كان حزب الله قد وضع خطة من ثلاثة بنود تشكل وحدها المخرج الممكن لتلافي العملية العسكرية في جرود عرسال:
1 ـ الفصل بين بلدة عرسال وجرودها.
2 ـ تفكيك مخيمات النازحين في محيط البلدة وتوزيعها بنحو مدروس على مناطق أخرى.
3 ـ أن يسيطر الجيش وينتشر في جرود عرسال كلها داخل الحدود اللبنانية وتفكيك البنية التحتية لهذه التنظيمات.
لكن “حزب الله” لم ينتظر ما ستقرره الحكومة اللبنانية في جلستها المحددة امس لبحث ملف أزمة عرسال وجرودها، فاقتحم الجرود محرزا تقدما على أكثر من جبهة فيما بدا أنه عمليات تمهيدية لهجوم أوسع مرتقب خلال ساعات.
وكانت عمليات حزب الله العسكرية تقتصر بشكل أساسي على داخل الأراضي السورية، وبالتحديد في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، إلى أن أعلن يوم أمس عن تمددها إلى جرود عرسال اللبنانية حيث تتمركز أعداد من المسلحين من تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش”. وأوضحت مصادر مطلعة على مجريات المعركة أن العمليات التي نفذها حزب الله في جرود عرسال هدفها مسك المفاتيح الرئيسية للمنطقة لتسهيل عملية التطهير بالمعركة الرئيسية المرتقبة على ضوء ما ستقرره الحكومة سيتم تحديد موعد انطلاق المعركة الرئيسية.
“حزب الله” بدأ هجومه من الجرود الممتدة بين عرسال ورأس المعرة السورية، من محورين أساسيين: الأول من الجهة الجنوبية، وتحديدا من جرود بلدتي نحلة ويونين التي طهرت في المرحلة السابقة، والثاني من الجهة الشرقية من جرود فليطة ورأس المعرة في القلمون. وبحسب المصادر الميدانية، سيطرت المقاومة صباحا على مرتفعات الشروق الاستراتيجية. وسمحت السيطرة على التلال المرتفعة بكشف كامل سهل الرهوة ووادي الخيل ووادي أطنين، حيث يوجد قياديو «النصرة»، وبينهم أميرها في القلمون أبو مالك التلي.
ومع هذا التطور الميداني المتمثل بالسيطرة، على نحو 80 كيلومترا مربع ا من أصل 200 كلم2 تسيطر عليها «النصرة» من جرد عرسال (200 كلم2 تسيطر عليها «داعش» ولم تشملها المعارك، يصبح الإمساك بكامل الجرد الممتد من حدود مرتفعات الأمهزية (مقراق) ويونين ونحلة ورأس المعرة (السورية)، إلى خربة يونين في وسط الجرود العرسالية، وخط التماس بين «النصرة» و«داعش»، «مسألة وقت ليس إلا» حسب مصدر أمني معني في منطقة البقاع الشمالي.
وتشير المصادر الى أن توقيت الهجوم يشير إلى أن “حزب الله” اختار لحظة سياسية مناسبة، ترافقت مع “الشلل المبدئي” للحكومة، ووجود رئيسها خارج البلاد، وفي ظل أجواء الاسترخاء التي عكستها زيارة رئيس حزب القوات سمير جعجع للنائب ميشال عون، بعد أن كان حزب لله قد احتوى موجة الهجوم السياسي والإعلامي الأولى عليه الأسبوع الماضي. كذلك، فإن أجواء من الاسترخاء سيطرت على الإرهابيين المنتشرين في الجرود في الأيام الماضية، في ظل مؤشرات لبنانية، رسمية وسياسية وحزبية، واتصالات إقليمية مكثفة، أوحت للمسلحين بأنه لا غطاء لعملية عسكرية في عرسال، إضافة إلى أن المفاوضات المكثفة حول العسكريين المخطوفين أعطت انطباعا أن عملية التبادل تشكل ورقة تعوق نية الحزب القيام بأي عمل عسكري. وفي البعد السياسي للمعركة، تقول مصادر مقربة من حزب الله ان الحزب بدأ عمليا السيطرة على جرود عرسال، موجها «رسالة» للرئيس سعد الحريري مفادها، «إن كنت تنتظر فانتظر لوحدك، فهذا الأمر لا يعنينا». طبعا الإرباك في تصريحات وزير الدفاع سمير مقبل وإنكاره، لن يغير شيئا من الوقائع على الأرض، المقاومة وضعت «خارطة طريق» لتحرير كامل الجرود اللبنانية، هذا الأمر لم يعد قابلا للتأويل، والأهم فيما حصل بالأمس أن من يهمهم الأمر لمسوا بالدليل القاطع أن توقيت العمليات مرتبط فقط بأجندة وضعها «المجلس الجهادي» في المقاومة عقب حصوله على ضوء أخضر من القيادة السياسية، ولا معنى لأي تحرك يقوم به رئيس الحكومة ومعه رئيس الوزراء الأسبق.