استؤنفت أمس الإثنين في مدينة بون الألمانية الجهود للتوصل إلى اتفاق عالمي حول مكافحة ارتفاع درجات حرارة الأرض في إطار دورة من المفاوضات المرحلية قبل اقل من مئتي يوم على مؤتمر باريس.
واعلن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في بداية الاجتماع ان فرنسا تريد «تمهيدا لاتفاق» حول المناخ في تشرين الأول/أكتوبر قبل المؤتمر الذي سيعقد في باريس في كانون الأول/ديسمبر.
وقال فابيوس «قبل مئتي يوم على المؤتمر الحادي والعشرين يجب ان يشكل كل لقاء خطوة اضافية على طريق اتفاق»، داعيا الوفود إلى القيام بخيارات خلال هذا اللقاء.
وإلى جانب فابيوس، الرئيس المقبل لمؤتمر المناخ الدولي الحادي والعشرين، اطلقت اعمال الاجتماع الذي يستمر حتى 11 حزيران/يونيو كريستينا فيغويريس مسؤولة المناخ في الامم المتحدة، ووزير البيئة في البيرو مانويل بولغار فيدال الذي ترأس المؤتمر العشرين في ليما.
وقال فابيوس ان «الهدف اذا هو ان نتوصل إلى تمهيد لاتفاق اعتبارا من اكتوبر»، موضحا انه «لدينا الآن مشروع اتفاق لكنه نص طويل ولا يتضمن خيارات حول عدة نقاط».
ويشير فابيوس بذلك إلى نص اعد في شباط/فبراير الماضي في جنيف ويقع في اكثر من ثمانين صفحة وستعمل الوفود الآتية من 195 بلدا عليه. وهو يضم مجموعة خيارات تبدو احيانا غير واضحة او متناقضة مما يؤكد ضرورة البدء في توضيحها.
واعلن فابيوس ان فرنسا ستنظم اجتماعين على مستوى وزاري في باريس في 20 و21 تموز/يوليو والسابع من ايلول/سبتمبر «ليتاح التقدم حول مسائل اكثر حساسية».
وقال ماتياس سوديبيرغ رئيس وفد تحالف «آكت» الذي يضم كنائس ومنظمات من 140 بلدا في بيان انه «اذا تم الابقاء على اكثر الفقرات طموحا، فسنتوصل إلى اتفاق يمكن ان يشجع تحولا شاملا باتجاه مستقبل اخضر +بكربون منخفض+ ودائم». واضاف ان «اتفاقا كهذا سينقذ ارواحا وسيحد من مخاطر اندلاع نزاعات ويعزز النمو والتنمية المستدامة».
لكن الخبير الاقتصادي البريطاني نيكولاس ستيرن رأى ان «الطريق ما زالا طويلا» قبل التوصل إلى توافق حول القواعد التي ستنظم مكافحة الاحترار اعتبارا من 2020، داعيا إلى اعادة توجيه الاستثمارات إلى تقنيات وبنى تحتية ذات انبعاثات قليلة لثاني اكسيد الكربون، الغاز الرئيسي الذي يسبب ظاهرة الاحتباس الحراري (الدفيئة).
وفي لب المفاوضات مواضيع معقدة من بينها حجم خفض الغازات المسببة لمفعول الدفيئة في الجو، بحيث لا يتجاوز ارتفاع حرارة الارض درجتين مئويتين، وكيف يمكن الطلب من كل الدول بذل جهود، مع اخذ الاحتياجات المتزايدة للدول الناشئة والنامية للطاقة؟ ومن بين المواضيع ايضا كيف يمكن صياغة اهداف للمساعدة على التكيف مع حالات الخلل المناخية من التصحر إلى ارتفاع مستوى مياه البحار… وما هي التحركات المطلوبة حتى دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 2020؟
من جهة اخرى، وبينما تكشف الدول تدريجيا اهدافها الوطنية المتعلقة بخفض انبعاثات غازات الدفيئة لعامي 2025 او 2030، تتناول المفاوضات ايضا طريقة التحقق من تطبيقها وإمكانية زيادة الطموحات في السنوات المقبلة مع تغير التقنيات وكلفتها.
وقالت المفاوضة الفرنسية لورانس توبيانا «ما زلنا بعيدين عن مسار الدرجتين مئويتين»، وذلك استنادا إلى الإعلانات الأولى ونوايا الذين سينشرون تعهداتهم قريبا.
وحاليا، اعلنت 37 دولة بينها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا وكندا والمكسيك «مساهماتها الوطنية» في خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة. لكن الصين، أكبر دولة مسببة للتلوث، ستفعل ذلك قريبا شانها في ذلك شأن أستراليا والبرازيل واليابان.
وقالت توبيانا «هناك حاجة لبث الطمأنينة بشأن الجانب غير العقابي للتقييم، والطريقة التي يمكن عبرها الجمع بين النمو والاهداف المناخية».
ورأت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ان التخلي عن الطاقة الاحفورية (طاقة الفحم والنفط والغاز) خصوصا الفحم امر ملح مؤكدة ضرورة الاستثمار في مصادر طاقة فعالة لفك الارتباط بين النمو والغازات المسببة للمفعول الدفيئة.
واخيرا، لا تزال مسألة التمويلات العامة لخفض الغازات المسببة لمفعول الدفيئة والتكيف مع آثار الاحترار المناخي، صعبة اذ ان دول الجنوب وخصوصا الفقيرة جدا منها والجزر الصغيرة، تطالب الشمال بتعهدات واضحة.
وفي هذا الاطار يمكن لمجموعة السبع التي ستجتمع في السابع والثامن من حزيران/يونيو في ألمانيا ان تعطي دفعا للمفاوضات.