IMLebanon

الدولار يستأنف الصعود بعد فصل الربيع المتقلب

Dollar4
روبن ويجلزويرث وكاتي مارتن

هذا العام صعد مؤشر يتتبع العملة الأمريكية إلى أعلى مستوى منذ 12 عاما، بعدما قضم الدولار جزءا كبيرا بشكل خاص من قيمة اليورو، قبل أن يصطدم بمطب كبير أثَّر في سرعته.

هناك اختلاف في تفسيرات توقفه المفاجئ، لكن بيانات أمريكية مخيبة للآمال وشعور مزعج بأن الدولار ببساطة ارتفع فوق الحد بشكل أسرع مما ينبغي كان له دور في ذلك. وانخفض مؤشر الدولار أكثر من 7 في المائة خلال الشهرين اللذين أعقبا بلوغه الذروة في منتصف آذار (مارس).

لكن الدولار تجاهل النكسة وبدأ بتعويض بعض الخسائر في ربيع هذا العام. واندفع مؤشره بنسبة 3.1 في المائة الأسبوع قبل الماضي – أفضل أداء له منذ نحو أربع سنوات – ثم عاد وارتفع مجددا بنسبة بلغت 1.1 في المائة الأسبوع الماضي. وإذا سجل بداية قوية في حزيران (يونيو) فإن مؤشر العملة الأمريكية سيلامس العلامة 100 مرة أخرى.

ويتوقع محللون ومستثمرون استمرار الدولار في استعادة نشاطه خلال أشهر الصيف، وإن لم يكن بالضراوة التي شوهدت في بداية العام.

يقول بول لامبيرت، وهو مستثمر عملات في “إنسايت إنفيستمنت” في لندن “بينما كان الجميع يقولون قبل ثلاثة أشهر إنه العملة الوحيدة التي يريد أي شخص امتلاكها على الإطلاق. الآن يعتقد الناس أنه سيعود بهدوء إلى المناطق المرتفعة”. وأضاف “إنه يعود إلى موقع الحظوة، لكنه ليس محبوبا كما كان”.

وبالتأكيد كان يحظى بحب كبير حين انطلق عام 2015. وبدعم من توقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية تمكن من سحق اليورو ودفعه من نحو 1.21 دولار في بداية كانون الثاني (يناير) إلى أقل من 1.05 دولار في آذار (مارس). وكان هذا انخفاضا هائلا في عالم العملات الكبيرة الذي عادة ما يكون أبطأ وأكثر ثباتا، وهو أيضا انخفاض يتجاوز إلى حد كبير توقعات كثير من المحللين للضعف الذي يمكن أن يصيب اليورو على مدى عام كامل.

جانب اليورو من المعادلة قام أيضا بوضوح ببعض العمل الشاق: برنامج شراء السندات بأكثر من تريليون يورو، الذي أعلن عنه البنك المركزي الأوروبي في كانون الثاني (يناير) وبدأ تطبيقه في أوائل آذار (مارس)، شكل حافزا مثاليا للمستثمرين للتخلص من اليورو وشراء الدولار. الين أيضا منخفض، وهو يجرجر أذياله بفعل برنامج التسهيل الكمي الذي يطبقه بنك اليابان الذي هو حتى أكبر من البرنامج الأوروبي.

وخلال فترة قصيرة نسبيا، بدأ هذا بإيذاء الولايات المتحدة وإثارة قلق صناع السياسة. وأبلغت الشركات الأمريكية عن انخفاض الإيرادات من المبيعات في الخارج، وتزايدت المخاوف بشأن العائق المحتمل للتضخم من انخفاض تكاليف الاستيراد، وهو مأزق يمكن أن ينتهي بدحر وتيرة رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. الأهم من ذلك، انخفضت البيانات الاقتصادية الأمريكية وقصَّرت عن بلوغ التوقعات الفوارة، خاصة بيانات التوظيف.

ونتيجة لاقتران ذلك مع تعاملات متوسعة للغاية واندفاع قوي في الأصل، فإن هذا حفز بعض المحللين والمستثمرين لإعادة التفكير في وجهات نظرهم.

وفي دعوة جيدة التوقيت، قبل أن يتوقف صعود الدولار في أوائل نيسان (أبريل)، ألغى ديفيد بلوم، رئيس استراتيجية العملات في بنك HSBC، توصيته على المدى الطويل بأن يشتري المستثمرون العملة الأمريكية. ويتوقع الآن أنها ستنخفض وصولا إلى 1.10 دولار لليورو بحلول عام 2016.

ويعتقد كثير من المحللين والمستثمرين أن التصحيح الأخير و”تنظيف” بعض الرهانات الصاعدة يوفر نقطة جيدة للقفز والعودة مرة أخرى إلى تداولات الدولار العظيمة، قبيل الرفع المتوقع لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا الخريف.

نشر أرقام العمالة الشهرية الأمريكية في نهاية الأسبوع الجاري يلوح في الأفق باعتباره عنصرا أساسيا للمعلومات التي من شأنها تحديد مدى انتعاش الدولار في الآونة الأخيرة.

وبحسب الوضع الحالي، بيانات التضخم الأخيرة ساعدت على ترسيخ توقعات بأن البنك المركزي سيرفع تكاليف الاقتراض هذا العام.

وارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأساسية في الولايات المتحدة بنسبة 0.3 في المائة في نيسان (أبريل)، وهي أكبر زيادة شهرية منذ كانون الثاني (يناير) 2013، وهو الأمر الذي أخذ المعدل السنوي إلى نسبة متفائلة بلغت 1.8 في المائة.

وبحسب كيت جوكز، وهو مختص في استراتيجية الاقتصاد الكلي في بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي “الشيء الأكثر أهمية، التغيير من نيسان (أبريل)، هو أن هناك الآن ما يكفي في البيانات الأمريكية لتلتحم المشاعر حول فكرة أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر)”.

ردا على ذلك، ارتفع الدولار الأسبوع الماضي ليعود إلى 1.08 دولار مقابل اليورو وبلغ 124 ينا، وهي أعلى نقطة مقابل العملة اليابانية منذ عام 2002 – حتى من دون أي إشارة إلى أن البنك المركزي الياباني كان في عجلة من أمره لتخفيف السياسة النقدية مرة أخرى.

ويقول محللون “إن مزيدا من المكاسب يلوح في الأفق”. لامبيرت، من “إنسايت إنفيستمنت”، يعتقد أن الدولار سيصل “بسهولة” إلى 130 ينا هذا العام، بينما يتوقع محللو “دويتشه بانك” أن عملة الاحتياط العالمية ستصل “على الأقل” إلى مستوى التعادل مع اليورو بحلول نهاية العام.

وكتب كل من جورج سارافيلوس وألان راسكين، من “دويتشه بانك”، “لن يكون الدولار القوي بعد الآن مدفوعا بالتخفيف في بقية العالم مقابل بنك الاحتياطي الفيدرالي الساكن، لكن من خلال التشديد في الولايات المتحدة مقابل البنوك المركزية السلبية في أماكن أخرى”.

ستيفن جين، وهو مدير صندوق تحوط، يعتبر أكثر تفاؤلا. يقول “في أسوأ الأحوال، الدولار يمكن أن يكون محصورا في نطاق ضيق لفترة أطول، اعتمادا على البيانات. لكن أعتقد أن استئناف رفع قيمته على نطاق واسع هو أكثر احتمالا بكثير مما سواه”.