلاً والتي ينص عليها القانون. وهذا الأمر كان أكبر عندما كانت الفوائد على سندات الخزينة في السوق الثانوية أعلى من المعدلات الراهنة بشكل كبير. هذا الواقع أدى الى تراكم موجودات نهاية الخدمة المؤقت منذ العام 1965، بانتظار تطبيق نظام التقاعد والحماية الاجتماعية (وهو المعروف بضمان الشيخوخة والحماية الاجتماعية والذي يدرس منذ أواخر السبعينيات وكان موضع خلاف بين ممثلي اصحاب العمل والعمال على معدلات الاشتراكات ونسبة المعاش من الراتب وبالتالي قيمة الاشتراك على الفرع ومن سيدير هذا الفرع.
المتوجبات على الدولة
تبقى قضية أساسية، وهي مساهمة الدولة في نفقات الصندوق وتحديداً في فرع الضمان الصحي بنسبة 25 في المئة من نفقات الفرع، إضافة إلى الاشتراكات المسددة عن المتعاقدين والمتعاملين مع المؤسسات العامة وكان عددهم حوالي 11 الف متعاقد، قد يكون زاد قليلاً أو تراجع بفعل توقف التوظيف أو انخفاض التوظيف في الدولة.
وتبلغ ديون الضمان أو متوجبات الصندوق على الدولة حوالي 1120 مليار ليرة. وهذه المبالغ لو دفعت للصندوق لاستطاع تغطية عجز الضمان الصحي والتعويضات العائلة. تبقى إشارة إلى أن متوجبات الصندوق السنوية على الدولة تقدر حالياً بحوالي 300 مليار ليرة بصفتها صاحب عمل ومساهمة في فرع المرض والأمومة، وتشمل هذه المبالغ تغطية قسم من تقسيط التراكمات على الدولة. مع الإشارة إلى ان الدولة متوقفة عن دفع مستحقات الصندوق عن العام 2015 ولم تسدد أياً من متوجباتها.
أما ديون الصندوق على القطاع الخاص فهي تقارب وتزيد عن الديون المتوجبة على الدولة في حال احتساب نسبة الاشتراكات المكتومة والعمال المكتومين والمؤسسات المتهربة وغير المسجلة، والتي تفوق 20 في المئة، نتيجة الفراغ في الصندوق على صعيد مراكز القرار في المديريات والمصالح المشغولة بالتكلف أو الوكالة أو المؤقت. وهذا سبب اضافي في تعزيز الهدر وغياب الحد الأدنى من شفافية العمل ودقة المراقبة في نشاط الصندوق الذي يعاني العجز انطلاقاً من تركيبة مجلس الإدارة وصولاً إلى غياب الهيكلية الإدارية التي تحدد الصلاحيات بشكل دقيق للمراكز والادارات.