Site icon IMLebanon

احتجاجات الحوض المنجمي تخنق تونس اقتصاديا

Gafsa-Tunisia
تعتصم زهرة اتليجاني وعاطلون آخرون منذ اشهر في خيام على طريق بمدينة المظيلة في “الحوض المنجمي” الغني بالفوسفات وسط غرب تونس للمطالبة بتوظيفهم في “شركة فوسفات قفصة” التي تعطل نشاطها مع تصاعد الحراك المطلبي الاجتماعي.

وأكدت زهرة (38 عاما) انها معتصمة منذ أكثر من أربعة اشهر في المظيلة التي توجد فيها وحدة رئيسية لإنتاج الفوسفات.

وقالت “نحن باقون هنا، لن نغادر المكان الا بعد تلبية مطالبنا ولو تطلب الأمر سنتين من الاعتصام، لا بد ان نحصل على خيرات بلادنا”.

يتكون الحوض المنجمي من اربع مدن هي المظيلة والرديّف وأم العرائس والمتلوي التي تتبع اداريا ولاية قفصة، وهي منطقة استراتيجية بالنسبة للاقتصاد التونسي ولكن ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر.

والأحد استأنفت شركة فوسفات قفصة المملوكة للدولة إنتاجها بصورة جزئية بعد ان كان معطلا تماما منذ نحو شهرين في كامل مدن الحوض المنجمي، اثر تعهد الحكومة بتوظيف 1500 عاطل في الشركة.

لكن الانتاج بقي معطلا في المظيلة على الرغم من تنازلات من الحكومة اعتبرها المعتصمون غير كافية.

وشركة فوسفات قفصة هي المشغل الرئيسي في ولاية قفصة حيث تشمل البطالة ربع سكانها ممن هم في سن العمل.

في 2008 شهد الحوض المنجمي انتفاضة إثر تزوير نتائج مسابقة توظيف بالشركة قمعتها شرطة نظام الرئيس زين العابدين بن علي وسقط خلالها اربعة متظاهرين قتلى، ثلاثة في الرديف وواحد في ام العرايس.

وكان الفقر والبطالة من الاسباب الرئيسية للثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام بن علي.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة على تونس منذ 2011 من الحد من معدلات الفقر والبطالة بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادي.

ومنذ 4 سنوات، تعيش منطقة الحوض المنجمي على وقع اعتصامات واحتجاجات لسكان يعطلون نشاط شركة فوسفات قفصة للمطالبة بتوظيفهم.

وفي كل مرة يتكرر السيناريو: ترفض الحكومة بادئ الامر مطالب المحتجين ثم توظفهم فيرتفع الانتاج ببطء، قبل ان يأتي حراك جديد يشل الإنتاج الى حين حصول وعود بانتدابات جديدة.

وكانت حصيلة نشاط شركة فوسفات قفصة سلبية خلال الاشهر الخمسة الاولى من 2015 إذ لم تنتج سوى 650 ألف طن من الفوسفات في حين كان المبرمج أكثر من مليونيْ طن بحسب علي الهوشاتي مدير مصلحة الاتصال بالشركة.

ويشغل قطاع الفوسفات في قفصة 30 الف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.

وكانت العائدات المالية لتصدير الفوسفات تمثل 10 بالمائة من اجمالي ايرادات صادرات تونس.

وفي 2010 انتجت تونس أكثر من 8 ملايين طن من الفوسفات لكن الانتاج تراجع الى 2.2 مليون طن سنة 2011 و2.6 مليون طن في 2012 و3 ملايين طن في 2013 و3.5 ملايين طن سنة 2014 بحسب احصائيات رسمية للشركة.

وقال علي الهوشاتي ان الشركة “قامت بما تستطيع فعله” بتوظيف أكثر من 3 آلاف شخص منذ 2011 وحتى اليوم داعيا إلى الاستثمار في قطاعات بديلة “لتخفيف العبء” عن شركة فوسفات قفصة خاصة وان المنطقة “غنية بثروات طبيعية اخرى”.

لكن عاطلين عن العمل مثل الخريج الجامعي هاشم مبروك (33 عاما) لا يريدون سماع مثل هذا الكلام.

وقال هاشم المعتصم منذ اشهر في المظيلة للمطالبة بتوظيفه في شركة فوسفات قفصة “الآفاق هنا منعدمة، نحن لا مطلب لنا غير التشغيل”.

وقالت زهرة اتليجاني “كل مرة نحاول فيها إيصال اصواتنا (الى المسؤولين) يتم تهديدنا بالشرطة والسجن”.

ويقر ابراهيم السحيمي الناشط النقابي في مدينة المتلوي أكبر مدن الحوض المنجمي سكانا بـ”مشروعية” المطالب الاجتماعية لأهالي المنطقة لكنه يرى انه “لا بد من الاخذ بعين الاعتبار مصلحة شركة فوسفات قفصة والدولة”.

وقال النقابي “الوضع الاجتماعي متدهور وخطير، ويتأزم من يوم لآخر، ولا يجب ترك الشركة تنهار”، متهما السلطات بـ”الصمت”، وهو أمر نفاه كمال الجندوبي الوزير المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني في حكومة الحبيب الصيد التي عهدت اليه مؤخرا بالدخول في مفاوضات مع المحتجين في الحوض المنجمي.

وقال الجندوبي انه يتعين تغيير المنوال الاقتصادي لمحافظة قفصة القائم فقط على الفوسفات لكنه اقر بأن ذلك يحتاج “وقتا” و”صبرا”.

واضاف “على المدى الطويل يجب التفكير مع السكان ومختلف الهيئات (غير الحكومية) وطبعا الدولة في وضع منوال تنموي جديد”.

وافاد “في المدى القصير نحن ندير الامور المستعجلة. نحن بصدد بناء جسور من اجل حوار يزيل سوء الفهم” لدى المحتجين في الحوض المنجمي مقرا بأن “هؤلاء الناس لم تعد لديهم ثقة في كلام الدولة”.