بدأت ملامح أزمة بسوق الأرز في السعودية بعد ارتفاع الأسعار المحلية في الوقت الذي تنخفض فيه عالميا، ما دفع خبراء إلى اتهام بعض المستوردين والتجار باستغلال السوق مع قرب شهر رمضان، وخصوصاً أن السعودية تعتبر المستهلك السادس عالمياً للأرز. وارتفعت واردات السعودية من الأرزّ إلى 1.5 مليون طن في شهر مارس/آذار الماضي، مقابل 1.3 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي، بارتفاع 200 ألف طن لتتقدم السعودية إلى المركز السادس عالمياً بين أكبر مستوردي الأرز في العالم، وذلك بعد أن كانت في المركز السابع، بحسب التقرير الشهري لمجلس الحبوب العالمي، وجاءت الصين في مقدمة دول العالم المستوردة للأرز بـ3.9 ملايين طن هذا العام، تلتها نيجيريا بـ 3.4 ملايين طن، وإيران في المركز الثالث عالميا بـ 1.8 مليون طن، والفلبين بـ 1.7 مليون طن، ثم بنين في المركز الخامس بـ 1.6 مليون طن. ويؤكد الخبير الاقتصادي، سعد المبدل، لـ”العربي الجديد”، أن مستوردي الأرز في السعودية يتجاهلون الأسعار العالمية ويرفعونها محلياً بهدف تحقيق أرباح إضافية. ويضيف، أن ارتباط السوق المحلي بالعالمي هو لصالح المستورد، فإذا ارتفعت الأسعار عالمياً زادت محلياً، ولكن لا يحدث هذا في حال الانخفاض مثلما حدث في أسعار الأرز.
وتتراوح أسعار الأرز في السعودية لعبوة 40 كيلوغراماً حالياً بين 285 ريالاً (78 دولاراً) و320 ريالاً (85 دولاراً)، على الرغم من أنها كانت تباع قبل نحو خمسة أعوام بأقل من 145 ريالاً (39 دولاراً) لعبوة 45 كيلوغراماً.
وأوضح تقرير مجلس الحبوب العالمي أن هناك تراجعاً عالمياً في أسعار الأرز بنسبة وصلت لأكثر من 10% خلال شهر مارس/آذار الماضي، وفيما يتوقع المجلس انخفاض الطلب على الأرز ما يؤدي للمزيد من الانخفاض في الأسعار، واصلت الأسعار المحلية ارتفاعها بنسبة تجاوزت 8%، حسب تجار.
ومع تراجع سعر الأرز الهندي الذي يعد المورد الأول للسعودية، بقيمة 50 دولاراً للطن منذ مطلع العام 2015 وبنسبة تجاوزت 40% خلال الـ12 شهراً الماضية، ارتفع محلياً بأكثر من 22 دولاراً، وهو حال الأرز الباكستاني الذي يعتبر المورد الثاني للأرز في السعودية والذي انخفضت أسعاره بنحو 45 دولاراً مقابل ارتفاع محلي تجاوز 18 دولاراً، حسب تجار.
ويشدد المبدل على أهمية وضع استراتيجية عامة لشراء السلعة الرئيسية، تهدف لتحقيق استقرار في سعر الأرز عن طريق التخزين الاستراتيجي لكميات منه تكفي السوق المحلي لعام أو عامين وبالتالي يمكن القضاء على ارتفاع أسعار الأرز محلياً، وتجنب استغلال المستوردين الذين يرفعون الأسعار بشكل مستمر خاصة مع قرب شهر رمضان.
ويضيف: “ما زلنا بحاجة لجمعيات استهلاكية يكون هدفها توفير السلع من بلد المصدر، دون المرور على مستورد يقوم بإضافة 100% من القيمة ليحقق أرباحاً بالمليارات على حساب المواطنين، من غير المعقول أن تنخفض الأسعار في الهند 40% ومع ذلك تستمر في الارتفاع بالسعودية”.
وانتقد المبدل غياب وزارة التجارة التي تصر على عدم التدخل في عملية تحديد الأسعار، رغم من أن الدولة تدعم سعر الأرز بمبلغ ريال عن كل كيلوغرام، وبالتالي يذهب لحسابات المستوردين وليس المستهلكين.
من جانبه، يؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك، ناصر التويم، على أنه يستغرب من عدم استجابة الأسواق السعودية لانخفاض أسعار السلع الغذائية عالمياً، بعد تراجع أسعار النفط.
ويقول إن “معظم العوامل الاقتصادية تدفع نحو انخفاض أسعار الغذاء، ومنها انخفاض أسعار النفط وزيادة مخزون كثير من المواد الغذائية لدى التجار والموزعين”، وحمل التويم مسؤولية عدم تراجع أسعار السلع الغذائية في السعودية، للتجار والجهات الرقابية.