IMLebanon

«أوبك» تواجه حرباً على حصّتها في السوق

OPECMarketOil

كامل عبدالله الحرمي
يعقد وزراء النفط في دول منظمة «أوبك»، في فيينا بعد غد اجتماعهم الدوري، وهو الأول بعد اجتماعهم الدوري الأخير الذي عقدوه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وكان اجتماعاً تاريخياً إذ تخلّت فيه المنظمة عن تنظيم الإمدادات النفطية العالمية وترتيبها وإدارتها، أو بكلمات أخرى، تخلّت عن دورها القيادي في ضمان استقرار أسعار النفط، تاركةً هذا الدور التاريخي المهم للأسواق والبيوت المالية والمضاربين حتى إشعار آخر. ويبدو أن اجتماع بعد غد لن يكون طويلاً، بل قصيراً في غياب مطالبات الأعضاء المختلفين، خصوصاً بخفض الإنتاج وإعادة الدور التاريخي إلى «أوبك»، في ظل الأسعار الحالية التي تفوق ما متوسّطه 60 دولاراً للبرميل. وهذا السعر المتوسط مقبول في ظل الظروف الحالية، وأفضل بكثير من سعر 45 دولاراً الذي بلغه البرميل قبل ثلاثة أشهر. فاليوم، تستطيع كل دولة عضو أن تنتج كل ما تملك وتستطيع إنتاجه من النفط القابع تحت الأرض من دون شروط، باستثناء الشرط المهم جداً المتمثل بإيجاد أسواق تتقبل وتشتري حتى لو حصل الدفع بعد ثلاثة أو ستة أشهر. وهذا هو المطلوب حالياً، أي استمرار التدفقات النقدية.
وبلغ إنتاج المنظمة 31 مليون برميل في نيسان (إبريل) الماضي، بزيادة مليون برميل عن سقف الإنتاج المقرّر، فكل عضو في المنظمة البترولية يحارب ويكافح للحفاظ على حصته وزيادتها بمقدار الإمكان في أسواقه التقليدية بتقديم كل أنواع المغريات، سواء زيادة العلاوات والحسوم وفترات الدفع أو تعديل مزيج النفط من خفيف ومتوسط وثقيل.
ويبدو الأعضاء متّفقين على ألا داعٍ للدخول في معارك خفض الإنتاج بين بعضهم بعضاً، لأن الظروف الحالية ليست في صالح المنظمة، ولأن أي زيادة في سعر النفط ستصبّ في صالح منتجي النفط الأعلى كلفة، خصوصاً النفط الصخري، علماً أن منتجي هذا النفط لم يتأثروا كثيراً بانخفاض الأسعار العالمية، فعلى رغم عدم قدرة الغالبية منهم على التعامل مع ضعف الأسعار، استطاعوا هم أنفسهم إقناع مالكي الأسهم في شركاتهم وبعض البيوت المالية والمصارف، بتمديد فترات القروض، ما يعني زيادة الثقة في النفط الصخري وأنه باقٍ وينافس، وأن معدل كلفة الإنتاج انخفض في شكل كبير بالتزامن مع انخفاض الأسعار العالمية، فبات النفط الصخري قادراً على المنافسة حتى مع أسعار عالمية تتراوح بين 50 و60 دولاراً للبرميل. ولهذا، لا فائدة من خفض «أوبك» الإنتاج، ولا بدّ لها من التركيز على زيادة القدرة الإنتاجية وزيادة الحصص في السوق والحصول على أسواق جديدة.
لكن مع تخلّي «أوبك» عن مكانتها في إدارة إمداد أسواق النفط وتركه للبيوت المالية والمضاربات اليومية، وغيرها من العوامل غير المرتبطة بأساسيات العرض والطلب، ارتفعت الأسعار العالمية أخيراً من دون تدخّل «أوبك»، وعلى رغم زيادة المنظمة إنتاجها من النفط، إذ أنتجت السعودية بأعلى مستوى لها عند أكثر من 10.3 مليون برميل يومياً، فيما وصل إنتاج العراق إلى نحو 3.4 مليون، مع استمرار بقية أعضاء المنظمة في زيادة الإنتاج.
لكن، هل المنظمة راضية عن المعدل السعري الحالي؟ وهل يمكن تفعيل آلية خفض الإنتاج؟ وهل الآلية فعلاً لصالح المنظمة حتى مع انضمام دول من خارج المنظمة النفطية إلى الخطوة، مثل روسيا والمكسيك؟ سيعني الأمر تلقائياً زيادة في إنتاج النفوط الأعلى كلفة، مثل النفط الصخري ونفط المياه العميقة والنفط الرملي، لأن زيادة كل دولار على سعر البرميل ستشجّع على زيادة إنتاج النفوط الأخرى، ما قد يعني خسارة «أوبك» جزءاً من حصتها في الأسواق العالمية، والتي ما زالت تمثل تقريباً 33 في المئة من إجمالي استهلاك العالم من النفط، إلا إذا زاد معدل الطلب العالمي على النفط بقوة ونما بأكثر من 1.5 مليون برميل يومياً.
مؤكد أن المنظمة العالمية لن تهتمّ بهذه الأسئلة بعد غد، وستتركها إلى الاجتماعات الوزارية المقبلة طالما أن أسعار النفط تحسّنت وأصبحت أفضل الآن من 45 دولاراً للبرميل. هي قررت ترك أمر أسعار النفط للاعبين آخريين. وهذا نجاح آخر لـ «أوبك». لكن الطريق أمام المنظّمة لا تزال طويلة.